الاثنين، يونيو 30، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))


الفصل الثاني


حور والعصابة الخماسية 




      دخلت الخادمة إلى المطبخ، فوجدت حور تقوم بطهي الغداء، فدفعتها جانبًا بلطف، وقالت لها:
-
ماما روحي يقعد، أنا يسوي غدا.

    دخل مشعل عليهما، وقال للخادمة:
-
انا جايبج عشان شغل البيت مو عشان الطبخ.

     وضعت الخادمة سبابتها على جانب رأسها، وقالت له:
-
كيفي! انا يطبخ .. يغسل .. ياكل .. يشرب ! .. زين بابا!!
- اللهم طولج يا روح ! خلاص زين.

    غادر مشعل المطبخ. فنظرت الخادمة الى حور بوجه باسم، فضحكا، وشكرتها على وقفتها معها.

     وحين انتهت الخادمة من الغداء .. واحضرته إلى الصالة .. كان مشعل متردّدًا في تناوله، خوفًا من أنها لا تجيد الطبخ، لكن نظرات الخادمة جعلته يأكل مرغمًا. وما أن تناول أول لقمة حتى شعر بالاعجاب! فقال:
-
الله !!! معقوله هذا طبخج يا .... صج شسمج؟
-
- أماجي.
-
اسمج غريب! المهم ما علينا .. بصراحه طبخج روعه روعه روعه. صكيتي على طبخ هالثولة.

     حدت أماجي النظر إلى مشعل، وقالت له:
-
ثولة؟ بابا انا يحب حور، لا يقول عنها ثولة!!!

نظر مشعل إلى حور، ثم التفت ناحية الخادمة، وقال:
-
انا اسف .. ارتحتي؟

ابتسمت برضا، ثم قالت وهي تشمر عن ساعديها:
-
يالله بابا .. حور حبيبتي ... يسوي ياكل.. دقي خمسه ههه

نظر مشعل وحور إلى بعضهما باستغراب شديد، ثم ضحكا.


قال مشعل:
-
انتي الظاهر عارفه علومنا كلها.

    اجابت بزهو:
-
اي بابا انا يعرف علومكم ورياضياتكم واجتماعياتكم ههه

ضحكت حور حتى كادت بطنها تتمزق. فقالت أماجي:
-
خلاص حبيبتي يسوي اكل يالله.

حدثت حور نفسها:
-
والله الايام الجايه شكلها بتقزر على مشعل دام أماجي وياي. صحيح انها مو حلوه بس قلبها كبير.

***

     بعد مرور اسبوع .. بدأ الفصل الدراسي الثاني، وكانت حور (لايعه جبدها) على الصبح، ومشعل ينتظرها خارجًا بسيارته كي يقلّها إلى مدرستها الثانوية، والخادمة تسرح شعر الطالبة الكسولة.

     المسكينة حور كانت عيناها شبه مغمضتان من النعاس، وكأنها (مفهية)، ففاجأتها أماجي بصفعة على خدها، وقالت:
-
حور يالله يسوي يقعد .. بطّلي عيون عدل .. انتي يروح مدرسه مو يسوي نوم.

   حكّت حور شعرها، وردّت بفهاوة:
-
نوم؟ شنو؟ 

    انتهت حينها الخادمة من تسريح شعر حور، ثم قامت بدفعها إلى الباب، فخرجت الطالبة، فلوحت لها أماجي مودعة اياها، وداعية لها بالتوفيق.

    ركبت السيارة مع اخيها، وانطلقا، فنامت حور في السيارة. ولما وصلا المدرسة .. أيقظها مشعل، فقالت له وهي لا تستطيع مقاومة النوم:
-
مشعل الله يخليك ما نمت شي! خلني نايمه، ولما نوصل للمدرسه قعدني.
-
احنا وصلنا للمدرسة .. يالله قومي.
-
لا ما وصلنا .. أصلا احنا تونا عند باب بيتنا.
-
والله ما ينفع معاج يا ثوله.

     نزل مشعل من السيارة، وراح ليفتح الباب من جهتها. فلما فتحه، جرّها من (كشّتها)، وأنزلها رغمًا عنها، وقال لها:
-
انقلعي يالكسولة.

    ثم دفعها بيده بشدة، فسقطت حقيبتها منها، فحملتها، وقالت وهي تهم بالدخول إلى المدرسة:
-
وينج يا أماجي! جان شايفته واهو يدزني جدام الناس، وتكسرين ايده وتبردين جبدي. آه بس !!

دخلت مدرستها، فكان في استقبالها عصابتها :
(معالي، بسمه، أسماء وفاطمة)

فاطمه فتاة قصيرة، ونحيفة، وصاحبة لسان طويل، أما بسمة، الطويلة، وذات شعر قصير، فهي مع فاطمه مهما فعلت وقالت! ومعالي، السمينة قليلًا، هي العقل المدبر لكل مشكلة تحصل مع عصابتهم، والاخيرة أسماء (على نياتها)، وصاحبة مواقف غريبة، وغالبا مغلوب على أمرها.

    سلمت حور عليهم. ثم بادرت معالي تتكلم عن حيلها بعينين ماكرتين:
-
اليوم بمناسبة الفصل الدراسي الثاني راح نجنن الابلة مزنه. جبت لكم علوج وايد، طبعا أسماء نخليها تحذف اول شي، عشان اذا نجحت الخطة بنكمل احنا، واذا فشلت وانطقت أسماء وفصلوها .. فماراح نسويها.. أوك؟

     ردوا جميعهم بصوت واحد:
-
أووووووووووووووووووووووووووووووووك

          رن جرس الطابور، وكعادة العصابة .. هربن إلى دورة المياه ريثما ينتهي الطلبة من تمارين الصباح والاذاعة، ثم يرجعون إلى الصفوف. وكانت الابلة مزنه تبحث عن تلك العصابة، فسألت طالبة ترتدي نظارات طبية، وذات (عنقوصتين)، ويظهر عليها ملامح الشطارة أو كما يقول أهل المملكة (دافورة)، واقفة في أول الطابور:
-
أقول .. وين البنات؟
-
اي بنات؟
-
بعد منو غيرهم !!! العصابة الخماسية.
-
شفتهم الصبح، ولما طق الجرس .. راقبتهم ولحقت وراهم .. تحصلينهم بالحمام.

        كانت أسماء، في تلك اللحظة، تراقب طابور فصلها من بعيد، فلاحظت أنّ ذات (العنقوصتين) تشير ناحية دورة المياه، فاحست بأنها أخبرت الاستاذة عنهم. فرجعت إلى عصابتها، وقالت لهم:
-
تعالوا تعالوا ... شفتوا أم عنقوصتين شقالت للابله مزنه؟ قالت اننا بالحمام.

ردت فاطمه:
-
شلون سمعتيها والمسافة كبيرة بيننا؟ أذونج رادار؟
-
- لا مو جذي، بس شفتها تأشر صوبنا، ففهمت انها قالت لها شي عنا.

ارتسمت الحيرة على وجه أفراد العصابة، فتقدمت بينهم معالي، وقالت:
-
انا اعلمها هذي ام عنقوصتين .. تسوي نفسها انا البنت اللي ما اجذب على الابلات عشان الدرجات.!! هين .. ان ما خليتج تجيبين بنهاية السنة نسبة 99% ما اطلع انا معالي.

علقت بسمه:
-
اي هالشاطرة لو جابت 99.5% تقعد تبجي! احنا لو نجيب 50% نطق اصبع ونسوي حفله.

قالت حور:
-
مادري شتاكل على الصبح عشان تصير جذي شاطره !!!

انهت معالي حديثهم بقولها:
-
شوفوا احتمال الابلة مزنه جايتنا الحين بالطريج!! خل ندخل الحمامات، وخلوا الباجي عليّ.

      بعد دقيقتين .. دخلت مزنه إلى دورة المياه، ولما اقتربت من الحمامات .. لاحظت فأرًا أسفل قدميها، فصرخت، وهربت خارجًا.

      حينها خرجت معالي، وقالت لعصابتها:
-
بنات بسرعة بسرعة طلعوا برّى .. نجحت خطة الفار .. يلا خل نروح للصف، ما بقى شي ويخلص الطابور.

***

   انطلق مشعل بسيارته إلى منزل صديقه، المخترع العبقري (نبراس)، والملقّب بـ (نيبو) في منزله الواقع في منطقة تيماء الشعبية في محافظة الجهراء! فلما وصل هناكَ .. نزل من السيارة، واغلق الباب بشدة، ثم طرق باب منزله.

   كان نيبو منشغلًا باختراع آلة جديدة، تقوم بتجميل شكل الإنسان خلال ثوانٍ بدون الحاجة إلى صالون! فلما سمع طرق الباب لوّح بيده معبّرًا عن استيائه، وقال لنفسه:
-
استغفر الله! منو اللي جاي بهالحزه؟ ياخي يبطون الجبد هالناس.

    ثم أكمل عمله، فزاد مشعل من طرق الباب. فأوقف نبراس عمله، وقام غاضبًا متوجّهًا نحو الباب، ففتحه، فتفاجأ بأنّه صديقه مشعل، فقال بدهشة:
-
مشعل !! غريبة شجايبك الحين؟
- نيبو بعد قلبي انقذني !!
-
عسى ماشر .. شصاير؟
 - لحظة .. أول قولي .. انت فاضي؟
- بصراحة لا! قاعد اسوي اختراع جديد.
-
شنو اختراعك؟
- آلة تعمل على تجميل الشكل بدون الحاجة إلى صالون.

سأل مشعل باستغراب:
-
تقصد انها تخلي الجيكر حلو؟
- لا .. بس يعني تحسن ملامح الوجه الباهتة، يعني للشباب تخليهم يضبطون شعرهم، وللبنات تسوي لهم أحلى مكياج، وأحلى تسريحة يبونهم خلال ثواني.

رد مشعل بأسى:
-
يالله ! وانا عبالي بتخلي الانسان يصير مزيون.

سأله نيبو بحيرة:
-
شفيك ؟ احس فيك شي !
-
بصراحة ابيك تساعدني بحل!
-
ابشر تفضل .. حياك بالصالة.
-
اممم بس بالله لا شاي ولا قهوة ! تعرف انا ما احب القهوة.
-
خلاص ولا يهمك .. بطلبلك عصير كي دي دي من البقالة.
-
لا تكفى! أبي عصير طبيعي أفوكادو مع مكسرات وعسل.

قال نيبو في نفسه:
-
قسما بالله ما ينعطى وجه!

ثم رد على صديقه مشعل بابتسامة صفراء:
-
ابشر ولا يهمّك.

    طلب نبراس العصير من أحد المحلّات التي تبيع العصير الطبيعي الطازج، ثم جلس بجوار ضيفه.
 سرد له مشعل كل ما حصل له بشأن الخادمة، وأنّها لم تعجبه، وأنّه يريد منه تطوير هذه الآلة لتغيير الملامح من القبح إلى الجمال. فنالت الفكرة استحسان المخترع، وأعجب بها، فوافق عليها فورًا، وقال:
-
عطني مهلة اسبوع، وابشر باللي يسرّك يا صديقي.

      سرّ مشعل لسماعه موافقته، وقال:
-
يا بعد زول جد ابوي ... فديت خشتك يا نيبو، يا عديلي المستقبلي. صج بشر، للحين نفسك بشقرا؟

     ضحك نبراس خجلًا، وأجاب:
-
ياخي ما تترك سوالفك المحرجه.

     نغزه مشعل في خاصرته، وقال:
-
قول قول .. شدعوه نيبو !! شفيك مستحي !؟
 -
هممم اي يا مشعل! ودي اسافر للبوسنة ونتزوج منهم.
-
والله فكرة! انا هم بعد ودي، شرايك نسافر على حساب سعود الغانم؟ هالولد غني، يعطس فلوس ... وكريم وطيب!
-
اي والله .. خلاص انا راح اشيشه، واخليه يتحمس للفكرة!

   ضحك مشعل وقال:
-
بتقزر على ظهره، يستاهل من قاله يصير من عائلة غنية! خل يتحملنا ههه

    نظر نبراس إلى ساعته، ثم إلى غرفة معمله، ثم إلى وجه مشعل، وحدث نفسه:
-
هذا متى بيمشي !!!ليتني ما فتحت الباب.

    ثم سأل صديقه:
-
مشعل ما تخاف خدامتك تنحاش من بيتكم دامها بروحها؟

-لا افا عليك .. هي اصلا تبي الشغل !
-
هممم عيل شسمه .. مو جنه سيارتك خربانه؟ ما ودك تروح مبجر لسكراب امغره قبل الزحمه
- اصلحها باجر إن شاءالله .. لاني اليوم مو فاضي.

   أحس نيبو بالاختناق، وتمنى لو طرده لكنّه تمالك نفسه، وتمتم:
-
شكله ناطر العصير! ما همه إلا بطنه هالبطيني.

    بعد ربع ساعة وصل موظف محل العصير حاملًا بيده الأفوكادو، فاستلمه نبراس، واعطى للعامل النقود، ثم دخل إلى مشعل، وأعطاه العصير، فأخذه وشربه في أقل من دقيقة .. وسط ذهول المخترع ! فقال مذهولًا:
-
انت مشفووووووووووووووووووح ؟ مو شااااااايف خير؟ ياخي شوي شوي اشرب العصير ... يخرب بيت عدوك !!!

    لم يكتفي مشعل بذلك، بل قام بشفط بقايا المكسرات التي توزعت في جوانب وزوايا العلبة، فضحك نبراس ساخرًا، وعلق على المشهد:
-
لا عزّالله مو شايف خير! الحمدلله ان سعود مو عندنا، ولا جان غسلنا ايدينا من السفر للبوسنة.

     بعدما انتهى مشعل من شفط البقايا، وقف أمام نبراس مباشرة، وقال له:
-
خذ يا نيبو .. *قررررررررررررررررررررررررررررررع*

     غضب نبراس، وقام بدفع الهواء الذي خرج من فم مشعل بيده، وقال بضيق:
-
يا هيلقي .. ياشقول .. يا وصخ .. يا قذر .. صج مو كفو احد يقدرك .. ويشتريلك يا نجس ... يا يا يا مو نظيف.

تعالت ضحكات مشعل، ثم رد عليه:
-
ياخي شفيك ! ترى كلنا شباب .. الامر طبيعي خخخ
- خلاص الحين بكمل شغلي، ممكن؟ !
-
اوك انا بمشي .. بروح البيت .. بنام للظهر عشان اجيب اختي من المدرسة. في امان الله.