الجمعة، يوليو 25، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))





الفصل السّابع والعشرين

عملية اغتيال بشعة تهزّ البَلد




    عندما هبط الظلام، اتصلت فاطمة بجوري، فأخبرتها بأنّ الشرطة تحقق معهن في المخفر بشأن جريمة مقتل نوف وأختها! فاحتارت زعيمة الزّهريات، هل تلغي الموعد مع صديقتها، أم أنّها تطلب منها تأخيره! فقرّرت في النّهاية تأخيره، فاتصلت بها، وطلبت منها تأجيل اللقاء إلى التّاسعة.


     أقفلت جوري الخط، ثم مضت إلى المخفر. وأثناء التحقيقات، أنكرت الزهريات وجودهن في بر الجليعة بتاتًا، وكانت جميع أقوالهن متشابهه، ولم يزل لسان أحدٍ منهنّ بشيء، ولم يزدن عنه .. بناءً على اتفاق سابق بينهنّ .. حول صرف الشبهات عنهنّ حيال الجريمة.

    خرجت الزهريات من المخفر منتشيات فرحات، واعتذرت منهنّ جوري لانشغالها، فسألتها فاطمة:
-
مع منو مشغولة؟
- مع آسية، تبيني بموضوع مهم.

    توجّست فاطمة، قائلة:
-
مادري ليش أحسّ اني مو متطمنة فيها.

    ردت جوري بشيء من الضيق:
-
شدعوه فطومة .. تشكين فيها يعني؟ ترى هي رفيجتي من زمان، وقطعت عني فترة بسبب ظروف، ثم رجعت.

    سكتت فاطمة، وأخفضت عينيها.

     ربتت جوري على كتفها، وقالت لها:
-
صدقيني، آسية رفيجتي، وأثق فيها، فلا تحاتين يا قلبي. بس نخلص الموضوع، ثم نتعشى، وارجع. لكم

     ثم ودّعت الزهريات بابتسامة بريئة، فنظرت إليها فاطمة بعينين حزينتين، وحدثت نفسها:
-
مادري ليش أحسّ ان هالابتسامة البريئة ... راح تختفي إلى الأبد! 

    ثم هزت فاطمة رأسها بقوة، وقالت:
-
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!! شفيني أوسوس!!؟ 

   ثم تنهّدت، قائلة بنبرة يملؤها الخوف:
-
عسى الله يجعله خير.

***

     في تلك اللحظة، كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة مساءً، ومشعل ينتظر ذلك العميل الأمريكي في صالة القادمون.


    اتّصل به صديقه بكر، فردّ عليه:

-هلا بكر، يالله حي القزّيز. شعندك؟ تبيني أقزّ معاك؟

-لحظه ياولد. شلونك؟ وينك؟

-بالمطار.

-شعندك هناك؟ سعود الغانم بيجي من سويسرا؟

-لا، بس ناطر ولد خال بنت عمة أبوي، توه مخلّص دراسة الطّب.

-يا خال أبوي حكّ ظهري! مع اني ما فهمت شيقرب لك، بس بمشّيها. متى تفضى؟

-مادري. آمرني؟

-ما يامر عليك عدو. إذا فضيت دق علي، أبيك بموضوع.


    قال مشعل بنبرة استغراب:

-موضوع! غريبة بكر تسولف جذي بشكل جدّي!!


    أخرج بكر من فمه زفرة:

-ما غريب إلّا الشّيطان، دق علي ماشي.

-ماشي.

-في أمان الله.

-بحفظ الحفيظ.

  

    قال مشعل في نفسه:

-شكله انقرص، ويبي يتوب!


     وبعد بضع دقائق، لمح شابًّا في الثلاثينات من العمر، يرتدي بزّة سوداء أنيقة، ونظارات سوداء، وشعره أشقر، وله شنب خفيف، آتيًا عبر ممر القادمون.

     أحس مشعل بأنّه هو العميل، فاتصل على هاتفه، الذي أعطاه إيّاه شهيد، فأخرج ذلك الأمريكي جهازه، وردّ بلكنة عربية متقنة:
-
أهلا وسهلًا.

   تحيّر مشعل من أمره حدّ الشكّ! فسأله:
-
عفوا .. انت هذا اللي تمشي جدامي بالمطار؟

   تلفّت الأمريكي حول المكان باحثًا عنه، ثم شاهد مشعل ينظر إليه، ويشير بيده.

لوّح الأمريكي بيده مبتسمًا، قائلًا:
-
نعم . هذا أنا.

مشى الأمريكي ناحية مشعل، فسلم عليه، وعرّف عن نفسه:
-
أدعى دانييل، ضابط في الشرطة الفيدرالية.

رد مشعل:
-
ونعم والله، وأنا اسمي مشعل. مخبر خاص عند اللواء شهيد.

   قال العميل مبتسمًا:
-
تشرّفنا يا صديقي ميشيل.
-
لاااا .. مشعل مو ميشيل.
-
آسف حقًّا، سيّد مشعل.

هزّ مشعل رأسه، ثم سأله:
-
أنت عربي؟

   خلع دانييل نظارته، فبدت عيناه الزرقاوان، تكسوهما لمعة جذّابة، وأجاب:
-
لا، لستُ عربيًّا. أنا أمريكي الأصل، لكنني تعلمت العربية جيدًّا عندكم، في مركز الثقافات.

    تذكر مشعل ذلك المركز جيّدًا، فقال:
-
أها، عرفته .. خوش مركز.

رد دانييل بحماسة:
-
نعم، ما أجمل تلك الأيّام حينما كنتُ أقيم عندكم مع والداي. كم اشتقتُ إليكم يا أهل الكويت.

    حدث مشعل نفسه قائلًا:
-
ماشاءالله عليه .. يتحجّى فصحى أحسن مني.


  ثم حمل المخبر حقائب العميل، ثم مضيا. فقال له دانييل:

-أتعلم بأنّني اعتنقت الإسلام بسبب غلامٍ، حين رآني أمد يدي على مصحف، في أحد مكتباتكم، صاح علي "لا تلمسه، فأنت لستَ بمسلم!". فرمقته بدهشة، وتساءلت عن سرّ هذا التقديس لكتابكم المقدّس. فقرأتُ عن الإسلام، وبالذّات عن القرآن، فأسلمت.


   اقشعرّ جسد مشعل، وقال بسرور يغمر قلبه:

-الحمدلله اللي هداك، ويارب يثبتك. بس غريبة ما غيّرت إسمك؟


   رد بضحكة خفيفة:

-ولماذا عليّ أن أغيره؟ ألا تعلم من هو دانييل؟


   شعر مشعل بحرج كبير، وأومأ برأسه بالنّفي.


  قال العميل:

-دانييل أو دانيال، هو نبي من أنبياء الله، من بني إسرائيل، بعثه الله إلى العراق، في عهد الملك البابلي بختنصر أو نبوخذ نصر. وفي ذات الوقت، أرسل نبيّه أرمياء إلى فلسطين. ألا تعلم كل هذه الحقائق .. وهو نبي من الأنبياء؟ 


   كان وجه مشعل يغلب عليه الاحمرار، لم يستطع أن يجيبه بشيء. لكنّه اكتفى بسؤال:

-بس هو مو مذكور بالقرآن، عشان جذي ما عرفته.

-قرأته في كتب علمائكم، وقد ذكروا أنّ قصّة هذا النّبي تُعتبر من الاسرائيليّات، التي لا نصدّقها ولا نكذّبها مالم تعارض الشّرع الحنيف، كما ذكر ذلك النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام.


   مشيا خمس خطوات، فتنهّد مشعل، وقال:

-الجهل عندنا عميق يا سيد دانييل، مشكلتنا ان غالبيتنا ينتقد القراءة، ويشوفها شي هامشي، وغير مهم، إلّا القليل اللي فكّروا بعقولهم. ومن هالقليل، يوجد فئة قليلة تقرأ الكتب الدينية.


   علّق دانييل بأسف:

-هذه هي مشكلة المسلمين العرب .. في وقتنا هذا، أهمل الكثير منهم دينهم، فأصبحوا في وضعٍ مخزٍ، ومذلّ.


   حينذاك، وصلا إلى السّيّارة، ثم انطلقا.

 

***

      ذهبت جوري إلى المنتجع، فركنت سيارتها أما الباب الرئيسي، ثم مضت إلى الداخل. فلما وصلت إلى المطعم هناك .. لم تجد صديقتها، فاستغربت لذلك، وتساءلت في نفسها قائلة:
-
شدعوه!! وينها؟ ليش تأخرت؟ اهي طلعت قبلي بوقت وايد! خل اتصل فيها اشوف !

    اتصلت بها، فردت عليها، بعد ثلاث رنّات:
-
هلا حبيبتي جوري، اعذريني. لما اتصلتي فيني وقلتي انج بتتاخرين .. قلت أروح أتمشى على شاطئ المسيلة.
-
أوك حبيبتي .. يلا أنا بطلب، ماشي؟
- ماشي .. اطلبي مشاوي على ما أوصل.

      ثم أنهت المكالمة. وبعد مرور ربع ساعة، وصلت آسيه إلى المنتجع، وجلست مع صديقتها، بعدما تبدالتا السلام.

     كان الحديث طويلًا عن ذلك الخطيب الغريب، ولم يخلو الحوار من جو الغيبة المعتاد لدى غالبية الفتيات. ثم راحتا تستطردان في مواضيع جانبية، ثم رجعتا إلى الموضوع الأساسي، قبل ختام الجلسة.

   وعقب تناول العشاء، قالت جوري، وهي تهم بجمع أغراضها منْ على الطاولة:
-
أكرمج الله حبيبتي، والقعدة معاج ما تنملّ. والحين، برجع البيت، لأن باجر الصبح عندي شغل ضروري.

    ردت آسية بنبرة مريبة، وبصوت خافت:
-
ما أعتقد بتوصلين بيتكم !

سألتها جوري باستغراب:
-
عفوا ، قلتي شي؟

   ردت آسية بصوت مرتفع:
-
لا، بس كنت أفكر وأتمتم.

ثم أردفت:
-روحي قبلي، وأنا بس بشرب لي قهوه لذيذة ... ثم أرجع لبيتنا.

     قالت جوري مبتسمة:
-
يلا حبيبتي .. في أمان الله

    انصرفت الفتاة، فرمقتها آسية بنظرات شريرة، وابتسامة خبيثة واسعة تعلو وجهها، وهمهمت:
-
هين يا جوري ... هذا ويهي إنْ طلعتي من المنتجع! راح يصلّون عليج صلاة الجنازه باجر، وتلحقين الزعيمة نوف لعالم القبور.

    وصلت زعيمة الزّهريات عند سيارتها، ففتحت الباب، ووضعت المفتاح في مكان التشغيل، ولمّا حرّكته لتشغل سيارتها، اهتز المكان بسبب دوي انفجار السّيّارة، وارتفع الدخان الأسود إلى السماء عاليًا. فارتسمت ابتسامة انتصار على شفتي آسية، وقالت، وهي تنظر إلى الدّخان من مكانها:
- تمت التصفية ...يا الثعلب الأصفر !

    ثم ادعت الخوف، وراحت تركض مع الناس إلى مواقف السيارات، فرأتهم متجمّعين حولها، وبعضهم يصرخ:
-
أكو أحد داخل السياره قاعد يحترق يا نااااااااس!! اتصلوا بالمطافي بسرعه.

      قال آخر:
-
خل نحاول نطفي النار بطفايات الحريق اللي بسياييرنا !

    فقام أحدهم بالاتصال على الطوارئ، بينما أخرج الباقون مطفأة الحريق من سياراتهم، وقاموا بمحاولات إطفاء النار !فصاح شابٌّ، حين صعب عليهم إطفاؤها:
-
إنا لله وإنا إليه راجعون!! شكلنا ماراح نقدر نطفيها.

     وصلت المطافئ بعد ثلث ساعة، وقام رجالها بإخماد الحريق، وبعدها، جاء رجال الأدلة الجنائية. وحين انتهوا من إجراءات عملهم، أعلن الخبير الجنائي وفاة صاحبة السيارة حرقًا.

     سحبت آسية نفسها بهدوء، وهربت خارج المنتجع، مبتسمة ابتسامة انتصار وثقة. وهمست:

-للأسف ما صوّرتها واهي تحترق، بس الأخبار راح تأكّد لعصابة الأركة إنّي قدّها وقدود.

     أخذ رجال الأدلّة الجنائية الجثة إلى المشرحة. وهناك، قاموا بعمل الفحوصات، الّتي بيّنت لهم معلومات عنها، فعرفوا إسمها، وعنوانها. فاتصلوا مباشرة بمنزلها، فردت زوجة الأب، فأخبروها بما حدث. ففي البداية، ذهلت، لكن بعد ذلك، شعرت بارتياح لموتها، ثم أغلقت الهاتف.

    ادّعت الزوجة البكاء، وأخبرت زوجها بما حدث. فكان الخبر على قلبه كالصّاعقة! وكأنّه لم يستوعب شيئًا. فلبس ثوبه وشماغه، ثم خرج إلى المخفر ليتأكّد من صحّة الخبر. أما عائشة، فقد انهارت باكية، بينما ابتسمت شروق، وقالت:
-
الحمدلله .. الحين ابوي راح يتفرغ لحبي، ويهتم فيني.

***


   وصل الأب إلى المخفر، وبدا وجهه مرتعبًا. دخل على غرف الضّابط، وقال بصوت قلق:

-حضرة الضّابط، صج ان بنتي جوري ....


    قاطعه الضّابط بإيماءة منْ رأسه، مؤكّدًا صحّة خبر مقتلها.


  زادت صدمته، وبان عليه الهلع، ثم مسك قلبه، وسقط على الأرض. فاجتمع حوله الشرطة، وحملوه إلى المستشفى، إلى وحدة عناية القلب، فاكتشفوا أنّه قد أصيب بجلطة قد سبّبت له غيبوبة، قد تؤدّي بوفاته خلال فترة قصيرة.


   أضافت هذه المصيبة إلى عائشة حزن أعظم وأكبر، فلم يبقى لديها من يؤانسها بعد الله سوى صديقتها. أما والدتها، فقد بقيت متسمّرة الملامح، تعيش في صدمة، كادت تفقدها عقلها. وكذلك شروق، التي بكت بهيتسريا، فقد أحسّت بأنّها فقدت منْ كانت تتمنّى أنْ يكون اهتمامه لها وحدها.




***


     في صباح اليوم التالي، تم إذاعة خبر اغتيال جوري في جميع وسائل الإعلام، وكذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأوا الهاشتاقات المتعلقة بهذه القضية، التي أحدثت ضجّة عارمة في المُجتمع الكويتي.

    توجست الزهريات من هذا الخبر كثيرًا، وتيقنّ بأنّها جوري، فلما اتصلن بشروق ليتاكدنّ من شكوكهنّ، أجابتهن بأنّها هي المقصوده! فانقلبت الدنيا، ودارت على رؤوس صديقاتها، وبكينها إلى أنْ لم يبقى لديهن دموع !

    صاحت فاطمة تبكى قائلة :
-
وربي حسيت بهالشي، وقلت لها لا تروحين يا جوري بس هي عنيده .. راحت معاها على أساس انها واثقه !

     قالت أمل بصوت متحشرج:
-
أقسم بالله انها شريرة ذيج اللي اسمها آسية .. الشيطانة. 

   قالت نوره مصدومة:
-
بعرف .. شهالبشاعة! انفجاااااار مره وحده؟ شنو هالحقد !!!

    قالت هاجر بنبرة حانقة:
-
هيّن .. والله راح ناخذ ثار الزعيمة.

     خلال دقائق، سمعن طرق الباب، فخرجت أحلام، وتفاجئت بأنهم الشرطة، فسألتهم بذهول:
-
عفوا؟ يايين تتهمونا بقتل رفيجتنا مثلًا؟ ترى ملينا من اتهاماتكم !!

رد عليها النقيب عادل:
-
لا مو بقضية مقتل جوري، وإنما بقضية مقتل الوزيرة نوف.

   صعقت أحلام، وقالت:
-
أمس انتو محققين معانا وطلعنا براءه !!
-
اليوم وصل لنا دليل قوي ضدكم. 

    لم يمهلها النقيب أن تساله عن الدليل، حتى أمر قوات الشرطة باقتيادهنّ، فاقتحمت نساء الشّرطة، وألقت القبض عليهنّ. وكانت الزّهريات مصدومات من هذا الأمر !!!

سألتهم نوره عن سبب القبض عليهم، فأجابها النقيب:
-
ولا كلمة!! جدامي للمخفر، هناك راح تعرفون كل شي.

    انطلقوا بهن إلى المخفر، وهناك كانت الصدمة أشد! إذ وجدوا آسية تنظر إليهن بخبث، وابتسامة ماكرة ترتسم على شفتيها.

قالت فاطمة بصوت خافت وبحنق:
-
نذله!


  ثم قالت للنقيب:

-هذي هي اللي واعدت جوري بالليل.


  ردت آسية:

-شنو دليلج؟ آنا كنت بلحظة الانفجار في مطعم بالسّالميّة مع رفيجتي. والنّقيب سأل موظف هناك، وأكّد صدق كلامي.

     غضبت عليها فاطمة، لكن لا أمل! فتم أخذ الزّهريات إلى التحقيقات، وهناك أثبت الدليل القاطع ضدهن، عبر هاتف آسية، التي صورت بعض الأحداث المهمّة في مواقف العيادة الخاصه، من مسافة قريبة، قبل نفاد بطّاريتها. فلم تنكر الزهريات أي شيء مما ذكر، فتم بعد ذلك .. زجهن في السجن.



      خرجت آسية من المخفر، وتنفست الهواء بعمق، وقالت في نفسها:
-
إييه، الحين برجع أمارس حياتي الطبيعية، دام اني خلصت مهمتي! والحمدلله مافي دليل يثبت إدانتي. والموظّف اللي عطيته الرّشوة، ما قصّر بشهادته معاي.    

    ثم بانت على فمها ابتسامة ثقة وغرور، وقالت:
-
مساكين! ما يدرون ان زهرة الجحيم فطنة وذكيّة .. وراح تبقى القضية (ضد مجهول) ليوم الدّين.

***


    اعتدلت المذيعة لولوة بجلستها، لتبدأ برنامجها اليومي، فجاءت فتاة من طاقم العمل، تخبرها بأنّ أختها أحلام تريد منها أن تتصل حالًا على المدرسة، فامتعضت المذيعة، واستئذنت من المخرج لدقائق.


  اتصلت على مدرسة أختها، فردّت عليها الوكيلة أم أحمد، فقالت لولوه:

-هلا أستاذه، طالبين من أختي الطالبة أحلام إني اتصل فيكم؟

-عفوًا، انتي لولوه؟

-أي، معاج لولوه.

-أهلين حبيبتي، شلونج؟

-أم أحمد؟ أهلًا خالتي، الحمدلله تمام، شخبارج، آمريني؟

-ما يآمر عليج ظالم، بس أختج عندها استدعاء، فقالت ان أمج وأبوج مسافرين، فتقدرين تيين بمكانهم؟


   قالت لولوه في نفسها:

-أحلام الجذابه! بس هيّن، عبالها ماراح أزفّها مثل أمي وأبوي.


    ثم أجابت على الوكيلة بأنّها ستأتي قبل الظّهيرة، بعدما تنتهي من تصوير حلقة اليوم.


    وعندما حان وقت حضور لولوه إلى مدرسة أختها، ومضت تمشي إلى قسم الأدارة، خرجت الأستاذة ملاك بوجهها من القسم، فوقعت عيناها في عينيْ لولوه، فاتّسعت عينا المذيعة دهشة، وكأنّها رأتها من قبل في مكان ما. ثم أكملت بطريقها إلى داخل القسم الأداري، ومن ثم إلى غرفة أم أحمد. فسلّمت عليها، وكانت أحلام جالسة، مطأطأة الرأس. ثم حدّثتها الوكيلة عن مشكلة أختها الصغرى، فوبّختها لولوه، ثم وقّعت على تعهّد، ثم خرجت المذيعة مع أحلام.


   قبل أن تذهب أحلام إلى فصلها، سألتها أختها:

-منو الأبله اللي كانت لابسه بنفسجي ناعم؟

-هذي أبلة ملاك، ليش؟


   تبدّلت ملامح لولوه إلى الشّحوب، وضاقت مساحة عينيها، وأجابتها:

-أبي أكلفج بمهمّة، حاولي تعرفين وين بيتهم.

-ليش؟ عسى ماشر؟

-نفذي الأمر بدون أسئلة. والحين روحي لصفّج، أما شروق، فانسي أمرها، لأن خلاص، ما أبي منها شي بعد اليوم.

-شروق عندهم عزا، يقولون أختها أمس توفّت بانفجار ......


   قاطعتها أختها الكبرى:

-عارفه كل شي. يلا روحي صفّج.


   ثم استدارت لولوه نحو بوابة الخروج، وقالت بهمس:

-المخبرة الحقيرة، ملامحج ما نسيتهم. نهايتج راح تكون على إيدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )