الثلاثاء، يوليو 15، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))




الفصل السابع عشر


اعترافات عضوة سابقة في المنظمة






     خلال نصف ساعة، وصلت أمل بسيارتها أمام باب الفندق، فلمحتها جوري، فذهبت تركض ناحيتها. ولم تحتمل أمل صبرًا، فنزلت من سيارتها، وانطلقت إليها، فاحتضنتها بشوق! قالت معبّرة عن احساسها:

- اشتقناااااا لج يا شقول!!!


     ردت جوري بابتسامة واسعة:

- وأنا والله هم اشتقت لكم وايد وايد وايد.

- يالله اركبي السيارة .... البنات مو قادرات ينطرون أكثر!



      رجعتا إلى الشقة .. واستقبلت الزهريات صديقتهن بحفاوة شديدة، بعد الاحتضان والتقبيل والبكاء، ثم جلسن على المقاعد. فسألتها فاطمة عما حصل لها، فأخبرتهن بما قام به الممرض. وبينما هي تخبرهم بالتفاصيل .. سكتت، وراحت تغوص في تفكيرها بشيء للتو تذكرته، فقالت:

- لحظة!! تصدقون تذكرت شغلة!! تذكّرت اني استفقت من غيبوبتي، وشفت أشكالهم! امبييييه اي والله صج .. طلعوا فضائياااااااات!!



        علت على وجوه صديقاتها الدهشة، فقالت نوره مستذكرة:

- اييه ... قبل اسبوع تقريبًا يو عندنا فضائيين من المريخ! الظاهر اهم اللي أنقذوج.



      سألتها أحلام:

- بس شلون أنقذوج؟ ما تتذكرين؟



     هزّت جوري كتفيها، وأجابتهما:

- والله ما أذكر بالضّبط، صراحة. بس كل اللي أذكره اني قعدت .. وشفت وييهم تخرع، جان يغمى علي من يديد! ولما استفقت مره ثانيه شفت وييه بشريه .. فكنت أظن ان اللي شفته كان حلم! بس الحين مادري شلون طرى على بالي انهم حقيقه ..؟! وكلامج يا نوره أكد على احساسي.



    علّقت أمل:

- الظاهر يمكن الفضائيات أنقذوج .. خصوصا ان مركباتهم سريعة، وعندهم تقنيات أكثر تطورًا من تقنيات كوكبنا، وطبيعتهم تختلف عنا .. منْ ناحية ان لهم أربع يدين .. ولهم ميزة السمع الشديد، والتركيز الشديد، وغيره وايد أشياء.



     أومأت جوري برأسها متفهمّة، وقالت:

- تصدقين، توني تذكرت شغله ثانيه مهمة! وهي إنّي حذفت نفسي من المسلّة .. لأن قلت آنا ميتة ميتة! فليش ما أحذف نفسي أبرك من ان ذيج الشّريرى تقتلني بواسطة القنبلة!! فيمكن قبل لا أطيح على الأرض .. لحقت علي الفضائيه بمركبتها، وأنقذتني.



      علقت أحلام بذهول:

- انتي مينونه تحذفين نفسج؟؟؟؟؟ لو ميته بالانفجار عالأقل يمكن تُعتبرين شهيدة، بس انج حاذفه نفسج، فهذا انتحار!



      ضحكت جوري، وردّت عليها:

- كلامج صح. بس بالنسبة لي بذيج اللحظة .. ما فكرت إلّا اني ما أبي أموت على إيده ذيج القطوة.



     سألتها أمل:

- تقصدين ذيج البنت .. اللي كانت لابسه اسود؟

- اي هي ... بس والله بتندم! أعلمها شلون تتجرأ .. وتسوي فيني جذي.



      سألتها نوره باستغراب:

- عسى ماشر جوري .. تعرفينها من قبل؟



      أخذت جوري نفسًا طويلًا، وأجابتها:

- في الحقيقة، قبل سنوات، أنا كنت عضوة في عصابة الأركة! بقيادة زعيمتهم نوف اللي تحب تكون دائما هي الأقوى! هالعصابة تعمل تحت منظمة عالمية شريرة إجرامية، قائدهم الكبير، موجود في أمريكا، أعتقد في ولاية شيكاغو! 



     قالت فاطمة بدهشة شديدة:

- امبيه!! يعني انتي كنتي مع منظمة شريرة؟



    قالت أمل:

- غريبة، بس ليش ما قلتي لنا من زمان؟



   علقت نوره:

- بصراحه شي عجيب!! جوري الطيبة كانت بمنظمة إجرامية!!! 



    ردت جوري:

- بصراحه، أنا ما كنت حابة أكون معاهم .. بس رفيجتي لطيفة الله يرحمها هي اللي يابتني معاهم، وكنت دايمًا معاها، ونسوي عملياتنا مع بعضنا. وما كنت أحتك بالقطوة السودا ولا غيرها .. لأني كنت مقررة بأي لحظة أبتعد عنهم.



    فسكتت جوري. فألحّت عليها أحلام بفضول:

- كملي .. شنو وبعدين؟



       ابتسمت جوري، وواصلت:

- تمر الأيام، وعرفت عنهم كل شي ... عرفت أدق تفاصيل مخططاتهم، لأنهم وثقوا فيني. أما شخصياتهم، فما كنت اعرف حقيقتها، لأنهم يتنكرون، ويخفون أسماءهم الحقيقيه ورى أسماء مستعاره، خصوصًا اني ما كنت أحتك فيهم، فكان صعب علي أعرفهم أكثر. المهم عاد يَت لي فترة .. حبيت فيها الزعيمة .. بس لما يا ذاك اليوم المؤلم ......



       تحشرج صوتها، ودمعت عينها، وعضّت شفتيها من الغبن، ثم أكملت:

- ذاك اليوم اللي ماتت فيه صديقة عمري وحياتي وحبيبتي لطيفه!!



      بدا التأثر واضحًا على وجوه عصابتها. فأردفت بحسرة:

- كله من وحده إسمها سلوى، هي اللي قتلتها بدم بارد، بمجرد انها شكّت فيها، وبدون دليل!! أكرههم كره وربي، والمشكلة ان هذي هي اخت الزعيمة! وكل اللي سوته بأختها انها زفّتها .. وطردتها من العصابه!! آآآآه والله حرقوا قلبي .. عسى الله يحرق قلوبهم.



      واصلت بكاءها إلى أن هدأت، وتابعت:

- لما شفت ردّ نوف جذي .. أيقنت انهم عصابه ما يؤمنون بالمبادئ ولا الإنسانية!! فأرسلت لزعيمتهم رسالة اني تركتهم للأبد، ولا يقربون صوبي!! وان أسرارهم بتكون في طي النسيان .. وماراح اقولها لأحد! بس اهم ما رضوا بهالشي، فكانوا يلاحقوني على مدار سنوات .. ووايد تعرضت للقتل بس الله حماني وحفظني من شرهم. وذاك اليوم، مع اني حسيت أنها سوت شي بالمسلّة، بس من فضولي ولقافتي وغبائي .. كمّلت أدخل اللعبه! وحصل ما حصل.



     بعدما انتهت من سرد حقيقتها، سحبت صديقاتها المناديل ليمسحن دموعهن.  ثم أكملت جوري متوعّدة:

- حق لطيفه لازم آخذه هالمره .. لأنّي سكت عنهم طول ذيج الفترة، بس تمادوا حيل!!! وباجر بإذن الله بقعد مع اللواء شهيد، وأقوله كل شي ... وأبلغه عن أهم مخططاتهم الثابته اللي ما يغيرها زمان أو مكان!



     علقت نوره قائلة:

- زين تسوين ... واحنا معاج، وبإذن الله بناخذ حقج وحق لطيفه الله يرحمها. تصدقين جيجووو .. حبيت لطيفه وأنا ما شفتها بسبتج .. مع أنها كانت شريره ...



     قاطعتها جوري نافية:

- لا وربي مو شريره ... هي هم كانت متورطه معاهم .. وكانوا يهددوها بقتل أخوها الصغير .. لو فكّرت تتركهم!! أما آنا فما لقوا علي شي يهددوني فيه، لأنْ كنت أقولهم ان ما عندي أهل، وعايشه بروحي بشقّة.



     تنهدت أمل، وقالت:

- الله يعيين صراحة!! أمر مؤلم ان الانسان يتورط .. وينجبر يسوي أشياء تعارض الدين والعقل والمنطق .. بسبب تهديدات مثل جذي! الحمدلله على نعمة الأمن والأمان.



     ثم سألتها نوره:

-وأهلج ..  بتروحين لهم؟ وشنو تتوقعين ردة فعلهم؟

- أتوقعهم من الصدمة بينجلطون!!




***



     بعد المغرب، وفي المستشفى الاميري، خرج الدكتور يعقوب الصّدّيقي، بابتسامته المعهوده بعد نجاح كل عملية، ففرح الجميع، وصاحوا قبل أنْ ينبئهم بنجاحها. فبكت لولوه فرحًا، واحتضنتها الصحافية نور، وهي تطبطب على ظهرها قائلة:

- شفتي شلون يا قلبي ... قلت لج ادعي لها، وربي ييسر لها الامور.


    قال لهم الدكتور:

- الحين ريينا تحت الملاحظة، وإن شاءالله باجر الصبح أو بالليل تقدرون تزورونها .. وتسلمون عليها.



      تقدم مشعل ناحيته، وسلم عليه. فقال الدكتور لما نظر إليه، وعرفه:

- اهلين مشيعل .. من زمان عنك! من يوم مغل محل ما شفتك!!!



      ضحك مشعل، وقال:

- تخبر بو يعقه ... الدنيا ومشاغلها.



     ثم أردف بسؤال بهمس:

- بيني وبينك دكتور، ايدها اليسرى .. فيها أثر حرق؟



     تنفس يعقوب الصعداء، وأجاب بصوت خفيض:

- اي، وهم ايدها اليمنى، وكذلك خدها الأيمن .. فيه أثر خفيف! أعتقد يمكن لما كانت طايحه يم السياره .. وطبعا سيارتها كانت تحترق .. احتمت بيدينها من النار .. فخدشت خدها وتركت فيه هالأثر .. وايدينها احترقوا شوي مو وايد. ولما يت الاسعاف .. لقوها طايحه على هالحال، ايدينها على ويهها.



    أومأ مشعل برأسه، وقال:

- اشوى عيل الحمدلله انها بسلامتها الحين .. الله يجزيك خير يا دكتور، وبإذن الله باجر نتغدا في مغل محل على حسابك.



     ضحك الدكتور يعقوب، وقال:

- أبشر .. أبشر، ولا يهمك يالبطيني.

     حينذاك، وصلت المستشفى، امرأة تبدو عليها سيماء الثراء، بسيارتها الفارهة، فنزلت بتنورتها المخملية، وقميصها الملون، وحجابها المزركش، ونظارتها الطبيه.

    دخلت المستشفى بكل ثبات، تمشي، حتى وصلت غرفة العناية المركزة، فوجدت بعض الموظفين، والصحافيين ينتظرون خارجًا. فتفحصت وجوههم، ولمحت من بينهم لولوه، فسارت إليها، ولما وقفت عندها، قالت:
-
بنيتي لولوه .. شلونج حبيبتي؟ شصار على ريو؟
-الحمدلله ما عليها، قبل شوي طلع الدكتور يعقوب فطمنّا على صحتها، وقالنا نقدر ندخل عليها بعد المغرب.

قامت حينها نور احترامًا للسيده، وقالت:
-
خالتي أم أحمد .. استريحي مكاني.

    نظرت إليها، فشكرتها، وجلست مكانها.

سألتها لولوه:

-         خالتي، مو على أساس تستئذنين من دوامج الصبح .. وتيين؟

-         إي والله استئذنت، وتركت النّاظرة آمال، كانت تعبانة، بروحها مع لوية الطالبات. بس وآنا يايه بطريجي .. ارتفعت حرارة السيار، فودّيتها للكراج عشان يصلحونها .. وكان هناك زحمة، ويالله بالغصب توهم يخلصونها.

    ثم أردفت أم أحمد بسؤالٍ لها:
- حبيبتي، شلون صار حادث ريو؟
- والله خالتي مادري شلون .. بس كل اللي أعرفه .. ان صارلها حادث، عسى الله يعافيها.

      تدخلت نور قائلة:
-
اللي سمعته انها كانت ماشيه مسرعه على شارع الخليج .. وكانت توها طالعه من دوامها .. رايحه للديره، وفجأه .. انحرفت فيها السياره، ودعمت بالشبّه، ومادري شلون طلعت من سيارتها !المهم ان السياره احترقت، ولقوها طايحه يم سيارتها، ولما يت الاسعاف والمطافي .. أنقذوها، ويابوها هني.

      هزت أم أحمد رأسها، وعلّقت بانفعال:
-
مو آنا قايلة لها لا تسرعين .. بس اهي الله يهديها ما تسمع الكلام! بس خل أدخل عليها .. وربي راح ازفها.

     قالت لولوه محاولةً، ثنيها عن ذلك:
-
خالتي عفيه .. اهي تعبانه، ويمكن هالشي بيزيد عليها تعبها. والحمدلله ان ما صار فيها شي، وإن شاءالله راح تتعلم من هالقرصه.

      أيدتها نور قائلة:
-
صحيح خالتي .. الأفضل اننا ما نييب لها طاري شي أو انها مطفوقه وجذي! لأن يمكن تتعب زياده.

سكتت أم أحمد، واقتنعت بكلامهما.



   تأمّل مشعل وجه والدة ريينا، وحدّث نفسه:

-         حتّى أمها مبين عليها غنيّة .. من وجهها! حلاته أصير رفيج أحمد، وتقزر عليه، كل يوم عشا وطلعه، وكل شهر سفره على حسابه.


     ثم ذهب إلى خارج المستشفى، كي يستنشق هواءً، ويقوم باتّصال مهمّ.


   حين خرج إلى المواقف، كان يمشي بين السيارات، ويهاتف اللواء، ويسأله على آخر المستجدات. ثم تباطئ صوته حين لمح سيارة أستون مارتن، لونها أحمر! ثم توقّف عن الحديث فجأةً، فكان ينظر إلى السيارة مشدوهًا. فسأله شهيد:

-         مشيعل، كمّل، شفيك سكت؟


ردّ بذهول:

-         أستون مارتن حمرا، هذي جدامي!

-         أستون مارت حمرا؟! بسرعه سجّل رقم السّيارة، وعطنياه، خل أشوف منو صاحبها أو صاحبتها.



     نظر مشعل نحو مكان اللوحة الأرقام، لكنّه لم يجد شيئًا! فأخبر اللواء بهذا.

قال شهيد:

-         كثّف المراقبة، ولازم تعرف منو صاحبها دامه شايل اللوحات، ماشي؟

-         أبشر حضرة اللواء.




___


مرادفات:

الشّبة: عمود أنارة.
لوية: فوضى.

هناك تعليقان (2):

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )