الخميس، يوليو 24، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))




الفصل السادس والعشرين


صحوة الضّمير الميّتِ






     مضى الوقت بطيئًا، بالنسبة إلى مشعل، في غرفة حور. ومن شدّة ما كان يعانيه من ملل، بحث عنْ أيْ موضوع يتحدّث عنه، فسأل أخته عن صديقاتها، فأجابته بأنهنّ لم يأتينَ بسبب أهلنّ. ثم  أمسك بجهاز الريمونت كنترول، وبدأ يقلّب قنوات التلفاز، المعلّق في وسط الحائط.


     وبينما كان يقلّبها بوجه سادت على تقاسيمه الضجر، سمع صراخ أخته، تقول:

-مشعل، أرجع للقناة اللي قبلها بسرعه.


   التفت إليها، وسألها عن السبب. فأجابت:

-أنت أرجع وما عليك.


   رمقها بازدراء، ثم مضى يكمل تغيير القنوات، غير آبه بطلبها، عنادًا لها.


   امتعضت حور، فلاحظت ذلك خالتها روان. فقالت مغتاظة لمشعل:

-أنت شفيك ما ترجع للقناة ذيج؟


   ردّ على خالته، ووجهه على التلفاز:

-نسيت رقم القناة، لأني رحت بعيد.


   قامت روان من كرسيها، وذهبت إليه، فأخذت منه الجهاز عنوةً، ثم سألت حور بلطف:

-يا قلبي، أي قناة تبين؟


   اغتاظ مشعل لذلك، فسكت، وجلس على الكرسي خلفه، ووضع يده على خدّه، وراح يتأفّف ويزفر.

   فابتسمت حور بانتصار، حين رأت وجه أخيها المهزوم، وأجابت على خالتها:

-على القناة الأولى.


   حين اختارت الخالة رقم القناة، بدت الكاتبة اليابانية المعروفة على الشاشة، واستقبال كبير من الشّعب لها، في المطار الدّولي.


   تبشبش وجه حور، وقالت بفرح:

-يااااي، هيسوكا، الكاتبة المعروفة، أميرة الغموض، صاحبة الرواية الرائعه (زهرة السّاكورا). لازم أحصّل توقيعها بأي طريقة.


  ردّت عليها خالتها:

-ابشري، أنا راح أوديج لها.


   أردفت مستغربة:

-بس شي غريب! ليش جت قبل وقت معرض الكتاب؟


   رد عليها مشعل، بنبرة ضيق:

-يمكن رابطة الأدباء هم اللي طلبوها تجي .. عشان تسوي ندوة عن الأدب الياباني!

-ممكن!



***


        كان شهيد جالسًا في منزل الوزيرة، والتي كانت مازالت حزينة على فراق ابنتها، ومعهما في المنزل شهد ووالدتها.

    قالت أشواق بعينين دامعتين:
-
شهيد .. ما في أخبار يديده عن بنتي؟
-للأسف ... مافي أي خبر عنها، بس ابشري يا أم إيمان ... وعدتج اني راح أييبها لج.

   جاء اتصال مفاجئ لشهيد، فأجابه على الفور:
-
هلا بالنقيب عادل.
-
هلا فيك سيدي، أكلمك من بر الجليعه .. لقينا جثة الوزيرة نوف، ومعاها أختها.

    بدت الصدمة على وجه اللواء، فقال:
-
اوف! متى كان وقت الوفاة، حسب تقرير الأدلة الجنائية؟
- قدّروا وقت الوفاة بين الساعه 12 إلى 2 الظهر !

   علق شهيد بأسى:
-
إنّا لله وإنّا إليه راجعون! 

   قال النقيب مستطردًا:
-
سيدي اللي قتلهم .. مبين عليه حاقد! لأن جسمهم متروس رصاص !
-
أعوذ بالله! شوف، إذا في أي مستجدات أو ....

     حينها تذكر شهيد أمرًا مهمًّا، فقال:
-
لحظة! تدل شقة الزّهريات؟
- اي أدلها ... تقصد انهم ممكن يكونون القتله؟
- مو متأكد بس عندي شك كبير! لازم تسوي معاهم تحقيق لما ترجع للديرة.
-
أمرك سيدي.

أغلق شهيد الهاتف، فسألته أشواق بقلق واضح:
-
عسى ماشر؟ لا يكون صار ببنتي شي؟

    رد عليها مطمئنًا:
-
لا تحاتين ... بس لقوا جثة زعيمة الأركة نوف، في بر الجليعه مع أختها.

    صعقت الوزيرة، وقالت:
-
امبيه! لا يكون الحين عبالهم اني أنا اللي أرسلتهم عليها عشان يقتلونها؟

     ثم وضعت يديها على وجهها، وانفجرت باكية. فأمسكتها أم شهد، وقالت:
-
مو شرط يفكرون جذي. ريحي بالج، الله يخليج.

    قال شهيد:
-
احنا نتوقعهم عصابة الزهريات .. لأن أكثر الاحتمالات تشير لهم.

     ردت أشواق:
-
يرحم والديك يا شهيد .. أنا مو قادره أنام عدل من عقب ما اختطفوا بنتي. تكفى الحين اقتحم الشقه دام لقينا شي ضدهم.

رد شهيد نافيًا:

-للأسف، ما ندلّ مكان الشّقة بالضّبط، وحتّى لو ندلّها، فمن الخطورة اقتحامها! لأن هذا راح يكون مقابله روح بنتج.

    صمتت الوزيرة، ثم قالت بأسى:
-
آآآه يا بنتي .. وربي ولهت عليج يا قلب أمج انتي.

***

    عند الساعة السابعه إلّا ربع مساءً، انطلقت مريم بسيارتها إلى مقابر الصّليبيخات. فقالت، وهي تنظر إلى الطريق بوجه شارد:
-
إيه يا رفعه! اتصالج المفاجئ، وطلبج هذا .. يخليني احترز منج واتهيأ للي ممكن بيحصل. متأكّدة انها تبي تاخذ ثار كرامة أختها، اللي انجرحت!! اي جرحت كرامتها .. حتى لو أنكرت ليلى هالشي.

    وصلت هناك، بتمام الساعة الثامنة، وكان المكان شبه مظلمًا، فقد كانت أعمدة الأنارة البعيدة قليلًا، ترسل ضوءًا يسيرًا إلى ما بين المقبرتين. وبعد مرور دقيقتان، وصلت رفعه بسيارتها، وركنتها بمسافة تبعد بضعة أمتارٍ، عن سيارة مريم.

     نزلت الفتاتان من سيارتهما، فتقدم كل منهما ناحية الأخرى، حتى تقابلتا، وكانت المسافة بينهما قصيرة جدًّا.

   ابتسمت مريم، وقالت بتكلّف:
-
أهلين رفعه .. صارلي عنج سنين! شلونج شخبارج؟
-الحمدلله بخير. عاش من شافج يا استاذه مريم !

      ردت مريم بحدّة وبريب:
-
اتمنى ما لقحتج اي سياره !
-شقصدج؟
-أعتقد انج عارفه قصدي! يعني ما اتصلتي على الداخليه، أو اتصلتي بعصابتكم!؟

     ضحكت رفعه، وقالت:
-
من صجج تسولفين انتي؟ أي عصابه تتحجين عنها؟ لا تحاتين .. حتى ليلى ما قلت لها !

    عم الصمت المكان. وبعد برهة، قطعته مريم، قائلة:
-
شنو الموضوع اللي تبين تكلميني عنه؟
-بخصوص أختي ليلى !
-
شفيها أختج؟

    أجابتها رفعه بنبرة حادّة:
-
أبي آخذ ثارها منج !

  ردّت مريم بدهشة:

-غريبة! انتي تآخذين ثار قبضة الهلاك؟ 
- مو عاجبج؟ اليوم لازم تموتين على ايدي يا مريم! انتي وأمثالج المفروض ما تعيشون.

    أخرجت من جيبها سكّينة مطبخ ضخمة وحادة، وقفزت عليها، موجّهةً لها طعنة، لكن مريم قامت بعملية الشقلبة إلى الخلف. فحاولت أخت ليلى تسديد الطعنات من كل تجاه لخصمها، لكن الأخرى كانت سريعة القفز للوراء، ولم تتمكن حتّى من خدشها.

     قالت رفعه، وهي تتنفس بصعوبة:
-
للأسف ............. ما قدرت ...... أطعنها !

    توقفت مريم بالقرب من سيارتها، وقالت:
-
 أشكر أختج ليلى انها ذكّرتني بمقولة لمدربتنا البائسة، عشان جذي .. ما قدرتي حتى تخدشيني.

    ثم أردفت:

-شوفي، ماراح أستخدم معاج ذخيرتي، لأنْ ودّي أتدرّب عليج شوي.   


      تهيّأت بوضعية القتال بيديها، ثم اندفعت ناحيتها، تلكم وتركل، فاستطاعت صد كل ضرباتها. ثم قامت رفعه بالهجوم العكسي، وأسقطت خصمها أرضًا، فذهلت مريم منْها!


   قالت لها رفعه بابتسامة واثقة:

-على فكرة، ترى هم كنت أتعلّم الفنون القتالية، وكنت أحيانًا أدرّب أختي ليلى، بس ما استمرّيت بهالمجال. 


     نظرت مريم إلى وجه رفعه بنظرات مشدوهة، ثم قبضت قبضة من التّراب، وقذفته بوجه خصمها، ثم مدّت يديها إلى ذخيرتها، خلف ظهرها، لكن لسوء حظّها، فقد أصابتها رصاصة حارقة في كتفها الأيمن، قبل أنْ تسحب الذّخيرة، فصرخت من شدّة الألم.


   صاحت عليها رفعه، وهي تتقدم ناحيتها:

-يا غبيه، تعتقدين إني ما أقدر عليج؟ في البداية كنت بستمتع بتقطيع جسمج، واسمع صراخج تتألمين، قطعه قطعه، ثم أحذفه للجلاب الضالة، بس الظاهر ماراح أقدر على هالشي! فاضطريت أستخدم المسدس ... عشان تكونين وجبة كاملة لهم.


    تقدّمت إليها أكثر، إلى أنْ وقفت قريبًا جدًّا منها، فأكملت تقول:

-ولا حركة! قوليلي، شنو وصيتج قبل الموت؟


    ووضعت فوهة السلاح على رأسها، وتابعت:

-دمّج ينزف، وماراح تقدرين تنحاشين منّي، أو تحاولين قتلي. فمافي أمل تعيشين!

     في تلك اللحظة .. جاءت سيارة تسير بأقصى سرعتها. ولما وصلت بالقرب منهما، قامت بحركة استعراضيه جانبية، حيث قامت بتحريك المقود إلى اليمين، وسحب (السّايد) .. فوقفت سيارتها بينهما، وتناثر غبارٌ كثيف حول المكان .. إثر هذه الحركة.

     ذهلت الفتاتان من ذلك الشخص الغريب. فتوقّعت مريم أنْ يكون صاحب السياره رجلًا من المباحث! أما رفعه، فقد اعتقدته أحد أفراد عصابة الأركة.

     خلال ثوانٍ، فُتح باب السيارة، وخرجت منها فتاة تقف بثبات، وبعد أن انقشع الغبار بعيدًا، بدا شكل صاحب السيارة واضحًا لهما، فصاحتا في وقت واحد:
- ليلى !!

     قالت مريم لرفعه:
- انتي مو قلتي ان محد يدري!؟ ليش الجذب؟

   أجابتها ليلى فورًا، قبل أنْ تجيبها أختها، قائلة:
- ما قالت لي ولا شي .. بس أختي الصغيرة .. هي اللي سمعت مكالمتها معاج، وبلغتني فاستعنت بصديقتي ميمو .. تساعدني على النحشه من المستشفى.

    تقدمت رفعه ناحية ليلى، ونهرتها قائلة:
- ومن قالج تجين؟ لو سمحتي، لا تدخلين بينا!

    لاحظت ليلى سلاحًا بيد أختها، فأنكرت عليها:
- انتي من صجج تبين ترتكبين جريمة؟؟؟ وين عقلج يا أختي الكبيرة؟؟

    ردت منفعلة:
- قلت لج لا تتدخلين!!! يلا ارجعي للمستشفى، ولا ترى قسما أعلم أبوي عليج.
- علميه ... بقوله اني الحمدلله تحسنت، وما يحتاج أظل أكثر! خلاص يرحم والديج استري علينا، وترى أبوي ما عودنا نشيل السلاح!! من وين جبتيه بالله؟
- مالج شغل من وين جبته!! ليلى، اسمعي كلام أختج الكبيره، وامشي من هني.

     قامت ليلى بحركة مباغتة لأختها، فأمسكتها من يديها بقوّة، وصاحت قائلة لمريم:
- مريوم .... ياليت ترجعين للمكان اللي جيتي منه! وأوعدج اني ماراح أخلي أختي تقرب صوبج .. ثقي فيني.

     ذهلت مريم، وحدّثت نفسها:
- ليلى! معقولة يايه مو عشان تقتلني!؟ وتناديني "مريوم" بعد!! هالاسم كانت تناديني فيه لما يكون في صداقة وحب بينا! بس ليش تناديني جذي، وأنا اللي قسيت عليها؟

     قطع تفكيرها صوت ليلى:
- مريوم شفيج للحينج واقفه؟ قلت لج روحي.

   حاولت رفعه أنْ تخلّص يديها من بين يدي أختها، لكنها لم تستطع ذلك. فصعدت مريم سيارتها، ومضت بعيدًا.

    وحينما ابتعدت، تركت ليلى يدي أختها، التي لم تحتمل غيظها المتأجج في دمها، فغضبت، وقامت بصفع ليلى، وقالت بلهجة حانقة:
- انتي غبيه، ولا شنو؟ ليش تركتيها تمشي؟ عبالج ان صداقتج هذي راح تنفعج؟ كانت تبي تقتلج ذاك اليوم، وجرحت كرامتج .. وتبينا نسكت عنها؟ وربي انتي خبله ... ذلفي عني الحين .. لأنْ بروحي صاكه فيني الدنيا! ولا توريني وجهج بعد اليوم .. يا جبانه.

   كانت ليلى خافضة عينيها، أثناء توبيخ رفعه لها. فردت على أختها الكبرى بهدوء:
- مو مشكلة. قولي اللي حابه تقولينه .. بس أهم شي تريحين قلبج! وأنا الحين برجع للبيت، واشرح لابوي سالفة طلعتي من المستشفى. وبيكون هذا اللي صار .. سر بيني وبينج.

   ردت رفعه بلا مبالاة:
- انقلعي بس انقلعي .. بذلف للبيت أبرك! ولا تشوفج عيني .. ما عندي أخت ثوله مثلج.

    ثم رجعت إلى سيارتها، وانطلقت عائدة إلى المنزل. أما ليلى، فقد بقيت واقفة، تتألم من داخلها بسبب ما حصل من أختها الكبرى تجاه صديقتها القديمة، فعلقت قائلة:
- مريوم .. مع انج نكرتيني إلّا اني ما أقدر أنكر ذكرياتي معاج! الله يهدي قلبج، وقلب أختي معاج.

***

      في ذات اللحظة، كانت مريم شاردة الذهن، وقد سبرت أغوار فكرها، وهي تتذكر الموقف، الذي حصل أمامها قبل لحظات، فتراءى لها المشهد، وكأنها تعيشه الآن. فقالت في نفسها:
- ليلى ... كنتي تقدرين في لحظة ضعفي .. انج تاخذين ثارج، بس ليش ما أخذتيه؟ معقوله للحينج تعتبريني صديقة طفولتج!! أمرج غريب صراحة! ما عمري عرف إنسانه بحياتي مثلج!

    وصلت إلى إحدى المستشفيات، في طريقها، فتمّت معالجتها، فأخرجوا الرّصاصة من عضدها، وتم تخييطه، وتضميده. ثم سألها الطبيب المعالج عن سبب هذا الجرح، فأخبرته بأنّ ثمّة شاب ملثّم قام بتهديدها مقابل إعطائه محفظتها، ولما رفضت ما يريد، قام بإطلاق رصاصة عليها، ثم فرّ هاربًا.

 صدق الطبيب هذه القصة. ثم 
خرجت مريم من عيادته، وعادت إلى الشقة. حين دخلت، كانت مازالت شاردة في ذهنها، فوجدت في الصالة الأفعى الحمراء، جالسة تتابع الأخبار. ولما رأت أن مريم لم تنطق بحرف، نادتها:
- مريوم شفيج جذي ويهج تعبان؟ وشنو فيها ايدج؟

   ردت مريم بلا اكتراث:
- ماكو شي ... بنام الحين، قعديني الساعة 3 الفجر.

   استغربت الأفعى من هذا الطلب الغريب، لكنها لم تسألها أكثر، كي لا تثير إزعاجها.

     استلقت مريم على سريرها، فأخذها التفكير إلى تلك اللحظة، التي جعلتها تعيد حساباتها مع ليلى، فتساءلت:
- للحيني مو قادره أستوعب! ليش ليلى دافعت عني بموقف مثل هذا؟ كان أمر اغتيالي سهل! أولا: المكان مظلم، ثانيا: مافي أحد يجي هناك! ثالثًا: أنا مطعونه! وهالشي خلاني ضعيفه، رابعًا: هم اثنين ضدي! كل هذا كان يسهّل عليها عملية الانتقام، وأخذ الثار!! بس مع هذا ... طلبتي مني أروح، ومنعتي أختج مني! واللي حيرني أكثر انج ناديتي "مريوم"! أحرجتيني، وذكرتيني بالماضي .....
   

 

  أطبقت مريم على شفتيْها صامتة، وفتحت عيناها على وسعهما دهشةً، ثم واصلت محاولة استيعاب نفسها:
- لحظة لحظة .. أنا شقاعده أفكّر فيه!! شنو "أحرجتيني" وأنا من متى أنحرج!؟ وشنو "ذكرتيني"؟ أنا من صجي قاعده أفكّر بالماضي؟ ذكرياته سودا .. أكرهها وأكره كل شي يذكرني فيها .....

      ثم أردفت، حين شعرت بأنّ مشاعرها بدأت تدب في قلبها، وتمكّنت منْها:
- آه يا ليلى .. وربي انج صديقة مخلصة! مو قادره أبعد هالتفكير من راسي .. بس أحسّه حيل قاعد يحتويني بكل مافيني!! ليلى .. أهنيج انج حركتي شي بداخلي، كان جامد ... كان مصدّي! جميلج هذا لازم ارده!

      شعرت بألم في نفسها، ثم أكملت:
- آخ! كبريائي وغروري هذيل يتعبوني والله!!! أحس لو دافعت عنها .. راح تقول اني جبانه، واني استسلمت لها! بس هي وايد طيبة ووفيه، أتوقعها راح تستقبلني بأحضانها وبكل مشاعرها. واعتقدها راح تشجعني أكثر اني أكون معاها. 

      أنهت حديثها النفسي بابتسامة حالمة، مقرّةً:
- ليلى حبيبتي ... راح نرجع لأيامنا الأولى ... وابتعد عن هالعصابه، اللي ما عرفت منها إلّا الشر!

***

       قبل منتصف الليل .. كانت تشيريف تجوب بصحنها الطائر فوق الفندق، بينما تشيريك تتذمر من فعلها هذا. فلم تحتمل أكثر، فصاحت غاضبة:
- تشيريفوه .. ترى وربي ملينا!!! خلاص السمينة ذيج مو موجوده .. افففف.

     ردت تشيريف، التي كانت تراقب المكان بانتباه:
- اششش تشيريك ... خليني أدوّر، أنا متأكده انها بتيي هني.
- وين تيي بالله!!! صارلنا يومين واحنا ندور .. وما لقيناها. يبا خلااااااص، خل نرجع، تفهمين انتي، ولا ما تفهمين؟

     حينها لاحظت تشيريف وجود تلك السمينة، ففرحت بشدّة، وصاحت:
- يااااااااااااااااااااااااااااااااااي .. لقيييييييييييييييييييتهاااااااااااااااااا.

      انطلقت ناحية السمينة، لكن ثمّة طائرة فاجأتها، قد حالت بينهما، فحاولت تشيريف المراوغه، ولسوء الحظ، اختفت تلك المرأة بين المباني هناك!

     غضبت تشيريف، وقامت بخنق تشيريك، وقالت بغضب:
- أنا بعرف شلون اختفت هالسمينة!!! وشكو الطياره تيي بويهي؟؟؟ الحين راحت مني آآآآآآآآآآه.

     ردت تشيريك بصوت مخنوق:
- هديني، آنا ماني شغن (مالي شغل) ... بموووووووووووووووت!

     تركتها تشيريف، وعادت تبحث عن المرأة السمينة، قائلة:
- أنا متأكده انها قريبة من هالمكان .... لازم أدوّر عليها وألاقيها !

    علقت تشيريك بأسى، بعدما أخذت نفسًا عميقًا:
- اللهم طولج يا روح.


***

     في صباح الغد، اتصلت آسية بجوري، فلم تجبها إلا بعد عدة اتصالات. فنظرت إلى شاشة هاتفها بعين مغمضة، والأخرى تكاد تغمض من التعب! فقرأت الاسم جيدا، ثم ردت:
- أهلا آسية ... صباح الورد.

    ردت زميلتها بنبرة قلقة:
- خوفتيني عليج الله يسامحج، صباحج عسل يا جوري.
- السموحه حبيبتي .. أمس كنت سهرانه، عشان جذي .. نمت متأخر، آمريني؟
- ما يامر عليج ظالم. تتذكرين خطيبي اللي كلمتج عنه قبل؟

    رجعت جوري بذكرياتها بضع سنوات إلى الوراء، فلما تذكرته، أجابت:
- للحين ما تزوجتوا؟

  ردت آسية بضيق كبير:
- لا للأسف، ما أدري ليش .. كل ما كلّمته عن هالموضوع، يقول "لما أكوّن نفسي .. نسوي العرس" ومادري متى يكوّن نفسه!
- عيل ليش خطبج دامه مو قدها؟
- مادري عنه ... غثني!! لازم نقعد مع بعض عشان نتكلم عن موضوعه أكثر. لأن اليوم سوّى لي مشكلة.

-مشكلة!!!! الله يستر!!

ثم نظرت جوري إلى الساعة التي بجانبها، وسألتها عن وقت الموعد، فأجابتها آسية:
- الساعه 7 بالليل .. في منتجع صحارى .. هناك المكان هادي وحلو، وفيه خوش مطعم.
- قصدج المطعم اللي صوب ملعب الغولف؟
- اي هذا اهو.
- أوك .. إن شاءالله اكون هناك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )