الأربعاء، يوليو 16، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))





الفصل الثّامن عشر


لقاءٌ سرّي في المجمّع الكبير




     وقف مشعل بمسافة ليست ببعيدة عن سيارة الأستون مارتن، يراقبها بفضول. ثم أحسّ بوجود ثمّة شخص ينظر إليه من بعيد، حين لمعت نظارته الشمسيه بانعكاس أضواء المواقف. فالتفت بنظره ناحيته، لكنّه لم يجد أحدًا. فتساءل بدهشة:
-         حسيت ان في أحد يراقبني، وجنّي لمحته لابس نظارة شمسيه! بس غريبه، ليش يلبس نظاره بهالوقت؟!

     ثم تركَ السّيّارة، ومضى يلحق ذلك الشّخص، لعلّه يكون هو صاحب الأستون. فسمع وقع أقدام متسارعة، فأسرع مشعل بخطاه يجري بخفّة ناحية صوت الخطوات، إلى أنْ تمكّن منْ رؤيته. فغمغم مستغربًا:
-         بنت! أحطّها بذمّتي أنّها هي صاحبة السيارة! خل ألحقها وأشوف.

     فأسرع أكثر، وهي أسرعت، فخرجت من المواقف، واختلطت مع النّاس. فتأفّف مشعل، عندما بحث عنها، ولم يجدها، وقال:
-         حسافه والله، بس ليش طلعت من المصافط، وسيارتها داخل؟ أو يمكن مو هي سيارتها! خل أرجع بسرعه للسياره.

     عاد سريعًا إلى حيث الأستون مارتن، لكن لسوء الحظّ، لم يجدها في مكانها! ثم دخل المستشفى، وألقى بنظرة خاطفة على الجموع، فلم يجد منْ بينهم المذيعة لولوه، والصّحافيّة المراسلة نور، وكذلك لم يجد بعض موظّفات مؤسسة الموانئ، مما قد زاد هذا الأمر .. منْ صعوبة معرفة صاحبة تلك السّيّارة. فاتصل على اللواء، وأخبره بما حصل.


***
    
    في شقة الزهريات ... كانت جوري تتأهب للعودة إلى منزل أبيها. فاقترحت عليها فاطمة أنها ستتصل بشُروق .. قبل كل شيء لتخبرها بما حدث، فوافقت على ذلك.

اتصلت فاطمة بها، فأجابتها قائلة:
-
عفوًا .. منو معاي؟

     تنحنحت فاطمة، وقالت:
-
السلام عليكم شوشو، حبيبتي، أنا فاطمة رفيجة اختج جوري، وجارتكم قبل.

     ردت عليها باستغراب:
-
وعليكم السلام، أهلًا فطّوم، آمريني !
-
ما يآمر عليج عدو .. بس عندي موضوع يمكن بيصدمج !!!

      قلّبت شُروق بصرها، وهي تفكر بالمواضيع، التي قد تكون هي المقصوده، ثم تذكّرت جوري، وحدثت نفسها:
-
لا يكون بتتكلم عن أختي! معقوله هي نفسها اللي اتصلت!؟

     قاطعت فاطمة حديثها النفسي، بقولها:
-
أختج جوري مازالت حيه! واهي عندنا، فقلت أبلغكم قبل كل شي.

     صُعقت شروق، واتسعت عيناها من الصدمة، وبقيت شاحبة الوجه صامتة، وفاطمة تواصل حديثها:
-
عشان جذي قلت اتصل فيج .. وأبلغج بهالشي، لأنّها بتييكم.

      ظلت شُروق متسمرة الجسد، شاحبة الملامح. فلاحظت والدتها ذلك الشحوب، فسألتها:
-
شفيج؟
-
مادري شقولج يمه .. بس شي ما يدخل بالعقل!! 

    ألحت والدتها بريب:
-
هاو؟ قولي عاد شفيج!!؟

     قالت وهي تلتفتُ إلى والدتها ببطئ:
-
يمه ... جوري حيّه .. ما ماتت !!

    ارتسمت ملامح صدمة شديده على وجه والدتها، وقالت بعدما حاولت استيعاب الصدمة:
-
معقوله!! والإنفجار اللي صار .. ما قتلها؟ هذي لها سبع ارواح؟ ومنو هذي اللي كلمتج؟
-
رفيجتها فاطمة.
-
فاطمة؟ أي وحده هذي؟
-
هذي اللي كانت جارتنا، ورحلوا قبل جم سنة لمنطقة الرّوضة.

     قالت مسذكرة:
-
ويييييييييييه عرفتها عرفتها .. أمها ذيج ام الخلاجين! كش ويه يا أمها .. عمرنا ما توالمنا معاهم .. حتى أذكر لبسها كان خايس .. دايمًا تفشلني لما ايوني رفيجاتي عشان نشرب شاي الضحى.

    علقت شروق بضيق:
-
يمه الله يهديج، مو وقته نتكلم عن الناس. الحين أبوي لو درى .. شيصير فيه؟ أخاف من الصدمة يوقف قلبه !!

    فكّرت والدتها، ثم قالت:
-
مادري شقولج يا بنيتي .. بس ما عليج، أُبوج قلبه قوي ويتحمل .. وتراه مو ياهل عشان تخافين عليه !
-
اي يمه .. عارفه بس مادري!! أحس بتييله صدمه.
-
ما عليج .. ما عليج .. لا تحاتين، وخليه ينصدم! أصلًا حتى لو مات .. راح اييلنا ورث كبير من وراه.

      قالت شُروق بدهشة شديدة:
-
يمه، من صجج تسولفين؟

    ردت ضاحكة:
-
شفيج يا بنيتي .. أتغشمر! يعني شتبينا نقول لأبوج؟
-
الله يهديج يمه .. مو وقته هالغشمره. خلاص تدرين شلون؟ خليه ايي الصاله وعطيه مقدمات .. عشان يتهيأ عدل للصدمة ويتقبلها، وان يت جوري .. أنا بطلع لها وانتي خلج مع ابوي.. اوك؟
-
اتفقنا يا بنيتي .. بس حسافه لو انها ميته .. جان الله راحمنا منها.
-
ما عليه يمه ... هي بنت زوجج، ولازم نتحمل وجودها بينا، لين ما الله ياخذ أمانته منها ونرتاح.

       وصلت جوري بعد دقائق، فنزلت من سيارة فاطمة، ومضت نحو الباب، فضغطت على زر جرس المنزل، فردت شروق:
-
منو؟
-
أنا .. اختج جوري !

       فتحت الباب، فدخلت جوري، واحتضنا بعضهما، وحمدت لها أختها الله على سلامتها. ثم مضتا إلى داخل المنزل. وكان والدها جالسًا على الأريكة، مطأطأ الرأس، شاردًا مصدومًا، وزوجته بجانبه. فلما دخلت عليه ابنته، وألقت السلام .. رفع أباها رأسه ببطئ ناحيتها، ثم ارتسمت ابتسامة واسعة على فمه، وسالت من عينيه دمعات، فقال لها بنبرة شوق، وحنين:
-
بنتي جوري .. يا قلبي انتي .. يا روح أبوج .. تعالي.

     تقدمت جوري ناحيته، وهي تمسح دموعها، فقبّلت رأسه، ورأس زوجة أبيها، التي كانت ملامح الامتعاض واضحه على وجهها.

       جلست جوري بجانب أبيها، وقال لها وهو يداعب ضفائرها :
-
بنتي .. اشتقت لج يا عين ابوج! معقوله انج حيه جدامي؟ وأنا اللي ذاك اليوم كنت حزين في عزاج! الله اكبر !شنو اللي قاعد يصير؟ والله اني بهاللحظة أسعد إنسان بهالعالم.

     ثم مد يده حول عنقها، واحتضنها، وأكمل نحيبه، وهي تشاركه البكاء بصمت! بينما زوجة والدها .. تهمهم بغيظ، وكأنّها تتوعدها. وشروق خافضة رأسها بحزن وألم، ولم تحتمل ذلك المنظر، الذي هيج غيرتها، فقامت إلى غرفتها.

     حاولت جوري إبعاد رأسها عنه، فهي لم تحتمل أزيز بكائه، وشوقه عليها. ولما لم تستطع إبعاده، أبقته على وضعيّته، على صدره حتى هدأ، وارتاح قلبه
.
    عندها، نزلت أختها الكُبرى منْ الطّابق العلوي، واندفعت تحتضن أختها، وتقبّلها، قائلة:
-         حبيبتي جوري، مو مصدقه! لما قالت لي شروق انج حيّه، من الصدمة .. ظليت متنحة ساعه كاملة! والحين عقب ما حسيت نفسي مستوعبه الأمر، نزلت.
-         فديتج عوّاشه، والله إني ولهانه عليج وعلى سوالفج. وشلون ريم وصفاء وباجي البنات؟
-         الحمدلله. والله ما تدرين شكثر بجو عليج بيوم العزاء! والحين مو عارفه شلون أقولّهم انج ما متّي!

تدخّلت الزوجة، بنبرة قاسية:
-         أقول .. بسكم دراما حزينة! انتي جوري روحي غرفتج وبدلي ملابسج وريحي. وانتي عواشوه روحي جابلي دروسج، وبسّج قرقه.

قال الوالد لزوجته:
-         الله يهداج أم عائشة، خلّيهم يسولفون، وياخذون راحتهم.

أشاحت أم عائشة بوجهها، ولم تردّ على زوجها.

ثم مضت كل من الأختيْن إلى غرفتهما.



***
  

حين جاء وقت صلاة العشاء .. ذهب الجميع إلى مصلّى المستشفى. وبعدما انتهوا من أداء العبادة، رجعوا إلى العناية. فسمح لهم الدكتور يعقوب، بعد ساعتين، بالدخول على دفعات .. والأولويه لأقربائها. فدخلت والدتها، فوجدتها مستيقظه لكنها مازالت مرهقه، وعيناها شبه مغمضتان. فتمالكت الأمُّ غيظها، وقبّلتها، واطمئنّت على حالتها، وبعد مضيّ دقائق .. خرجت.

      وهكذا دخل جميعهم يطمئنون عليها.

     خرج مشعل مع المدير. وحين بلغا باب المستشفى الخارجي، قال جواد:
-
مشيعل ... تيي معانا للمؤسسه؟
-
شعندي جاي معاكم؟
-
عندنا شغل ما خلصناه ... ودامك طلعت اليوم مبجر .. لازم تيي.

     رد رافضًا:
-
يرحم لي والديك .. أنا واحد مشغول، ومسئولياتي قد شعيرات صلعتك.

     وضع علي يده على صلعته، وقال ممازحًا:
-
صلعتي حلوه، الله يخس بليسك.
-
مديرنا الجميل .. بصراحه بروح أشوف أختي حور بمستشفى الفروانية .. اليوم احترق بيتنا، وهي كانت فيه، ووعدتها اني راح أرجع لها بسرعه، بس تأخرت عليها! فلازم أروح لها.

     رد المدير مواسيًا:
-
إنا لله وإنا إليه راجعون .. ما تشوف شر يارب، وعسى الله يعافيها. أوك عيل روح .. وموفق.

     انطلق مشعل إلى مستشفى الفروانية، فجاءه اتصال من شهيد، فأجابه سريعًا:
-
أهلييين شلونك شخبارك؟ عساك بخير؟ شمسوي؟ شلون الدنيا فيك؟ بشرنا عنك؟ عساك طيب؟ شسويت ما سويت؟

قاطعه شهيد بصرخه:
-
هيييييييييييه يمعود لحظه!! شفيك تتسابق بالحجي؟ ولا جنّي قبل شوي محاجيك! قول لي .. وينك الحين؟
-
رايح لمستشفى الفروانية عشان اختي .. آمرني؟
-
ما تشوف شر اختك، ويارب يقومها بالسلامه. أبيك بموضوع! تقدر تيي مجمّع الأفنيو .. بعد صلاة العشا؟

    رد مشعل مازحًا:
-
أوه! اللواء يبي يقز كااااااااااااك. أقول البس برمودا جينز .. وتيشيرت عليه صورة ميكي ماوس .. والله بتصير تقزيرة.

    ردّ شهيد ضاحكًا:
-
الله يهديك مشيعل .. مو وقته غشمرتك. يالله بنطرك هناك! تحصلني بمكتبة ذات السلاسل .. تدلها؟

   رد مشعل بحماس:
-
واااووووو مكتبة ذات السلاسل! شلون ما أدلها؟ هذي لو ما جيتها لما أدخل هالمجمع .. ما أحس بطعم الطّلعه! خلاص عيل انطرني .. بتطمن على أختي وأجيك.

      ذهب مشعل إلى أخته. وعندما دخل عليها، نظرت إليه بضيق، قائلة:
- تو الناس؟ جان متأخر بعد؟
-
اعذريني يا أختي الصغيره .. والله إنّي تخسبقت، وما عرفت شسوي! وبعدين انتي حالتج مو أخطر من حالة زميلتي!
-
ليش شفيها زميلتك؟

    جلس مشعل بجانب أخته، وأخبرها بما حدث لريينا، فاطرقت حور بحزن، ودعت لها.

   سألها بعد دقيقه:
-
رفيجاتج دروا؟
-
اي دروا .. وراح يجوني.
-
همم، وخالاتي وعماتي؟
-
اي اتصلت فيهم بعد، عشان يزوروني .. لأن بعض الناااس مطنشيييييين.

     ردّ مشعل محاولًا تبرير الأمر:
-
لا حور، مو مطنش الله يهداج!! المهم .. يالله أنا بروح الافنيو .. عندي شغل هناك.

    رمقته بنظرة مريبة، وقالت:
.ياخي ما يمديك! انت كله مهملني-
.اعذريني، والله مو إهمال، بس شغل ضروري-
-
مع بكر القزّيز، مو؟

     رد نافيا:
-
لاااا .. مع واحد إسمه شهيد.
-
منو هذا؟
-
يوووه هذا يبيله شرح وقصه .. المهم انتي ريحي، وإن شاءالله أمرج اليوم قبل لا يسكرون باب الزياره، أو باجر أسحب عالدوام .. وأقولهم ان اختي تحتاج لعنايه. والله انج خوش عذر يا حور، زين طلع منج فايده.

    هزت رأسها بأسى قائلة:
-
الله يهديك بس! موظف مهمل، وأخ ناكر معروف.

رد عليها بتهكم:
-
الله اكبر!! يعني انتي اللي كلّش! أقول، خليني ساكت بس! يالله في أمان الله.

    انطلق مشعل مسرعًا إلى مجمع الأفنيوز، وركن سيارته أمام واجهة إحدى المتاجر .. المحاذيه للمجمع. فنزل من سيارته، وتجاوز الشارعين، ثم دخل من المجمّع منْ ناحية مكتبة ذات السّلاسل. ولما صعد إلى المكتبة، وجد شهيد منهمكًا بقرآءة كتاب عن تاريخ الدّولة الإسلامية العظيمة، في العصور الذّهبيّة الوسطى.

فاجأه مشعل من الخلف قائلًا:
-
هاااا، شقاعد تقرأ؟

    رد عليه اللواء وعيناه مازالتا على الكتاب:
-تصدّق، حسيت انك وراي. هذا كتاب يتحجى عن تاريخنا اللي راح بسبّة شرذمة من الغوغائيّة، والمنافقين اللي كانوا عملاء لأعداء الإسلام.

    جلس مشعل على المقعد المقابل لشهيد، وتأوّه قائلًا:
-
للأسف! عسى الله ينصر ديننا، ويعز شأننا.
 
      قال شهيد، وهو يضع الكتاب على الطاولة:
-
اسمعني .. لازم نطلع الحين. في شخص راح ايي بذاك المقهى اللي برى ... خل نروح نطلب ...

       قاطعه مشعل:
-
الله ... ياخي كلمة (نطلب) تحرك شي بداخلي .. ما أعرف شنو هو!! يالله قوم خل نطلب. يارب يديم هالكلمة على لسانك.

      نظر شهيد متعجبًّا:
-
مشعل الله يهديك .. اعقل!! 

     تصنع مشعل الرزانة، وقال:
-
يالله أنا عقلّت ... خل نمشي.

خرجوا من المكتبة، وجلسوا في المقهى المقابل للمكتبة، فطلب مشعل عصير المانجو وكعكة بالفراولة. أمّا شهيد، فقد طلب قهوة فرنسية.

وبعد ربع ساعة، وصل الشخص المنتظر، وجلس معهم. وكانت إمرأة ترتدي عباءة، ومنتقبة، فاستغرب مشعل، وسأل شهيد بهمس:
-
منو هذي؟
-
هذي الوزيرة أشواق .. لبست جذي عشان ما تبي أحد يعرفها.

      قالت الوزيرة موضّحةً:
-
تنقبت لأنْ ماودّي أحد يشوفني. ولو شافوني ماراح أخلّص منهم .. واخترت هالمكان، لأنّي أبي أكون بعيده عن كل الأماكن اللي تعوّدت أييها.

    قال شهيد:
-
أم إيمان .. تفضلي قولي موضوعج! وهذا مشعل يبته معاي عشان طلبج.

     تحدثت معهما بتفاصيل ما حصل معها .. منذ مجيء نوف حتى مكالمتها لتخبرها عن اختتطاف ابنتها. وكذلك تلك الكلمات الغريبة "الأركة ستمزق رأس الحوت"، وطلبت منهما معرفة مقصدها بأيّ طريقة.

    علق مشعل قائلًا:
-
أعوذ بالله .. ناس ما عندهم رحمة كلش!!! ما عليج أم إيمان .. أبشري بعزج .

    قال شهيد مشيّدًا بانجازات مشعل:
-
احنا نعتمد عليه دائمًا. صج انه بطيني .. ووجهه مغسول بمرق بس والله شقردي .. يُعتمد عليه.

    ضحك الوزيرة، ثم قالت  قبل أنْ تقوم من مقعدها:
-
الحين أنا لازم أرد للبيت .. لأنْ عندي وايد أشغال، مجبوره أخلصهم. بس تكفى شهيد، واللي يسلمك .. مثل ما اتفقنا، حتى زوجي مابيه يدري.

     ضرب اللواء على صدره:
-
ابشري يا أم إيمان .. لا تحاتين، كل شي بيكون سرّي.

     قامت، وودعتهم، ثم مضت خارجًا.

     قال شهيد:
-
مشعل الله يخليك، حاول اليوم تفك لغز شيفرة نوف! لأن الرئيسة مو متطمنة !
-
أبشر يا شهيد ... " الأركة ستمزق رأس الحوت " .. خوش لغز! تصدق أموت بالألغاز! لدرجه اني مازلت أتابع كونان.

    ضحك شهيد :
-
الله يخليلك كونان. من عرفته وهو بالابتدائي! المهم، لازم تفك هالشيفرة ...........

    قاطعته صرخه في أذنه من الخلف:
-
شعندك هني يالقزيييييييييييييييييييييييييز.

      عرف شهيد صاحب ذلك الصوت، وشعر بخجل شديد ... حين رأى عيون الناس تتجه نحوه، فاستدار للخلف، وأجاب:
-
الله يهديج عمه خرعتيني!! فشّلتيني .. ليش جذي تصارخين جدام الناس!؟
-
يه يه! وليش ترد على عمتك جذي؟ أنت ما تستحي؟

    قالت ليلى، وهي تمسك صديقتها مريم:
-
يالله حبيبتي خل ندخل المكتبه .. بشتريلي كتب عن الفروسيه، وجم كتاب عن عنتر.
-
أوك. روحي قبلي، بلحقج شوي. هم بشتريلي جم كتاب عن الماسونية .. كش عليهم.

    وجه مشعل سؤالًا إلى ليلى:
-
مو جنّه انتي ليلى .. اللي لحد الحين محد قدر يواجهج؟
-
اي أنا هي ... ليش؟ تبي تواجهني؟

    ردّ مشعل خائفًا:
-
لا لا لا ما قصدت .. أصلأ ما فيني حيل .. كلي قطعة عظم تمشي.
-
عيل اوك، شعندك تسأل؟

     حدث مشعل نفسه:
-
ولييه شهالنفسيه؟!؟

    ثم أجابها:
-
لا بس حبيت أتأكّد! لأن كله أشوفج بالأخبار، واقرأ عنج بالجرايد وغيره.
-
أوك! طيب.

      ثم مضت إلى المكتبه. فعلّقت ميمو بابتسامة حرجه:
-
ما عليكم منها .. هي دايمًا أسلوبها جذي جاف ... بس ترى قلبها طيب وايد.

     ثم عادت تحدث شهيد:
-
انت قولي شعندك هني؟ أمك تدري انك ياي الافنيو بالله؟ استئذنتها؟ 
-
يا عمه الله يهديج .. ريال بهالعمر يستئذن أمّه، ليش؟

     ضربت ظهر كفّها الأيسر بباطن كفّها الأيمن، قائلة:
-
من صجك تسولف؟ أصلأ هذا برّ والدين .. انت شفهمك؟

    رد شهيد باستياء:
-
اللهم طولج يا روح!! خلاص بتّصل عليها .. بس روحي لحقي على رفيجتج، قبل لا تييلج، وتلعب عليج تايكواندو !
-
لاااا، ماني رايحه إلّا لمّن تتصل جدامي! يالله اتّصل الحين.

     أخرج هاتفه، وهو يتمتم:
-
إنا لله وإنا إليه راجعون!! والله لو أنها مو عمتي .. جان صار كلام ثاني.

     اتصل على والدته وأخبرها بمكانه، ثم أغلق الهاتف، وقال لها:
-
ارتحتي؟

      عدّلت حجابها، ثم مازحته:
-
أوك بس لا تتأخر فاهم! وإذا تبي فلوس عشا .. ترى عندي. لا تستحي من عمتك وتاج راسك.

     رد عليها يجاملها:
-
أوك يا تاج راسي ... مشكوره وايد والله.

        انصرفت ميمو، فتنفس اللّواء الصعداء .. بينما مشعل يضحك ملئ فيه، فقال شهيد:
-
تتشمت هااااا!!! مو مشكله! انزين قولي شصار عالمغربيه؟ ما كلّمتها؟
-
لا والله أبدًا ما كلّمتها ... لأن استغربت، صارلها جم يوم ما ألقاها معاهم بالشقه! يمكن غفلت عنها بلحظة، وراحت لبنت خالتها اللي ساكنه بالسالميه .. بس للأسف، ما أدل مكان شقتها.
-
ما عليه ... لازم الحين تروح لشقة رفيجات جوري، وتراقبهم، وتحاول تسمع عن طريق جهاز التجسس شيقولون وما يقولون ... لازم هاجر تتعاون معانا !

       قام شهيد ومشعل، وغادرا المكان. فلما وصلا إلى مواقف المجمع .. وجدوا جمع غفير من الناس ينظرون إلى فرس يقف في موقف سيارة، وكانوا متعجّبين منه! فضحك مشعل، وعلّق:
-
صاحب هالحصان شكله عبيط، أو أنه للحينه يعيش بعقلية الماضي، أو ما عنده سياره! تصدق ذكرني بولد خال أمّي دخل لهالمجمع قبل سنتين تقريبًا .. وحاط على ايده صقر !

     رد شهيد بذهول:
-
من صجك والله؟
-
اي وربي .. بالبدايه رفضوا يدخلونه بس هو راسه يابس .. دخل المجمع بالصقر حقه عشان يروح لفرع خطوط زين للاتصالات.

ضحك شهيد ساخرًا، وعلق:
-
الدنيا عجيبه !!! على فكرة ترى هالحصان حق ليلى الشرسة.
-
من صجك؟ الظاهر محد قدر يحاجيها او يعارضها عشان لا تكسره بضرباتها القاضيه.

بعد ذلك تفرق كل منهما متوجّهًا إلى سيارته.


___


مرادفات:

مصافط: مواقف سيارات.
خلاجين: ملابس.
تخسبقت: تشتّت.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )