الاثنين، يوليو 14، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاكْ .. ))






الفصل السّادس عشر


انشقاق في العصابة الخماسيّة







      عندما هبط الظلام، كان الوفد المرّيخي يستعد للعودة إلى المريخ، فلملموا أشياءهم. وقال تشيكيل، وهي يرسم اللمحات الأخيرة للبحر:
-
آآه . وأخيرًا بنتهي!! هذي آخر لطخه بهاللون .. ثم أشيلها وأحطها بجنطتي.

     قالت تشيريف بأسى شديد:
-
انت سويت اللي في بالك .. وتشيمير اشترت الكتب اللي براسها، وتشي اشترت ملابس لعيالها، وزوجها .. أما أنا، فلا اشتريت ملابس، ولا حصلت اللي براسي .. اففففففففففففف.

     ردت تشي:
-
ياللهول!! تحلطمي مني لين نوصل المريخ!! من قالج تهملين نفسج؟

-ما أهملت بس شسوي!! كنت أفرفر بهالبلد .. وأشوف شعندهم وما عندهم.

     ردت عليها تشيمير:
-
تستاهلين .. كان الأفضل انج تخلصين شغلج .. بدل فرفرتج اللي مالها داعي.

    صاح تشيكيل، مقاطعًا حديثهنّ:
-
ياهووووه خلوني أكمل!! بسكم خلاص! ما باجيلي شي وأخلص!! يلا انتي تشيريفوه، ذلفي للمركبة الكبيرة.

     وبعد مرور ربع ساعه، ودّع الوفد كبار الدولة، ثم ركبوا المركبة. وبقي تشيكيل .. يلوّن ما بقي من رسمته. وحينما انتهى منْها .. تنفّس بعمق، ثم حمل اللوحة ووضعها في الحقيبة، ثم لحق بهن، ومن ثم انطلقوا إلى الفضاء. فألقت تشيريف نظرة أخيرة على كوكب الارض قائلة، والدموع تغمر عيناها، وتواسي نفسها:
- ما عليه .. أصلًا السمينة ذيج لحمها خايس و ................

      قاطع حديثها تلك المرأة السمينة، التي كانت تركض على شاطئ البحر، بجانب الفندق. فلطمت تشيريف على جبهتها بيدها العليا - اليمنى، وقالت:
-
ياويلي! وهذي تسوي رياضه صوب الفندق، وأنا رحت أدوّر عليها بعيد!! حظي مصخم والله، صج إنّي غبيه.

***

      وصل مشعل مستشفى الأميري لزيارة الزميلة ريينا، والاطمئنان على صحتها، فوجد هناك المدير جواد مطرقًا رأسه بحزن، وحوله بعض الموظفين. فأحس مشعل بالضيق والريب، وقال لهم:
- عسى ..... ماشر! شصار على ريينا؟

         التفت ناحيته بعض الموظفين، ولم يجيبوه، أمّا المدير، فقد رفع رأسه ببطئ، وكان لون عيناه حمراوان من البكاء. فازداد خوف مشعل، فألح عليه من جديد أن يجيبه. فأجاب:
- الدكتور يقول حالتها اخطره! وعليكم بالدعاء.

      رد مشعل بدهشة:
- خطرة؟ وليش؟ هي شلون طلعت من المؤسسة؟ موكانت بالدوام اليوم؟ شطلّعها؟

     أخفض علي رأسه، ورد:
- قالت انها تبي تخلص شغل عندها داخل الديره، وتفاجئت بعد ساعة باتصال المستشفى! لأنّهم لقوا آخر رقم متصله عليه هو رقمي، فبلغوني باللي حصل! الله يستر بس.
- ومنو الدكتور اللي يعالجها؟ يعقوب الصّدّيقي، صح؟
- مادري صراحه! آه والله شي مؤلم، ما ودي أفتقد هالموظفه المميزة.

    حينها، جاء رؤساء تحرير الصحف والمجلات. فقال أحدهم للمدير، والموظفين:
- عفوا .. انتو أهل ريينا؟

     نظر جواد إليهم، ومسح دمعه:
- لا .. أنا مديرها بالعمل، وهذيل زملاءها. عفوًا مو انت رئيس تحرير الجريدة .. اللي تكتب فيها ريينا مقالاتها؟

       هز رأسه بالإيجاب. فقال المدير:
- تشرّفنا أستاذي، ما علينا إلّا أننا ندعي حق زميلتنا... والله هي خوش إنسانه وطيوبة، وتستاهل كل خير منّا.
- إي والله صدقت، وهي من أفضل الكتّاب في جريدتي، وما ودي افتقدها، وخبر هالحادث خلاني أجي شخصيًا .. رغم انشغالي ببعض الامور.

     عند تلك اللحظة، جاءت فتاة تبكي، وتصرخ بهيستيريا:
- وين ريينا واللي يعافيكم؟ شفيها الله يخليكم؟

     ردت إحدى الممرضات:
- ادعي لها يا اختي، لأن هي حيل محتاجه دعاءكم!!

    وجّه الجميع أنظارهم نحو تلك الفتاة، فنادتها إحدى الصحافيات:
- لولوه، حبيبتي .. تعالي.

نظرت لولوه إليها، فاندفعت إليها تحتضنها. فقالت لها الصحافية:
- استهدي بالله يا قلبي، ورفيجتج ما عليها إلا كل خير إن شاءالله ... ادعي لها لأن هالبجي ماراح يرد عافيتها.

استرجعت لولوه، ودعت لها، ثم قالت لها:
- نور حبيبتي .. بالله قوليلي الصج! عفيه الله يخليج؟ صج هي سوت حادث خطير؟ لأن توه وصلّي خبر حادثها، وييت على طول.

    أطرقت نور عينيها. فهزتها لولوه، وهي تصيح:
- الله يخلييييييج نور .. لا تخليني بأعصابي!! قوليلي شفيها ريينا؟

     سار مدير التحرير ناحيتها، وقال:
- أختي لولوه .. هي الحين إن شاءالله ما فيها إلا الخير. ادعي لها.

        لم تصدّق، فأجهشت تبكي إلى أنْ شعرت بارتخاء في جسدها من التعب. فأخذتها نور، وأجلستها على المقاعد! وجلب لها بعضهم الماء، فشربت حتى استعادت طاقتها.

    همس مشعل في أذن جواد، وعيناه صوب الفتاتان:
-         هذي مو جنها المذيعة لولوه، والثانية الصحافية والمراسلة نور؟
-         اي هم. هذيل رفيجات ريينا، ومرّات أشوفهم بمكتبها.
-         غريبة! ولا مرّة شفتهم عندها!
-         إي .. مو أنت تداوم مبجر، وتطلع متأخّر! موظف مثالي حضرتك.

رمقه مشعل بنظرات مستنكرة، وسأله:
-         شكو دوامي بهالموضوع؟
-         الشكو هو أنّ هالبنتين مرّات يوصلون رفيجتهم للدّوام، فيقعدون شوي يشربون قهوه، ويطلعون، ومرات ييون ياخذونها لما تبي تطلع. فهمت؟
-         زين فهمت.

      بعد هذا الحوار، ساد صمت قصير، ثم سأل مشعل مديره، حين لاحظ أنّ يده اليسرى مضمّدة:
-         عسى ماشر، شفيها إيدك؟

      ردّ بارتباك:
-         ما شرّ، بس الاصنصير سكّر على إيدي بقوّة، وحيل تعوّرت، فطلعت من المؤسسة، ورحت للمستشفى، فضمّدوها.

         أحسّ مشعل بريبة في الأمر، فردّ عليه، بلهجة تدل على أنّه لم يصدق كلامه:
-         أها، ما تشوف شرّ.


***

       من سوء حظ جوري، أنها حينما كانت تنتظر نوره في إحدى الأرائك في زاوية من زوايا الفندق، نامت بلا شعور! وقد استيقظت قبل الظهر، ففزعت، وانطلقت نحو موظف الاستقبال، وسألته عما إذا كان أحدٌ جاء لأجلها أم لا! فأومأ برأسه نافيًا، وأنّه لا يعلم من تكون هي .. حتى يعرف من سأل عنها! ثم سألته، وهي تشير ناحية أريكتها:
- بالله عليك .. انت شفتني نايمه هناك؟
- اي بس ما حبيت اقعدج، لأن من صوت شخيرج .. حسيت انج تعبانه! فما حبيت أزعجج.

      شعرت جوري بالخجل، وقالت في نفسها:
- امبيه .. شخير!! يااي والله فشله .. الناس سمعوا شخيري!

      ثم قالت للموظف:
- لو ما عليك أمر .. أبي التلفون شوي، لو سمحت!

      أعطاها الهاتف، فاتصلت بصديقتها أمل، التي ردت عليها صائحة:
- انتي وينج؟؟ امس يت لج نوره بس ما لقتج، جان ترجع. والله خفنا عليييييييييييج، الله يسامحج.
- لحظة لحظة .. شدراج اني انا جوري!
- يعني منو غيرج بيتصل من هالفندق؟ حفظنا رقمه بسبتج ... وين كنتي بالله؟
- بصراحه نمت .. وأنا مو حاسه بنفسي! يالله تمروني؟

     تنهدت أمل، وقالت:
- أوك الحين بييلج بنفسي وآخذج.


***

        في تلك اللحظة .. كانت الحصة الرّابعة بدأت للتو، ومعالي وطالبات الفصل مازالن  حائرات بشأن صديقتهن حور! أمّا أحلام، فقد كان هذا اليوم، هو أول يوم لها بعد ذلك الفصل، واستدعاء ولي أمرها، الذي حضر، ووبخّها كثيرًا أمام الناظرة آمال.

        كان ذلك اليوم أهدأ يوم يمر على المدرسة .. حتى أنّ الاستاذة مزنه استغربت كثيرًا من هدوء معالي!! ولم تعلم ما هو السبب؟! وربما غياب حور المفاجئ، هو منْ أثّر على نفسية صديقتها.

    انحنت فاطمة برقبتها على أذن بسمة، وسألتها بصوت خفيض:
-         مو جنها معالي صايره عاقله اليوم؟
-         ما يندرى! يمكن هذا الهدوء اللي يسبق العاصفه!
-         الله يستر. انزين سمعي، أنا ودي أترك عصابتها، لأن تدرين فيني .. ما أرضى على أسماء حبيبتي.

ردّت عليها موافقة:
-         خوش فكرة، وآنا بعد بتركها، لأنّها صايره حيل نفسيه، أما أسماء طيبة، وتقدّر مشاعرنا. وانتي شفتي أحلاموه شلون كانت قاسية مع حبيبتنا ذاك اليوم! بصراحه هوشتها معاها خلتني أقرّر أبتعد .. بس كنت ناطره أحد يشجّعني.
-         خلاص شوفي، من اليوم احنا مع أسماء ضد معالي.

كانت معالي تنظر إليهما نظرات مستغربة، فسألتهما:
-         شعندكم تتساسرون؟

ردّت فاطمة بكبرياء:
-         ماكو شي!
-         شفيج تتحجين جذي من طرف خشمج؟

نظرت فاطمة إليها من رأسها إلى قدميها، ثم نظرت إلى الأمام، وأجابتها:
-         خل ننتّبه للدّرس أحسن من المناجر.
-         مناجر؟

صاحت مزنه عليهما:
-         انتو ياللي ورى .. بسكم سوالف، وانتبهو للدّرس.

توعّدت معالي فاطمة:
-         هيّن فطّوم، أراويج بالفرصه.

     في الحصّة الخامسة ... دخلت عليهن الاستاذه ملاك بأناقتها، وثيابها الملفتة للنظر، فاستاءت بعض الطالبات منها، وبعضهن أبدين إعجابهن الشديد بمظهرها الفاتن. فسلمت عليهن، ثم وضعت نظارتها الشمسيه على الطاولة، وقالت لهن:
- اليوم طبعًا الأبلة حوراء شوي تعبانه .. عشان جذي وصتني اني أحضر مكانها .. بس ماراح أشرح شي! وبستغل هالحصه بالتعرف عليكم يا بنات.

    رحبت المعجبات بالفكرة بشده، فعّرفت كل منهن على نفسها .. حتى المستاءات منها. ولما وصلت عند أحلام .. رمقتها بنظرات مريبة. فقالت لها الطالبة:
- عفوا أبله .. ليش هالنظرات؟

     ابتسمت ملاك، وأجابتها:
- لا ماكو ... بس ذكريني بعد الحصه .. أبيج بموضوع!
- موضوع؟ أوك أبله.

     همهمت الفتيات بينهن بشكوك، وظنون غريبة، فصاحت ملاك:
- بس بنات! بسكم صوت! لا تخافون .. ترى موضوع عادي، يعني ما يحتاج شكوك تافهه مالها أي أساس بالواقع.

     ثم عم الصمت أرجاء الفصل، فعلقت معالي في صوت خفيض:
- شهالأبله النفسيه! الظاهر ما خذت درس منّي!! بس حسافه، تغيرت عصابتي، خلوني بروحي .. حتى أحلام، على أساس انّها معاي ... بس اليوم عاقلة!!!

      مضت الحصه في تعارف بينهن، وكان أسلوب ملاك جميلًا، وتعاملها مهذّبًا معهن .. حتّى أحبّتها كل الطالبات، وتغيرت نظراتهن ناحيتها.

      حين انتهت الحصة، بدأت الفرصة الثّانية، فذهبت أحلام مع ملاك إلى المكتب، في قسم الاجتماعيات. وهناك جلست الأبلة على مكتبها، وجلست الطالبة على كرسي بجانبها.

    بدأت ملاك حديثها بهمس:
- حبيبتي .. أظن قبل اسبوع شفتج قاعده مع طالبه اسمها شُروق .. البنت الغريبة الأطوار ... عدل!
- اي عدل .. بس معرفتي فيها مو ذاك الزود.

     سكتت ملاك، ثم قالت:
- انزين بسالج ... هي سيارتها آستون مارتن الحمرا اللي تيي فيها؟
- أعتقد اي. لأنْ أذكر قبل فترة .. كان البنات  يتحجون عن سيارتها، وجذي يعني.
- أكيد سيارتها؟

      ردت الطالبة بحزم:
- اي اكيد .. واذكر ان البنات قالوا انها مسجله السياره باسم أمّها الغنية.

    همهمت ملاك بشرود:
-         أمها الغنية!

ثم طرحت على الطالبة سؤالًا آخر:
-         ما تعرفين وين كانت بيوم انفجار المسلّة بالمدينة التّرفيهية؟

        سرت رعدة خفيفة في جسد أحلام، واستغربت من هذه الأسئلة، وشعرت بريب في أمر الأستاذة، ثم أجابتها باقتضاب:
-         مادري.

      فسألتها أحلام، فورًا، كيْ لا تطرح مزيدًا منَ الأسئلة، وهي تنظر لكفّ الاستاذه الأيسر:
- أبله، انتي عسماويه عدل؟

     أجابتها باستغراب:
- شلون عرفتي؟
- من ايدج اليسرى! مبين عليها أثر نار! أحسّج ما تعرفين تولعين قاز الطبخ .. صح؟

      ردت ملاك ضاحكة:
- اي والله ما أعرف كلش .. أصلا آنا وين والطبخ وين! لا يغرّج إني بآخر العشرينات! ترى آنا مثل غالبية بنات هالجيل .. ما أدلّ طريج المطبخ. هذي الله يسلمج .. الصبح الوالده نايمه، ومو من عادتها تنام بهالحزه. وهي دايما تسويلي قهوة فرنسية قبل لا أيي الدوام ... فاليوم رحت بولّع القاز عشان أسوي لي قهوة .. جان أخبص بالدنيا .. وولّعت النار بيدي. بس الحمدلله انها ما قبّت وايد.

      ثم أردفت معبرة عنْ إعجابها:
- ماشاءالله عليج، اللهم لا حسد ... عيني عليج بارده .. ملاحظتج تدل على دقة تركيزج.

          ابتسمت أحلام بخجل، ثم سألت الأستاذة بنبرة حائرة ممزوجة بالشكّ:
-         أبله، ليش سألتي عن شُروق؟ فيها شي؟
-         بس جذي .. محيّرتني هالبنت. تعرفين فضول الحريم.

  ضحك الاثنان، ثم أذنت لها الأستاذة بالخروج.

      قامت أحلام، وغادرت القسم. فأخرجت ملاك هاتفها، وقامت بالاتصال، فلما تم الرد، قالت للطرف الآخر:
- للأسف، توقعت اني بييب لكم معلومات مهمه .. بس كل اللي تأكدت منّه إنْ الآستون مارتن سيارتها. بس ما عرفت  وين كانت بحزة ذيج الحادثة! وإن شاءالله الأيام الياية بييب لكم معلومات يديده. في أمان الله.


***


    في ساحة المدرسة، كانت مجموعة كبيرة من الطّالبات مجتمعات حول فتاتيْن، واقفات مقابل بعضهما، ويتبادلا النّظرات بكراهية.

   قالت الأولى لخصمها:
-         وانتي منو عشان تردّين عليّ بكبرياء بحصة مزنه؟
-         والله عاد أنا منو، وشنو أشرب، وشنو آكل، فهذا ما يهمّج! انتي كنتي زعيمة قبل، أما ألحين ....

فسحبت فتاة من بين الجموع، وأشارت إليها قائلة:
-         أسماء هي الزّعيمة! وأنا وبسّوم صرنا معاها، أمّا حور، فهي حتّى لو تمّت معاج، فمشاكلها خفيفة.

ووقفت بسمة بجانب أسماء وفاطمة، فرمقتهم معالي بنظرات مستهجنة، وقالت:
-         هيّن يا بنات، أنا راح أجمّع لي عصابة يديده، وراح تندمون.

      هتفت مجموع من الطالبات على كلام معالي، فردّت فاطمة، التي تحمّست كثيرًا لهذا الهتاف:
-         مو مشكلة، إحنا لها. وهم راح نييب معانا بنات أكثر، ونصير العصابة المصيطره على المدرسة، تحت زعامة أسماء.

    صاح الطالبات بحماس كبير، يشجّعن الزّعيمة الجديدة أسماء كيْ تخوض غمار المعارك في المدرسة، وكنّ يرددنَ أسماء العصابة المنشقّة. فجاءت على إثر على هذا الصّياح الأستاذة مزنة، فحاولت أنْ تفرّق حشد الطالبات المزدحم. فردّت عليها إحداهنّ:
-         أقول، روحي منّاك، مو فاضيات لج إحنا.

وقالت أخرى:
-         امبيه! شوفوا منو اللي يايه تبعدنا!!؟ أبله مزنه! من صجها؟

ضحكت طالبة اخرى ساخره، وعلّقت:
-         أبله مزنه صايره تسولف! غريبة! وين الوكيلة أم أحمد، والنّاظرة، والأستاذه المجنونة حوراء؟

أجابتها طالبة، تقف خلفها:
-         سمعت أن الوكيلة رايحه لبنتها بالمستشفى مسوية حادث، أما آمال فهي تعبانة، وقاعدة في مكتبها. والأبلة حوراء مادري عنها.
-         حادث! إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

   ثم رنّ جرس الحصّة الأخيرة، وعادت الطّالبات إلى فصولهنّ. وبقيت أربع طالبات فقط، مازلنَ واقفات هناكَ، وهنّ أفراد العصابة المتفرّقة.

   حدّت معالي بصرها ناحية صديقاتها السّابقات بحقد، ثم خرج من فتحات أنفها دخان تطاير في الهواء، وقالت:
-         أنا أعلّمكم منو معالي، بس صبروا عليّ.

ثم عادت إلى فصلها.

      تبادل الثلاثة النظرات ضاحكات، ثم مسكنَ أيدي بعضهنّ، وعدنَ إلى الفصل.

           وفي زاوية من زوايا المدرسة، كانت أحلام جالسة مع شُروق، وحين قامتا للعودة إلى كل واحدة منهما إلى فصلها، سألتها احلام بفضول:
-         بيوم حادثة انفجار المسلّة، وين كنتي؟

التفتت إليها شُروق، وسألتها بنبرة حائرة ومضطربة:
-         ليش السؤال؟
-         بس! ودي أعرف. فيني فضول.
-         يهمّج تعرفين؟
-         بصراحة، شفت وحده تشبهج هناك، فنادتها وطنّشتني! فحبّيت أتأكّد!

سكتت شُروق، ثم نظرت إلى الأمام، وأجابت بهدوء:
-         إي، أنا هي.
   

___


مرادفات:

ييون: يجون (يأتون)
الأصنصير: المصعد
قبّت: اشتعلت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )