الثلاثاء، يوليو 01، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))





الفصل الثالث


قصف الجبهة







     عاد مشعل إلى منزله، فوجد أماجي واقفة بجانب باب المنزل تتحدث مع خادمة، ليست أقل (جكرًا) منها. أوقف سيارته على عجل، ونزل منها، وسار ناحية الخادمتين، وسأل خادمته عن التي معها، فأجابت:
-
بابا هذي صديق مال انا .. إسم هو مريم.
-
مريم! وشعندها واقفة وياج؟

    همست أماجي بوجهه، قائلة:
-
بابا هذي مريم جيران مال انا في كيرلا ... وكفيل مال هي يطق هي، وهو يجي عشان يبي انا يطق كفيل مال هي.
-
ماشاءالله ! وانتي بس تفزعين؟ اتمنى يجي يوم يغسلون فيه شراعج صراحة .. عشان تتأدبين.

ردت أماجي تسأله غاضبة:
-
شنو يقووووووووول؟
-
قصدت انهم يساعدون الخدم بالغسيل، ويشرعونه عالحبل.

ثم حدث مشعل نفسه:
-
إنا لله وإنا إليه راجعون! ياخي شهالخدامة اللي الله ابتلاني فيها!

ثم قال لخادمته:
-
انا بروح انام .. قعديني على صلاة الظهر عشان اجيب مريم من المدرسة، ماشي؟

ردت ممازحة:
-
ماشي ولا يركض ههه

    ضحك مشعل، ولوّح بيده قائلا:
-
خدامة عجيبة صراحة! يالله يالله .. لا تنسين!

دخل مشعل، وتمدد على فراشه، وغطّ في نوم عميق
.

عند ذاك، قالت الخادمة لصديقتها، بلهجة كويتية متقنة:

-         المهم أكمّل لج ... إلى الآن ما لقيت شي يثبت شكوكنا تجاه مشعل! بس مازلت مواصلة في تكثيف تحرّياتي بشأنه.

-         شدّي حيلج .. ترى الوزيرة حيل معتمدة عليج، وتثق فيج ثقة عميا .. فحاولي قد ما تقدرين تكشفين حقيقته.

-         اي .. وبعدين ترى هو مو غبي، احسه يستغبي بتصرفاته، عشان يبعد الشّبهات عنه.

-         عمومًا .. سوي اللي تقدرين عليه .. اشوفج باجر.


***


في تلك الأثناء، كان قد رن جرس نهاية الحصة الأولى في ثانوية البنات، والعصابة الخماسية جالسون في نهاية الفصل يطبلون، فمعالي بدأت تغنّي، وفاطمه ترقص، وباقي الطالبات - ما عدا الشاطرات - ملتفات حولهن، ويضحكن من هذا المنظر الطريف.

      أما ذات العنقوصتان، فهي جالسة أمام طاولة الاستاذة. فقامت أسماء بقذف علكة على رأسها، فالتفت سريعًا إلى الخلف، فادّعت أسماء انها لم تفعل شيئًا، ثم استدارت (الدّافورة) من جديد إلى السبورة.

       وعند باب الفصل .. تقف طالبة تُدعى أحلام، وكانت مهنتها مراقبة المكان لتأمين حفلة طالبات الفصل الراقصة. ولما رأت قدوم الاستاذه مزنه، صاحت:
-
امبيه .. يت يت يت الابله يت.

      ذهبت كل طالبة إلى مقعدها، ودخلت أ.مزنه الفصل، ووضعت دفاتر التحضير لمادتها اللغة الإنجليزية على الطاولة. فقامت كل البنات، فسلمت عليهن، وردينّ عليها السلام، ثم أمرتهن بالجلوس، فجلسنّ.

     مسكت مزنه القلم، وبدأت بكتابة العنوان، فسمعت صوت ارتطام على السبورة بجانبها مباشرة! فتوقفت عن الكتابة، والتفتت ناحية ذلك الشيء، فوجدته علكة! ثم توجهت بكامل جسدها نحو الطالبات، وتأملت في وجوههنّ بعينين غاضبتين، وصرخت:
-
منو اللي مو متربية اللي حذفت  هالعلج؟ 

    نظرت مزنه إلى أم عنقوصتين، وسألتها:
-
احلفج بربج يا خلود .. منو اللي حذفهاعليّ؟

     هزت رأسها نافية، وأجابت:
-
بصراحة أبله حتى أنا مستهدفة.

    علّقت حور ساخرة، بصوت خافت:
-
مستهدفة ! على شنو يا حظي! مالت.

    دنت الابلة مزنه من وجه خلود، وسألتها بهمس:
-
يعني مو ذيج العصابة الهيلقية؟
-
اشك في ذلك ابلة.

    همست فاطمه لمعالي:
-
شتتوقعين الابله تسأل ام نظارات؟
- اتوقع الابله شاكه فينا، بس ما عليج طنشي! لا تحاتين وانا اختج، تخطيطاتي ما تفشل بهالسهولة.

       اعتدلت الاستاذه من وقفتها، ورمقت الطالبات بنظرة أخيره، ثم حدقت بالعصابة الخماسية، وقالت وكأنها تلمّح عليهم بكلامها :
-
انا بشرح يا خلود، واذا شفتي اي بنت تحذف علوج .. قوليلي .. ماشي حبيبتي؟ 

    ثم استدارت من جديد للسبورة، واستأنفت الكتابة، فتغيّرت ملامح وجه العصابة، وتساءلت بسمه:
-
شفيها هذي تطالع جذي؟ لا يكون خلود حرشت علينا. اقسم بالله انا اراويها ام عنقوصتين.

ردّت معالي:
-
لا بسمه. هدي بالج حبيبتي، خلوها عليّ هذي، أوريها وربي.

     حينها سمع الطلبة صوت شخير مزعج، فالتفتوا إلى مصدره، فوجدوا طالبة إسمها (ذكرى)، مزاجيّة جدًّا، وكسولة، ودائمًا تنام في كل مكان، حتى في الحمام - أجلّكم الله – أحيانًا. فاستغربت الاستاذة مزنه! فسارت ناحيتها، وهزتها:
-
انتي هييييه .. ويعه، قومي يالله .. بسج نوم.

   رفعت ذكرى رأسها، وقالت بعين مغمضة، والأخرى تكاد تفتحها:
-
أبلة والله من امس سهرانة.

    وضعت مزنه يدها على خاصرتها، وصاحت، وهي تلوح بيدها اليسرى:
-
وسهرانة على شنو يا حظي؟ مو لاقيه الا بحصتي تنامين؟
-
- ابله اقسم بالله كنت اكتب فصل من روايتي، وما خلصت الا الصبح.
-
رواية؟ صايره أغاثا كريستي على غفلة؟ اقول قومي يالله ذلفي للحمام .. غسلي ويهج وتعالي.

     دفعت ذكرى طاولتها بعنف، وأرجعت الكرسي إلى الخلف بقوة، فأمسكتها الاستاذه، وصرخت:
-
انتي هيه يا نفسية ... ترى وربي اخصم عليج درجات! خلي النفس طيبة عليج.

ردت الطالبة بنبرة ضيق:
-
هي خاربة خاربة يا ابلة. سوي اللي تسوينه .. وانا رايحه انام بالحمام.

   ثم مضت خارجًا، والاستاذه تناديها لكنها لم ترد عليها، فذهبت إلى الحمام، ونامت.

***

     ولما انتهى الدوام .. خرجت الطالبات من فصولهن إلى مواقف الباصات، وبعضهن ذهبن للبوابة الرئيسية لانتظار من يأتِ ليأخذهن.


 اجتمعت العصابة عند البوابة، فسألتهن معالي:

-         ها بنات .. في هوشة ولا نمشي؟


أجابتها بسمه:

-         كنت متهاوشة مع وحده .. بس قبل لا اطلع .. باست ايدي واعتذرت.


ذكّرتهم أسماء بذات العنقوصتين. فقالت معالي مستذكرة:

-         أي والله! شلون نسيتها هذي؟ وينها وينها؟

-         راحت مع أمها.

-         شفتيها؟

-         إي شفتها .. كانت واقفة مع أبلة مزنة، ولما يت أمها .. ركبت سيارتها ومشت.

-         حسافه والله! خل تحمد ربها انه حماها من شرّي.


 بعد ذلك بلحظات، خرجت ذكرى الكسولة، وهي مغمضة العينان، تمشي ناحية الحائط بتثاقل شديد، وكأنها نائمة فعلًا، ولا تعي ما تفعل! فانطلقت إليها حور، وأوصلتها إلى سيارة أخيها.

ثم جاء مشعل، وأخذ أخته حور، ورجعت معالي مع السائق، وساره مع ابيها، وفاطمه رجعت مشيًا على الأقدام إلى منزلها، الذي يبعد بضعة أمتار، وأسماء رجعت مع والدتها.

    وصلت معالي إلى المنزل، فوجدت أختها الكُبرى، تُدعى رفعة، تقرأ كتابًا، فسلّمت عليها.

نظرت أختها إليها من طرف عينيها، وردّت:
-
هلا هلا.

      ثم اكملت قراءتها، فاغتاظت معالي، وتمتمت:
-
شنو هلا هلا؟ ما تعرف ترد السلام ! شنو هي مو مسلمة!!!! اف يا نفسيتهااااااااا.

     ثم مضت إلى غرفتها، فغيرت ملابسها، ومن ثم إلى اسطبل الخيل، خلف المنزل، فوجدت أختها، التي تكبرها ببضع سنوات، تُدعى ليلى، وكانت شخصيتها ذا مهابة، وتتميز بقوام رياضي، وبنية جسدية قويّة، ونالت على العديد من بطولات الفنون القتالية بكل أنواعها.


كانت أختها تداعب حصانها الأبيض، حين دخلت عليها، فقالت معالي:
-
ليلى .. على منو الغدا اليوم؟

 أجابتها بنبرة جافة:
-
وانا شدراني؟ يمكن على رفعه.
- رفعه قاعده تقرأ كتاب، وأمي كعادتها رايحة بيت جيرانا!!! يعني شلون؟ بنموت يوع؟
- اقول انقلعي مو فاضية لج.
-
افففففففففففف زين زين .. كله تزفون كله تزفوني اف.

      عادت معالي إلى غرفتها، وجلست الجلسة (مالي خلقية لايعه جبديه)، وقالت تحدث نفسها:
-
يالله ! شهالغثيثات! مادري شلون عيال عمي خطبوهم، الله يعييييينهم على نفسياتهم ومزاجيتهم.


***


      في يوم الأحد من الأسبوع التالي، أعلنت كل الجهات الحكومية والخاصّة، أنّ يوم غد الإثنين سيكون عطلة، بمناسبة قدوم أول وفد فضائي من كوكب المريخ، بقيادة الدوق (تشي)، ذات الوجه البيضاوي الرمادي، والعينان السوداوان المخيفتان، وثلاثة قرون رقيقة فوق رأسها.

     فرح أهل الأرض بهذا التواصل الذي يعتبر حدثًا تاريخيًّا عظيمًا، وسيخلد هذا اليوم على مضى الأزمان، وسيكون يوم عطلة رسمية دائمة. فابتهج الطلبة، وتمزقوا فرحًا بهذه الهبة.

     بعدما سمعت حور بالخبر، اتصلت على صديقتها معالي، فاقترحت عليها استغلال هذا اليوم في الذهاب إلى المدينة الترفيهية، كون يوم الإثنين يوم للنساء فقط، لترفه عن نفسها. فوافقت معالي فورًا، وتواعدتا أن تكونا هناك قبل صلاة الظهر.

جاءت حور إلى أخيها، قبل منتصف الليل، الذي كان جالسًا في المجلس يتابع الأخبار، فحدثت نفسها:
-
بعرف شلون يتابع الاخبار !!! ما يصكّه الظيم؟ ياااااي كش .. الناس تتابع اخبار تشي الفضائية، وهذا يتابع الحروب والثورات .. اللي مو راضية تخلص.

    قالت له:
-
مشعل بروح المدينة الترفيهية؟ والله بنفسي ألعب الجندول الأسترالي !

     لم يرد عليها! وظل مستمعًا إلى مذيع الاخبار بانصات. فتمالكت نفسها، وقالت:
-
مشعل ممكن تسمعني شوي؟ تكفى خل الاخبار تولي واسمعني! ياخي كلهم جذابين ويدلسون بالخبر! ليش تضيع وقتك عليهم؟

      التفت إليها، وحد النظر في وجهها، ثم التفت من جديد الى التلفاز. فجلست على ركبتيها بجانبه، وواصلت تلح :
-
تكفى .. الله يخليييييييييييييييييك شعووووووول.

    رد غاضبًا:
-
شتبييييييين يا غثيثة؟
-أبيك توديني المدينة باجر، بلعب الجندول.
-
الجندول قاعدين يسوون له صيانة .. من سنة جدي الله يرحمه .. وللحينهم ما خلصوا منه !
-
صح بس امس بطلوه خلاص، واشتقت له. عفيه الله يخليك شوشي.

     رد ساخرًا:
-
وتدلعيني بعد؟ يحليلج كل هذا عشان الجندول؟

ردت ضاحكة:
-
ياخي تدري فيني .. من لما كنت صغيرة احب العبها.
-
ما اشتقتي للإعصار وقطار الموت والنسر الطائر والمكسر؟ 
-
لا امبييييه ... لا تكفى إلا هالالعاب .. يخوفون، كلش ما اشتاق لهم ولا ابيهم.
-
خلاص زين ... لا يكون مواعدة عصابتج هناك؟
- بصراحة بس معالي .. لانها متضايقه من اخواتها النفسيات ليلى ورفعه.
-
- ما عليه حور .. الله يعين معالي على خواتها، يالله موافق اوديج .. بس شوفي .. ترى على حسابج لان ما عندي فلوس أعطيج، صراحة.

    كان رد مشعل كالصدمة على قلب حور، التي قالت في نفسها:
-
هذا شفيه بخيل ! ليش جعص على اخته ! جذاب والله عنده بس بخيييييييل بخييييييييل.

      ثم ردت على اخيها:
-
خلاص بدفع فلوسي اللي هي مصروفي المدرسي .. اللي جمعته خلال هالاسبوع.

    سكت مشعل لثوانٍ، وكأنه يريد استغلالها، ثم قال:
-
ما عندج زياده؟ لان بمر صاحبي عشان اعزمه على غدا.

همهمت:
-
اقص ايدي اذا بتعزمه!! 

ثم قالت له:
-
اي عندي ... بس تكفى نام الحين عشان تقعد مبجر .. لان لازم اكون هناك قبل صلاة الظّهر.



***

      في تلك اللحظة، كانت معالي تبحث عن أجمل لباس لها. فوجدت لباسًا أعجبها كثيرًا، فارتدته، وذهبت إلى أختيْها لتخبرهما عن رأيهما، فأجابت رفعه عليها:
-
لبسج يلوع الجبد.

علّقت ليلى، التي كانت جالسة بجانبها تشاهد التلفاز:
-
قصفج يخوّف.

      ردت عليها بكبرياء:
-
اي يا ليلى ... احنا نحب القصف، ولازم نقصف اللي ما ينقصف عشان ينقصف.
-
الله الله ... شهالحكمة. تصدقين ! هالحكمة اللي تفجرت من حلجج تنفع تكون شعار لنا.
-
قصدج شعار لشلتنا (قصف الجبهات)؟

      أومأت ليلى برأسها بالإيجاب. فوضعت رفعه قدمها اليمنى فوق اليسرى، وكتّفت يديها، قائلة:
-
الناس ما ينفع معاهم غير جذي .. قصف وسدح، أتوقعه بيعجب ميمو القاصفة حيل.
-
اي فديتها ميمو، قالت بتسافر وترد بعد شهر.

       انزعجت معالي من حديثهما، فقاطعتهما:
-
 يعني شنو البس؟ كل شي ما يعجبكم؟ شنو اللي يعجبكم بالله؟ تبون مصممة 
تجيكم للبيت، وتصمم لكم حسب مزاجكم؟ افففف انا غلطانه آخذ رايكم بشي.

    ثم ذهبت إلى غرفتها. فتبادلت ليلى ورفعه النظرات باستغراب، وعلقت الأخرى:
-
وهذي قصفة .. جابت نتيجة.

ضحكت ليلى، وردت:
-
قوية يا اختي، محد يتحداج بالقصف الجبهاتي.





هناك 6 تعليقات:

  1. All the best √√

    ردحذف
  2. الخادمة لغز بدأ بالإنكشاف
    .... Ahlam aljami

    ردحذف
    الردود
    1. اهلا استاذه
      صدقتِ ^^
      شكرًا على تواصلج

      حذف
  3. يالللهول ف٥ جمييييييل جمييييل..

    ردحذف

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )