السبت، مارس 14، 2015

(( .. لغز الرّؤوس الثّلاثة .. ))


الفصل الخامس



وفي أحد الأيّام، جاءت امرأة عجوز إلى القصر، فسألت عن ابنتها، فردّ عليها أحد الحرّاس:
-         ومن هي ابنتك يا سيّدتي؟

أجابته:
-         تُدعى ريينا، لقد فقدتها منذ شهر ونصف. وقد بحثتُ عنها في كل مكان. وقد سمعتُ بأنّكم قد وظّفتم خادمات جدد منذ فترة، فقررت المجيء إليكم، والسؤّال عنها.

مضى الحارس إلى غرفة غسّان، وسأله عن هذه الفتاة، فأجابه بأنّه لا توجد فتاة بهذا الإسم. ثم عاد إلى المرأة، وأخبرها بالأمر، فرجعت لمنزلها خائبةً حزينة.

لم تعلم ريينا بقدوم والدتها إلى هنا، وحتى لو علمت، فلن تكترث لها، فقد كانت تردد دائمًا في نفسها:
-         أنا في راحة لطالما أنّني بعيدةٌ عنها تلك القاسية.

هي تدرك بأنّ ما تفعله يُعتبر خاطئًا، ولا يبرّر الخطأ أي فعل، لكن أحيانًا يضطر المرء بأنْ يقرر قراراتٍ خاطئة كيْ تخف عليه ضغوطات الحياة. هكذا كانت تفكّر ريينا، وبناء على هذا تعيش حياتها.


***


وبعد أيّامٍ، استطاعت فاطمة، أثناء عملها، أن تكتشف بابًا سرّيًّا بالصّدفة، حيث كانت تقوم بتنظيف الممر المؤدي إلى المخزن، وعندما اتّكئت على الحائط، شعرت بأنّه يوجد وراءه فراغ! فتلمّسته بيدها، ففتح لها باب مخفي، ثم وجدت أنّه ممر مظلم. فأخبرت صديقتها به. وعادتا للتحرّي عنه في وقت فراغهما من العمل. وبعد تحرّيّات، اكتشفتا بأنّه إحدى الممرّات المؤدّيّة إلى قاعة سرّية أسفل القصر.

لم تجدا في القاعة ما يفيد، فقد كان هناك طاولة مستطيلة، وحولها بضعة كراسٍ، وعلى الحائط توجد ثلاثة رؤوس معلّقة لثلاثة حيوانات، في الحائط المقابل للباب يوجد رأس حصان، وعلى الجانب الأيمن رأس كبش، والجانب الأيسر رأس وحيد القرن. فاعتقدت ريينا بأنّ هذا المكان قد تم إنشاؤه لأجل الاجتماعات السّرّيّة، بينما فاطمة كانت لها نظرة عميقة ومختلفة عن صاحبتها، حيث تساءلت:
-         ما هو الرّابط بين رؤوس الحيوانات؟ ما شأنها في بعضها؟

أجابتها ريينا بلا اهتمام:
-         إنّها مجرّد رؤوس لحيوانات يا صديقتي. لنعد إلى غرفتك.

لم تقتنع فاطمة بكلامها، وعادت مع صاحبتها إلى الغرفة ليتحادثا قليلًا قبل النّوم. وكانت طوال الوقت مشغولة البال برؤوس الحيوانات الثلاثة، حيث أنّها كانت تقرّ في نفسها بأنّ ثمة علاقة وثيقة تجمع بينها، ولم تتواجد هناك في مكان واحدٍ عبثًا.

وعندما انتهيتا من الحديث، ذهبت ريينا إلى غرفتها. فقامت فاطمة برسم مخطط الغرفة على ورقة، ثم تمتمت بنبرة حماس:
-         بدأت لعبتي الآن.

          وعندما حلّ الصّباح، تدلت أشعّة الشّمس الصّفراء، من خلال النّافذة، على وجه فاطمة، ففتحت عيناها ببطئ، ثم وجدت أنّها نائمة فوق الورقة، فتفاجئت من نفسها كيف نامت دون أن تشعر! ثم قامت بغسل وجهها، ومضت إلى صاحبتها، فوجدت أنّها استيقظت، وخرجت إليها بوجه مبتسم، قائلة بهمس:
-         لقد وجدت خطّة ذكيّة لمعرفة ما يوجد بداخل غرفة مشعل.

ردّت صديقتها مستغربة:
-         ما هي؟

عرضت عليها ورقة قد كُتب بها كامل الخطّة، فتناولتها فاطمة، وقرأت خطّتها، فظهرت عليها الدّهشة بعدما انتهت، وقالت معترضة:
-         أجُننتِ؟
-         لا، لم أُجنّ، لكنّها فكرة ذكيّة، لن يكتشفها أحد.
-         وماذا لو حصل لأحدٍ مكروه؟
-         لا تقلقي، سيخرج الجميع إلى الحديقة، ونبقى أنا وأنتِ في الدّاخل، وقد جلبتُ كل الاحتياطات. ثقي بي، ستنجح الخطّة.

لم تطمئنّ فاطمة لكلامها كثيرًا، فوافقت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )