السبت، مارس 14، 2015

(( لغز الرّؤوس الثّلاثة .. ))


الفصل الثّاني

مضى الشّاب، فلحقت به ريينا عن بعد، حتى رأته يدخل قصره المنيف، المبني من حجر الزمرّد الأخضر. دُهشت كثيرًا من هذا الصّرح الباذخ الجمال، فتلألأت عينيها على وقع تلألأ الحجر، فقالت بذهول:

- يااااه، ما هذا الذي أراه؟ أحقًّا هذا القصر موجود في هذه الدنيا؟ يا لجماله الأخّاذ.

انتظرت هناك لبرهةٍ، ثم سمعت أحدهم يقول من خلفها:
- هي أنتِ، ماذا تفعلين عندك؟

التفتت بخوف، وردّت عليه بتردد:
- لا شيء، لكن لفت انتباهي هذا القصر، فأحببت أن أراه.
- وهل انتهيتِ من رؤيته؟
- ليس بعد، فأنا أريد الدخول.

نظر إليها بازدراء، وقال:
- ومن تكونين أنتِ؟
- لا شأن لك! من أنت لتأتي وتزعجني؟

أخرج الرجل سيفه، وهددها قائلًا:
- أنا غسّان، الحارس الشخصي للسيد مشعل.

بلعت ريينا ريقها، وقالت له راجية:
- لم أقصد شيئًا. سأذهب، لكن لا تغضب!




وأثناء عودتها إلى منزلها، كانت تتمتم بتذمر:
- سأرجع إلى منزلنا، إلى تلك الأم البغيضة. كم أكرهها حين تصرخ في وجهي، وتوبّخني. 
لقد سئمت الحياة مع هذه العجوز.

وصلت إلى المنزل، ولما دخلت، استقبلتها والدتها بضربة بعصاها على جسدها، وصرخت عليها:
- أين كنت يا بلهاء؟

مسحت ريينا مكان الألم، وأجابتها:
- في بيت صديقتي فاطمة.
- فاطمة؟ تبًّا لك ولها، هيّا اذهبي للمطبخ، هناك الكثير من الصحون بانتظارك.

ردت بانزعاج:
- حسنًا حسنًا، سأذهب.


ذهبت إلى المطبخ، فرأت صحونًا متكدّسةً فوق بعضها، فامتعضت، ودخلت منزعجةً، وقامت بغسلها. وأثناء ذلك، كانت تفكّر بطريقة ما للهروب من هذا الجحيم، فجاءت في بالها فكرة شراء منزل بالقرب من القصر الأخضر، وتعمقت أكثر بهذه الفكرة .. إلى أن وجدت أنّها صائبة، وقررت شراءه.

بعدما أنهت عملها، سحبت نفسها بهدوء، واستغلت غفوة والدتها في صالة المنزل، فمشت على أطراف أصابعها، إلى أن خرجت، وابتعدت عن المنزل، فوجدت حصانًا قد تركه صاحبه لقضاء حاجته.

 فجاءت في بال ريينا فكرة شيطانية، وهي أنها ستسرقه، ليأخذها إلى القصر، وتترك في مكان الحصان مائة دينار.

ركبت الحصان، وانطلقت به، ووصلت خلال وقت قصير، فوجدت بعض المنازل المعروضة للبيع بأسعار لا تصل لأكثر من مائة ألف دينار، فاشترت واحدًا صغيرًا بعشرة آلالاف، وبعد أيّام، أصبح البيت مفروشًا ومؤثّثًا.

واشترت منظارًا ضخمًا، ووضعته فوق السطح لتترصّد تحركات أهل القصر، وتحاول اختراق جدرانه لكي تكون جزءً منهم.

وفي اليوم التالي، انطلقت إلى منزل فاطمة لتخبرها بشأن ما فعلته من سرقة للثري حتى هروبها، وعرضت عليها أن تعيش معها بدلًا من العيش في منزلها المتهالك. فوافقت صديقتها فورًا، وهربت معها إلى المنزل الجديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )