الفصل الرّابع عشر
اتّصال مفاجئ
قامت الزّعيمة وأختها إلى صالة الشقة،
فوجدتا فتيات العصابة واقفات حول الحقيبة. فقالت نوف لهنّ:
- شناطرين؟ يالله بطلوا
الجنطة.
فتحت ندى الحقيبة، فلما رأت باقي الأفراد تلك
المخلوقه، قلنَ باعجاب:
- وااااو شنو هذا!!!
علقت القطة:
- صحيح شكلها بشع بس
أحسها كيوت.
وافقتها نوف:
- اي صح .. مبين عليها
خوش فضائية.
دخل عليهن الأناكوندا، وكان
للتو قد انتهى من عملية سرقة مع صديقه، المجرم السارق النشط، والملقّب بالرّاكون، جسده مملوءٌ قليلًا، وعيناه صغيرتان.
حين شاهدا تجمّع الفتيات،
تقدّم الرّاكون، وسألهنّ:
-متجمعين على شنو؟
أجابته الأفعى:
-
تعال شوف،
الفضائيج ذيج .. يبناها قبل شوي.
نظر الصديقان في وجه الفضائية، فاشمئز
الأناكوندا، وخاف الرّاكون، قائلًا:
-
شكله مرعب! يصلح
حق أفلام رعب.
حينذاك، استيقظت تشيريف، ولما فتحت
عيناها، قالت بذهول، وهي تنظر إلى وجوه العصابة:
- امبيه! شيابني عندكم؟
لا يكون ييتكم وأنا نايمة!!!
ثم تلفّتت حولها، وانتبهت أنّها جالسة داخل
الحقيبة، فتساءلت بتعجب شديد:
- وهذي شنو بعد؟ شلون
صارت مركبتي جذي؟
أجابتها نوف ضاحكة:
- انتي عندي .. في
شقتي، أنا نوف زعيمة عصابة الأركة، وانتي عندي .. عشان أبيج بمهمة.
- مهمة! وأنا شكو
بالمهمات؟
دنت نوف بوجهها منها قائلة:
- اذا ساعدتيني
بهالمهمه ... راح أعطيج مكتبة كاملة من الكتب، ولروائيين عالميين في الكرة الأرضيه
.. موافقة؟
علقت بندقه:
- سمعنا عنج انج تحبين
القرايه، فاشترينا لج مجموعه كبيره من الكتب.
قالت تشيريف في نفسها:
- هذيل شكلهم مضيعين!
عبالهم اني تشيمير! بس لحظة .. والله خوش فكرة لو ساعدتهم .. عالاقل لو اجذب عليهم!
أهم شي اني راح اطلب منهم بنت سمينة بدل الكتب!! بتقزر على هذي اللي اسمها نوف.
قامت تشيريف، وردت عليها:
- خلاص .. اتفقنا.
أخرجت نوف من جيبها صورة، وعرضتها على تشيريف
قائلة:
- ابيج تقولين لي ...
وين القى صاحبة هذي الصورة؟
من أول نظرة ألقتها تشيريف على صاحبة
الصورة.. عرفتها، فحدثت نفسها:
- أوه! هذي جوري!!
شيبون فيها؟!
قاطعت نوف تفكيرها بقولها:
- هذي حصلت لها حادثه
قبل ايام، وأنا شاكّه بموتها، واحنا رفيجاتها .. فياليت تدورينها لنا.
ثم سقطت من عيني نوف دمعتان، وأردفت:
- احنا ناطرينها ..
مشتاقين لها وايد! فياليت تتأكدين هل هي ميته فعلا ولا حيه؟ الله يخليج .. ترى
قلبي مو قادر يتحمل اكثر.
دارت تشيريف بصرها حولها، فلمحت صورة قطة
سوداء على قميص بلّو، فقالت مستدركة:
- اوووه تذكرت!
القطوه السودا! تمتمت جوري وهي نايمه قبل أيام .. ان هالقطوة فجّرت القنبلة باللعبة!!
أوف، معقوله تكون هي نفسها! وهل أنا بين عصابه خطرة!!! بس إذا كانوا فعلًا هم، وقاعدين يتحايلون علي .. فلازم أخدعهم.
ثم نظرت نحو عيني جوري في الصورة، وبعد
لحظات قالت:
- الحين أنا قاعده أشوف
جدامي ان هالبنت موجوده في منطقة المطلاع! ونايمة داخل حفره عميقه.
سألتها سلوى:
- تقصدين خندق؟
- ايوه خندق كبير، وهي
حيل بردانه، ومحتاجه بطّانيّة.
تبادلت العصابة النظرات بذهول، وتساءلن:
- معقوله فعلا هي حيه!
قالت القطة في نفسها بغيظ:
- خطتي فشلت يعني!!!
هين يا جوري، هالمره ماراح افشل، وراح اقتلج شر قتله.
بعدها، أمرتهن نوف بالذهاب فورًا إلى
المطلاع، مصطحبات معهن المرّيخية لترشدهن على مكانها.
فعلّقت تشيريف بصوت خفيض:
- ياخذوني معاهم بعد!!
شهالورطه!
انطلقن
بسيارة جيب باثفندر، تقودها ندى، وبجانبها القطة السوداء، وخلفها فستقه وبندقه والمريخيه
جالسة بينهما، ومريم خلفهم، ممسكةً بذخيرتها. فلما وصلن إلى بر المطلاع، أرشدتهن تشيريف
إلى مكانٍ لمحت فيه خندقًا بالصدفة.
نزلت بلّو، تسبق الجميع، داخل الخندق، لكنها لم تجد شيئًا، فقالت غاضبة:
- انتي يالفضائية
البشعه ... تلعبين علينا؟
ردت تشيريف غاضبة:
- حسني الفاظج اوك؟
انتي شايفه خشمج اللي جنه ضرس بعير مكسور! احترمي نفسج عاد.
تدخلت ندى بينهما قائلة:
- يرحم والديكم بسكم!!!
خلاص بلّو حبيبتي .. يمكن جوري راحت مكان ثاني!! خليها تدور من يديد.
- اوك بس انا بروحي
متنرفزه، وهي تستعبط فوق روسنا! يعني دقينا كل هالدرب، وآخرتها ما لقيناها، شسالفه؟!
ربتت فستقه على كتفها قائلة:
- ما عليه بلّو .. هدّي
اعصابج ...!
تنهدت القطّة، ورجعن الى السيارة. فقالت
بندقه:
- تشيريف يرحم والديج
.. هالمره تأكدي من مكانها. لأن ما ودنا نلف الديره على ولا شي!!
أيدتها مريم قائلة:
- اي والله .. حتى
عندنا اشغال كثيرة أهم!!!
نظرت بلو إليهنّ من خلال المرآة، وقالت:
- لا تترجّونها وتلحّون عليها!
خلوا كلامكم بصيغة الأمر .. لأنكم أولا واخيرًا بشر .. وهي مجرد فضائية.
نظرت ندى إليها، وقالت:
- ريحي بالج،
لا تنسين اننا بحاجة لها!!!
ثم همست في أذنها:
- تكفين امسكي اعصابج!
احنا لازم نبين لها اننا رفيجاتها الطيبات، ولا ترى بينكشف أمرنا.
بعد دقيقة، تذكرت ندى أنّ المرّيخيات
يتميّزن بحاسّة سمع شديدة، فتوقفت بسيارتها على خط الأمان. فذهل كل من في السياره.
وسألتها القطّة:
- عسى ما شر ندى؟ ليش
وقفتي السياره جذي فجأه؟
كانت عينا ندى واسعتان من الصدمة. فسألتها
بلّو مرة اخرى، فكتبت ندى في هاتفها سبب صدمتها، فقرأته صديقتها، ثم بدا عليها الذّهول،
وقالت بصوت خفيض:
- أعتقد ان بعد كلامج
هذا .. ما يحتاج نمثل!!
هزت ندى رأسها مؤيدة. فأخرجت القطّة من
جيبها سلاحًا، واستدارت إلى الخلف، واضعة فوهته على جبهة تشيريف، مهدّدةً:
- ولا حركة!! ولا ترى
رصاصة وحده بتقضي على حياتج إلى الأبد.
ارتبكت تشيريف. وتدخلت الفتيات في الخلف
يحاولن منعها، فنهرتهن بلّو:
- انتو من صجكم بعد
للحينكم تمثلون دور المسكينات .. اللي يدورون على رفيجتهم؟ ترى هذي تسمع كل همس! أقصد
المرّيخيين بشكل عام ..الله خلق فيهم هالميزة! يعني كل شي انكشف! توها سمعت شقالت
لي ندى بالسر! فما يحتاج نبين لها شي عكس الحقيقة.
نظرت الفتيات إلى بعضهن، ثم قمن بحركة سريعة
بإخراج أسلحتهن من جيوبهن، فوضعت فستقه فوهة سلاحها على خصر تشيريف، وبندقه وضعته على قلبها،
الذي في المنتصف، وهو أقوى القلوب الخمسة، ومريم وضعت الفوهة خلف رأسها.
أمرت بلو ندى أنْ تقود السيارة، ثم قالت لتشيريف:
- شوفي، هذا آخر مكان
تدلينا عليه. والله العظيم لو ما حصلناها ... بتكون دفنتج الليلة .. سامعه؟
ابتلعت تشيريف ريقها، وأجابتها بنبرة
متوترة:
- ابشروا، هالمره فعلا
ماراح أخيب ظنكم.
وبينما هنّ في طريقهنّ، قالت تشيريف:
- ممكن توقفون عند أي
مكان؟ أبي قضي فيه حاجتي، لأني ما اقدر اتحمل صراحه.
بعد صمت وتردد، وافقت القطّة، وطلبت من ندى أنْ
تركن سيارتها بجانب الطريق. فنزلت فستقه ثم تشيريف، وبعدها بندقه، ومريم. وفوهات
الأسلحة مازالت موجهة نحو أماكنها باستثناء بلّو، التي بقيت في السّيّارة.
فقالت لهن تشيريف:
- يعني بتيون معاي
توضوني مثلا؟ خلوني أخلص حاجتي بنفسي!
سمحن لها بالذهاب لوحدها، ولمسافة قريبة
أسفل تل هناك، وهن يراقبنها. فلما وصلت تشيريف لمكان رأته مناسبًا التفتت حولها،
ثم وجّهت بصرها ناحية العصابة، ثم استدارت من جديد للأمام، وابتسمت بمكر قائلة:
- أغبياء .. شكلهم نسوا
اني أقدر أتحول.
فانكمشت حول نفسها حتى اختفى جسدها
المخيف .. فاستغربت فتيات العصابه! فقالت مريم بذهول:
- امبيه! هذي وين
اختفت؟
انطلق الثلاثة إلى مكانها، ولحقهن جيب
الباثفندر، فأشغلت ندى الضوء العالي للسيارة، ليسهل البحث عنها، لكن باءت
محاولاتهن بالفشل الذريع!!! فثار بركان القطّة، وضربت السيارة بيدها بعنف، وقالت:
- النذله!! تخدع بلو؟؟
تتجرأ هذي البشعه تسويها فيني؟ وربي حطيتج براسي ... خلاص هين يا الفضائية.
ثم صاحت تنادي صديقاتها، ليرجعن. فعدن إلى السيارة، ثم انطلقت ندى إلى الشقة.
حينها ضحكت تشيريف ملئ فيها، فقد كانت
مختبئة خلف صخرة صغيرة، فعلقت قائلة ساخرة:
- والله مادري شلون
جتني هالفكره!! بصراحه أسلحتهم هذي نسّتني فكرة التحوّل! الحمدلله إن ربي ذكّرني،
وألهمني بهالفكره، وتحولت لنملة ... يااي والله شي يضحك.
صمتت برهة، ثم قالت باستغراب:
- لهالدرجة حاقدين على جوري؟
فيني فضول أعرف ليش!!!!
ثم تذكرت شيئًا، فصاحت:
- امبيه! باب غرفة تشيكيل
نسيته مبطّل!! لازم أتحول لطير، وارجع للفندق بسرعه قبل لا تقعد جوري، وتنحاش.
***
في هذه الأثناء .. استيقظت جوري، فوجدت
نفسها وحيدة، فجالت ببصرها حول المكان، ثم نهضت، ومدت يدها ناحية قبضة الباب، فوجدته
مفتوحًا، فخرجت منه، ومن ثم إلى استقبال الفندق.
طلبت من الموظف هاتفًا، فاتصلت على أختها
شُروق. فاستغربت الأخت من الرقم الغريب الذي يتصل بها، فأجابته بتردد:
- عفوًا .. منو معاي؟
ردت جوري:
- أنا أختج جوري!
صعقت شُروق، ولم تنطق حرفًا! فقالت لها جوري:
- شوشو حبيبتي وينج؟
ردي علي .. ألو .. ألووو! شفيج؟ ما توقعتج جذي قلبج ضعيف ما يتحمل الصدمه!!
أغلقت شُروق الهاتف في وجه أختها، وهي مازالت مصدومة! فقالت في نفسها:
- معقوله جوري حيّة!!!!!
ولا هذي وحده من رفيجاتي تبي تسوي فيني مقلب!!! لأن أختي أصلًا ماتت
مقتولة .. أنا متأكدة!
اتصل الرقم من جديد، فلم ترد عليه، ثم
أغلقت هاتفها، وقالت:
- خل انام ابرك لي ..
الظاهر هذي وحده فاضيه مزعجه، وانا باجر وراي مدرسة.
كانت أختها على سرير بجانبها
نائمة، فأيقظها صوت هاتف شروق، فسألتها:
-
منو اللي يتصل
بهالحزّه؟
ردّت بتلعثم:
-
هذي رفيجتي غثيثه
.. تبي تسولف. خلاص قفّلت جهازي.
***
قالت جوري، عند ذاك:
- هذي شفيها استغفر
الله! خل اتصل على أحلام وايد أبرك.
اتصلت على صديقتها، واستغربت أيضًا من ذلك
الرقم، فسألت صديقتيْها:
- بنات ... أكو رقم
غريب يتصل!
سألتها فاطمة:
- جم أول أرقامه؟
عرضت عليهنّ الشاشة، فقالت فاطمة:
- ما أعرف صراحة! بس
ردي، يمكن أحد يبيج أو شي.
قالت أمل:
- اي والله يمكن!
ردت أحلام عليها، فقالت جوري:
- أحلام حبيبتي.
بدت الدهشة الشديدة على وجه أحلام، عندما عرفت
صاحبة الصّوت، فأجابتها بارتباك:
- عفوًا؟
- آنا جوري شفيج؟! أدري
اني صدمتج بهالاتصال ... بس ما قدرت أصبر لين أشوفكم! فاتصلت فيكم لأنّي أعرفكم
تتحملون مثل هالامور.
قذفت أحلام الهاتف على فاطمة، التي كانت
مستغربة من ملامح صديقتها المملوءة بالدّهشة.
فأمسكت الهاتف وردت:
- ألو!
- منو!
- انتي منو؟
- امبيييييييييييه
فطومتي حبيبتي .. آنا جوري.
ذهلت فاطمة لكنها لم تحتمل ذلك، فسقطت
مغشيًا عليها. فأمسكت أمل الهاتف، وهي متحيرة جدا، وبدأت بالحديث، قائلة:
- ممكن أعرف منو معاي؟
وشنو قلت حق رفيجاتي عشان يصير فيهم جذي؟
- أمل حبيبتي .. شدعوه
شفيكم بهالضعف!!! انا ألاقيها من شروق أختي، ولا من أحلام ولا من فطوم!!! تكفين لا
تصيرين مثلهم يرحم والديج!!
- أوك بس انتي منو؟
ردت جوري بدهشة:
- أفا .. ناسية صوتي؟
حاولت سريعا تذكر الصوت، فقالت بذهول ممزوج
بالصدمة حين عرفتها:
- امبيه! معقوله؟ بس
لحظه .. شيثبت انج جوري؟
تذكرت جوري موقفًا على وجه السرعة، فقالت:
- قبل شهر كنا قاعدين
في مقهى بمجمع الكوت، صوب النافورة! وحتى انتي طلبتي عصير مانجو، وما طلبتي قهوة، وأختج
نوره كانت معانا .. وكانت تشتكي من زوجها ... ها أكمل ولا بعد؟
صاحت أمل بفرح شديد:
- يااااااااااااااي
حبييييييبتي جوووووري .. حمدلله على سلامتج يا قلبي. والله اني مستانسه وايد وايد
وايد ... أصلا مو عارفه شلون أعبر عن مشاعري!! والله إني قاعده أبجي .. مو مصدقة.
- ما عليه يا قلبي ..
وانا والله مشتاقه لكم. لازم تيوني الحين في فندق راديسون ساس .. عشان نرجع
لشقتنا، وهناك بقولكم اللي حصل معاي، مع اني مو عارفه كل حقيقة اللي حصل!
- أوك حبيبتي، ابشري
.... اختي نوره موجوده بمارينا مول، وبخليها تمرج بطريجها .. عشان تييبج عندنا.
- يالله أنطركم، مع
السلامه.
قالت أمل لأحلام، بعدما أغلقت الهاتف، بانتشاء:
- احلى يوم بحياتي
والله هو هاليوم...!! شفيج مصدومة يا أحلام؟؟
ردت بشرود:
- ماكو بس الصدمة كانت
كبيرة!! انا كنت حاسه انها حيه .. بس هالاحساس ضئيل! خليني بروحي تكفين! بحاول أستوعب
هالصدمة!!
حينها استفاقت فاطمة، وقالت، وهي تضع يدها
على رأسها:
- آخ راسي!! أحس هالألم
بسبب الطيحه!
وبعدما جمعت شتات تفكيرها ووعيها، تساءلت:
-
لحظه .. صج هي جوري؟
هزت أمل
رأسها بالإيجاب، فقالت فاطمة:
- والله صدمة كبيرة! جوري
حبيبتي رجعت.
ثم دمعت عيناها، وأكملت:
- أحس ان روحي رجعت
الحين .. عقب فترة كانت صعبة في حياتي! مادري شلون تحملت وصبرت على فراقها.
__
مرادفات:
الحزّه: الوقت. مثلًا "من الذي جا في هذا الوقت؟"
الطّيحة: السّقوط.
............
ردحذف^_^
حذفروعه
حذفشكرًا أختي أمل
حذف