الخميس، يناير 10، 2013

(( .. عيش دور المتحرّي .. ))

بسم الله الرّحمن الرّحيم

(( .. السّلاح الخفيْ .. ))





كان النّقيب مشعل جالسٌ في منزله يتابع أخبار السّاعة التاسعة صباحًا وبجانبه كوبًا من القهوه بينما مقروط كان جالسًا في حجرته يقرأ إحدى روايات أغاثا كريستي، فجاء اتصال في تلك اللحظة من صديق مشعل يدعوه إلى حضور حفل عشاء بمناسبة تخرّج ابنه من جامعة هارفارد  الأمريكيه.

قبل مشعل الدّعوه وفي الليل أخذ معه ابنه مقروط فلما وصلوا رحب بهم صديق مشعل الذي يُدعى ( جابر ) وأجلسهم في أحد المقاعد، وكان من بين الحضور رجل عجوز يُدعى ( هاني ) - مدير شركة هاني وأولاده للمقاولات - يرتدي نظارة شمسية فشك مقروط انه اعمى البصر، وكان أحدب الظهر يتكئ على عصاه الحديديّة التي تساعده في المشي ومعه خادمه الخاص أسمر البشرة طويل القامة يُدعى ( نجم ).

لاحظ مقروط - الفضولي بطبعه - أحد الأشخاص وهو يمشي باتجاه العجوز وصاحبه وجلس بجانبهم، ودار بينهم حديث وكانت ملامح ذلك الشخص تدل على انّه يحاول أن يستفزهم ! وربما كان استفزازه لهم بسبب صفقات تجارية تخص الشركات أو ربما غيرها، لكن الخادم نجم كانت تظهر منه إيماءات تدل على أنه قد وصل إلى ذروة الغضب والعجوز يحاول تهدئته فهدأ.

بعد لحظات قام ذلك الشخص نحو الحمّام فتبعه نجم وبعد عشرة دقائق خرج نجم وهو يمسح يديه بمنديل وكان الارتباك واضح على وجهه فأخذ العجوز ممسكًا عضده بيده ليدله على الطريق وخرج بسرعة.

لم يلاحظ ذلك إلّا مقروط بينما الباقي كانوا منشغلين جدًّا بالحفل والفرح والضحك وجو المرح، وأثناء ذلك دخل احد المدعوين إلى الحمّام فرأى ان باب الحمّام مقفلًا فانتظر بضع دقائق ولكن لم يخرج أحد من الحمام فطرق الباب وسأل عمن يوجد أحد في الداخل لكن لا مجيب فاحس ان هناك ثمة امر مريب قد حصل ! فخرج إلى جابر يخبره بأنّ باب الحمّام مقفل وعندما طرق الباب لم يجبه احد.

ذهب جابر ليستطلع الأمر فطرق الباب ولكن لا مجيب، فاضطر لكسر الباب فلما كسره وجد جثة هامدة ورصاصة قد اخترقت رأسه والدماء تسيل من رأسه فاسرع على الفور لينادي النّقيب مشعل الذي جاء بدوره ليفحص ويحقق في الجريمة لكن مقروط قال له بأنه شاهد رجلًا طويل القامة اسمر البشرة قد دخل خلفه ثم خرج مرتبكًا مضطربًا مسرعًا واخذ معه عجوزًا يرتدي نظارة سوداء وربما كان ضريرًا ! 

عرف جابر من هو المقصود فأخذهم حيث يسكن ذلك الرّجل العجوز فلما وصلوا إلى منزله الفاخر وطرقوا الباب خرج لهم ابنه الكبير وقال لهم بأنّ اباه قد ذهب إلى احد الفنادق وقد حجز ليومين واعطى للشرطة كل ما يفيدهم، فانطلقوا إلى الفندق فلما صعدوا إلى غرفته في الطابق السابع سمعوا صوت زجاج يتحطم فطرقوا الباب وينادونه بصوت عالٍ وسمعوا بعد ذلك صياح العجوز فأسرع مقروط إلى طلب النّجدة من أمن الفندق ليأتوا بمفاتيح احتياطية فلما فتحوا الباب ودخلوا وجدوا أن رأس نجم قد انفصل عن جسده أما العجوز فقد طُعن في كتفه والدم يسيل منه وكان الجرح عميقًا جدًّا وعصاه في حضنه.

طلب النقيب مشعل من الأدلة الجنائية اخذ البصمات وحينما استجوبوا الرجل العجوز قال وهو يتألم :

" بصراحة .... ما ادري ...... شنو صار ...... بالضبط ! بس ..... اللي صار ...... هو اني وخادمي ...... قاعدين بالغرفه ...... وفجأة انكسر قزاز - زجاج - الدريشة ...... ثم ..... ثم ..... ثم سمعت صوت يدل .... يدل على ان في شخص طاح ...... ثم حسيت بطعنه ..... آخ ألمها قوي ! انطعنت في كتفي ... فلما انتوا طقيتوا الباب ......... كسر الدريشة ...... ونحش ! "

ثم أردف بأسى :

" يا حسرتي على خادمي نجم ........  كان ونعم الخدم عندي .......... في بيتي ! الله يرحمك ......... ويغفرلك ......... يا نجم "

قال مشعل بنبرة حيرة :

" اللي محيرني انه شلون دخل معاه سيف للفندق !؟ مو معقوله تسلق الفندق من الطابق الارض لهني والسيف معاه ! لان واضح ان الطقه كانت بالسيف "

قال مقروط :

" فعلًا شي غريب ! شلون بيشيل سيف ويدخله فندق الحراسه فيه مشدده ؟ شغله ما تدش بالراس ! او ممكن هالشخص ادخل هالسيف بطريقة مخفيه !!! "

" ممكن ليش لا يا ولدي ... الحين كثير اشياء صاروا يهربونها بطرق غريبه "


ذهب مقروط يتفقد الشرفة فوجد حبلًا يتدلّى للأسفل يصل إلى الطابق الخامس حيث شرفة إحدى الغرف فنزل مقروط سريعًا إلى هناك وطرق الباب فخرجت له امرأة قريبة من الخمسين عامًا فطرح عليها سؤالًا :

" عفوًا خالتي ... زوجج موجود ؟ او ولدج ؟  "

" لا ... زوجي طلع قبل ساعتين بس ما رجع للحين !!  "

شعر مقروط بصدمة وقال متسائلًا في نفسه :

" معقوله تكون زوجة  اللي قبل شوي قتله نجم بصالة جابر ؟! ودرت بمقتله فانتقمت من نجم ! بس هي كبيرة في العمرّ وشلون تتسلق وتخاطر حتى توصل  للدور السابع ! يمكن كانت تلعب جمباز! منو يدري فاحنا نعيش في عالم غريب حيل صراحة !!!  "

وبينما هو غارق في تفكيره قالت له :

" شفيك شاحب الوجه؟ في شي صاير؟ "

ابتسم مقروط وقال مرتبكًا :

" لا يا خالتي بس استغربت من شغله وجيت اسأل ! اممم ممكن سؤال غريب !؟ "

" تفضل يا ولدي "

" خالتي تلعبين جمباز او كنتي قبل تلعبين جمباز او تحبين العاب الخفه ؟ "

ضحكت ثم قالت :

" يا ولدي انا وين والجمباز والعاب الخفه وين ! هذي مو لي .. خلاص كبرنا "

" أها مشكوره خالتي، والسموحه على الازعاج "

" لا عادي يا ولدي حياك الله "

رجع مقروط إلى غرفة الرّجل العجوز وهناك كان يتمعنّ ويدقق في الوجوه الموجودة هناك تارة وتارة يفكر في امر تلك المرأة في الطابق الخامس فربما كانت تخفي شيئًا عنه لتبعد عنها الشبهات في هذه الجريمة البشعة !

ويقلب مقروط النظرات من جديد فنظر إلى الرجل العجوز الذي كان حينها مدّ يده إلى الماء الذي كان بجانبه ثم نظر إلى أبيه فوجده يستجوب أمن الفندق ثم أخبر اباه بأنّ الحبل يصل إلى الدّور الخامس وان هناك امرأة وحدها تنتظر زوجها فطلب باحضارها وتفتيش غرفتها.

حضرت واستجوبها لكن لا فائدة تذكر بل حتى غرفتها لا يوجد شيء أبدًا يشبه السيف ! فاستئذنت فأذنوا لها ورجعت إلى غرفتها من جديد.

لم يستسلم مقروط لليأس ذهب يستطلع غرفة الرجل العجوز والشرفة ثم الحديقة عله يجد شيئًا لكن من دون فائدة ! بحث في كل مكان ولم يجد سلاح الجريمة ولا حتى اي شيء يقوده إلى القاتل رغم شكّه بأحد الموجودين في الفندق لكن سلاح الجريمة ينقصه حتى يوجه اصبع الاتهام إلى القاتل.

رجع مقروط إلى غرفة العجوز ذابل الجسد وقد أرهقه التفكير ووجد أن رجال الشرطة قد بعثروا أثاث الغرفة، وطلب منه العجوز حينها بأن يجلس على الكرسي - واشار العجوز إلى الكرسي بجانب الطاولة - لانه سمع زفرات تعب مقروط لذلك طلب منه الجلوس ليرتاح.

واثناء جلوسه كان منهك الجسد لكن تفكيره ما زال نشطًا إذ ترددت في رأسه عبارات وكلمات هي :

" في الحياة يوجد أشياء كثيرة نافعة لكن بعض البشر قد يستخدمونها في طرق شريرة أو يخفون فيها ما يدنّسها لخراب الأرض ! "

كانت تلك الكلمات تتردد وهو يقلب نظره في كل مكان في الغرفة باحثًا عن شيء يدله إلى السلاح حتى استقرّ نظره على ذلك الشيء وحينما اقترب اكثر منه ودقق النظر اكتشف أنّه حقًّا هو السّلاح الخفيْ.




من القاتل ؟ >>> أعتقد وضح القاتل
ما الدليل ؟ وما هو السلاح ؟




هناك 8 تعليقات:

  1. المجرم هو الرجل العجوز والسلاح هو العصاالحديدية والدليل ان الرجل ما كان كفيف كآن يشوف..

    toofa

    ردحذف
    الردود
    1. تحليل منطقي ...
      والحبل شنو دوره ؟ وليش وصل للطابق الخامس ؟

      حذف
    2. أعتقد تمويه عشآن يبعد الشبهه عن نفسه

      حذف
  2. المجرم هو الرجل العجوز .
    بعد أن قتل نجم الرجل الموجود بالحفلة ممكن أن العجوز خاف من أنه يورطه , أو أنه هو قال لنجم يقتله و تخلص من نجم , اثنين بواحد يعني .

    ربط الحبل بالنافذة " للتمويه " و خدعهم أنه القاتل هرب من النافذه , هو قال أن النافذه انكسرت مرتين " دخله وطلعه " بس هي انكسرت مره وحده فقط وهي النافذه الوحيده اللي فيها الحبل اللي وصلهم لغرفة المرأة اللي مالها دخل .. ومنتهين من أنه طعن نفسه برضو للتمويه .

    العجوز قادر أنه يشوف " لمّا طلب من مقروط أنه يجلس على الكرسي " , وهي غرفة فندق , يعني مو بيته عشان نقول متعوّد وحافظ اماكن الأثاث .

    سلاح الجريمة هو عصاة العجوز .. ممكن السيف بداخلها أو أنها هي بذاتها السلاح .

    ---

    Salma55

    ردحذف
    الردود
    1. + أثاث الغرفة قد بُعثِر فكيف عرف مكان الكرسي .

      حذف
    2. استنتاج مذهل ...
      كعادتك يا متحرّية ...

      :) ..

      حذف
  3. سرد جمييل وخيآآل وآسسع ..

    وآنآ متل البقيةة هيدآ اللي بين معي ^ ^

    بتمنى مآ نكون مخطئين بالتقدير ..!!

    ردحذف
    الردود
    1. لم تخطئوا ^.^
      اسعدتني مشاركتك أختي ...
      ويسعدني ايضا انها اعجبتكم ...

      اشكر تواجدك

      حذف

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )