الثلاثاء، يوليو 22، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاك .. ))







الفصل الرابع والعشرين


تصفية الثّأر القديم






       كانت نوف مختبئة في إحدى دورات المياه بالطّابق الثّاني، وهي تتنفس بشدة من الألم، فقد فقدت الكثير من الدم! ثم اتصلت بمريم مرّة أخرى، فأجابتها بذعر:
-
الزعيمة نوف! شفيج تتنفسين جذي؟
- ماكو شي .... بس .. قوليلي .... وينج .. الحين؟
- يايتكم بالطريج !
-
يايتنا ...... بالسيارة ولا ........ بالسّيكل؟
-بالسيارة.

     تنفست الأركة الصعداء، وقالت:
-
اشوى .. عيل .. بسرعه ! آآآه .

صاحت مريم:
-
نوف يا قلبي .. شفيج؟ تحجي يرحم والديج!!

     ردت نوف تتحامل ألمها:
-
ماكو شي .. خلاص .... أكلمج بعدين.

    أغلقت نوف الهاتف. فخافت مريم عليها، فزادت من سرعة سيارتها.

   قالت سلوى لأختها:
-
نوف تحملي ... الحين بيمرون الشرطة من صوب الحمام .. وتنجح خطتنا.

     لم ترد نوف عليها، وكانت نظراتها شاحبة. ولم تكد تمر ثوان حتى أغمضت عينيها، فصُعقت أختها وخافت، وهزت جسدها تناديها، لكن لا مجيب، فخشيت أنْ تكون قد ماتت!! فتحسست النبض في عنقها، فاطمئنت حين وجدت بها نبضًا.

    ولما سمعت صوت الشرطيات، انتظرت قليلًا، ثم خرجت تحمل أختها، فرآها شرطي برتبة عريف، وسألها:
-
عسى ماشر؟ شفيها الشرطيه اللي شايلتها؟
- تعرضت لاطلاق النار لما كنا تحت .. ولما صعدنا ندور العصابة. تعبت وايد .. فدخلتها لدورة المياه .. عشان أغسّل ويهها، والحين بنزل أوديها للمستشفى.

    رد العريف بأسى:
-
إنا لله وإنا إليه راجعون .. جان من البدايه موديتها للاسعاف! يالله نزليها بسرعه .. المسعفين موجودين تحت.

    أومأت له برأسها، ثم أسرعت بخطاها، فاصطدمت بكتف ملاك. فنظرت سلوى ناحيتها بطرف عينيها، والمخبرة تنظر إليها باستغراب، وقالت في نفسها:
-
شهالنظرات الغريبة !!

     خرجت سلوى من العماره، فلما رآها أحد رجال الأسعاف .. صاح قائلًا:
-
يا شرطية .. تعال خل نعالج اللي معاج.

   لم تلتفت الفتاة ناحيته، فمضت تكمل طريقها. وحينها، اتصلت سلوى بمريم تخبرها بمكانها. وحين وصلت إليهما، استغربت من وجود شرطية تحمل شرطية أخرى، واقفة بذات المكان، تشير إليها أن تتوقف.

    توقفت مريم، وحدت النظر ناحية الشرطية، وقالت لها:
-
عسى ما شر حضرة الشرطية؟
-شفيج مريوم .. آنا سلوى !

    ردت بدهشة:
-
امبيه ما عرفتكم ... منو اللي شايلتها؟؟ لا يكون .....؟؟

    أومأت سلوى برأسها. وأدخلت الزعيمة بالمقاعد الخلفيه، وطلبت من الرّاكون أنْ يقوم بعمله لوقف النّزيف .. حالما يصلون إلى أقرب مستشفى.

 
    علّق المسعف، الذي ناداهما باستغراب شديد:
-
غريبة .. ليش ما ركبوا سيارة الشرطة بدال ذيج السيارة!!!!!!

    عندها .. لاحظت هاجر سيارة مريم، فقالت بذهول:
-
أوه سيارة مريم اللي عاينتها البارح عند الشقه!! هاد هي نفسها.

     ردت نوره:
-
تقصدين اللي ركبت فيها الشرطيتين؟

   هزت هاجر رأسها مؤكّدةً. فعلقت جوري:
-
تصدقون!! وربي حسيت بشي غريب ... لأن شلون شرطيتين يركبون سيارة عاديه، رغم توافر الكثير من سيارات الشرطة !ناهيكم عن توافر سيارات الأسعاف !

    قالت أمل:
-
عيل شعندنا قاعدين هني؟ يلا خل نلحق وراهم !

***

   في تلك الأثناء ... خرجت الافعى وذو النظارات من دورة مياه أخرى، فاختلطوا مع الشرطة.


    بعدها بدقيقتين، قالت النقيب سناء بدهشة شديدة:
-
شنو هذا!! معقولة اختفوا؟ يعني وين بيروحون؟؟؟ 

   ردت الملازم عهود:
-
يمكن فوق السطح !

    قالت العنود:
-
ما أعتقد .. هناك في هيلوكوبترات الداخليه .. فصعبه ينحاشون من هناك! والله أمرهم محيّر.

    وصل شهيد في ذلك الوقت، فتنحى الجميع عن الطريق، فمشى اللواء بينهم، وخلفه المخبران، والقناص، فلما وصل عند النقيب، وقف، والتفت ناحية القوات، قائلًا:
-
يا قوات الداخليه الأبطال .. لا تيأسوا! أنا متأكد ان العصابة مازالت موجوده .. ويمكن منخشين بمكان ما تتوقعونه !يعني مثلًا تحت الدرج، أو ممكن عزكم الله داخل درام الزباله، ترى كل شي جايز .. خصوصا بمثل هالأوقات العصيبه اللي الانسان ممكن يسوي أي شي براسه!


     بينما شهيد يلقي كلمته .. سحبت الافعى نفسها، ومعها ذلك الشاب من بين الجموع، حتى استطاعوا الهرب خارجًا.

    ذهبوا بعيدًا عن العمارة، ولما شعروا بالأمان .. تنفس الشاب بعمق، وقال مبتسمًا:
-
الحمدلله ان الخطّة نجحت .. ومشت الأمور مثل ما خططت عليه.


***

    وصلت مريم بسيارتها إلى إحدى المستشفيات الخاصة، وعلى وجه السرعة، قامت هي وسلوى، والرّاكون، بحمل نوف، ونزلوا بها من السيارة، فتفاجئوا بوجود مجموعة من الفتيات المسلّحات بالأسلحة الحادة أمامهم، وكان المكان يخلو من النّاس.

   سألتهنّ مريم عمن يكنّ. فأجابتها فتاة من خلف تلك الفتيات، تقول:
-
أتمنى ما تكونين نسيتيني يا الذخيرة الرماديه!؟

     رفعت مريم رأسها، من فوق الفتيات، تحاول رؤية صاحبة الصوت، وقالت:
-
وانتي منو؟ ليش واقفة ورى هالبنات!!! اطلعي خل أشوفج!! وعلى فكرة ترى صوتج مو .. غر .. يب !!!

    حين تذكّرتها، شحب وجهها.

فقالت سلوى، التي ذهلت :
-
لا يكون انتي ج ... جو .. ري؟

    ضحكت جوري، وأجابتها، بعدما تنحت الزهريات عنها ليكشفنها لهم، وكانت مكتفة اليدين، وتنظر إلى العصابة بمكر:
-
اي أنا جوري! اللي حاولتوا أكثر من مره اغتيالها، بس ما قدرتوا.

    ثم اعتدلت من وقفتها، وأردفت، وهي تشير ناحيتهن:
-
الحين لازم أنهيكم من الوجود .. عشان أقدر أعيش بأمان واطمئنان، وأريح البشرية من شركم.

   تمالكت مريم قوتها، وقالت:
-
جوري .. أنا مستعدة أواجهج أول وحده .. بس بشرط انج تتركين الزعيمة تعالج !

   ردت جوري بنبرة ساخرة:
-
تعالج؟ انتي من صجج تسولفين؟ أنا يايه عشان اقتلكم، وأوّلكم نوف ... وانتي تتشرطين علي! مسكينة يا مريم.

   قالت نوره بحماس، وهي تحرك سلسلتها الحديدية المدببة بالمسامير:
-
جوري يلا حبيبتي .. ترى مو قادره أصبر اكثر !

    ابتسمت جوري، وأشارت لصديقاتها الزهريات. فقمن بعد تلك الإشارة بإحاطة العصابة الشّريرة. ونوف تتأوه من الألم، لكن تأوهاتها لم تشفع لها عند الزهريات.

   تلفتت سلوى حولها بقلق، ومريم تنظر إلى الزهريات بارتباك شديد، وهمست قائلة:
-
شنو هذا!!! وربي مو وقتهم.

    تقدمت جوري ناحيتهن، قائلة:
-
سلوى ... على ما أعتقد تتذكرين رفيجتي لطيفة اللي قتلتيها!؟ عبالج اني نسيت دمها؟ عبالج اني نسيت اللي حصل؟

    ثم أكملت بغيظ:
-
عبالج اني بتركج لو شفتج جدامي؟ عبالج ماراح أنتقم لها وآخذ ثارها؟ تدرين انج لما قتلتيها .. خليتي حياتي كوابيس؟ تعتقدين اني بسامحج بهالسهوله؟

   ردت عليها سلوى، بخوف بالغ:
-
المسامح كريم يا جوري، وانتي طيبة .. وقلبج المفروض ما يشيل الحقد. وأنا والله أعتذر .. قتلتها مضطرة مو بيدي !

    علقت جوري على كلامها بابتسامة خفيفة، وقالت:
-
مضطرة!! خل ينفعج الاضطرار الحين ... احمي نفسج من أسلحة البنات.


  ثم نظرت ناحية الرّاكون، وبدت عليه ملامح الاضطراب:

-وانت، مازلت معاهم؟ ليش ما تبقى، ونوف كل يوم تطلبلك عشرين وجبه! الحين نفجّر بطنك، ونسوي لك خوش تكميم عشان تضعف.

-ج ..جوري، والله أنا مالي شغل، بس اهم ....


  قاطعته:

-اسكت، ولا كلمة! ما تنفع أعذاركم يالحشرات القذرة.

    رفعت جوري يدها، فهجمت الزهريات عليهم، فورًا. فقامت مريم بالدفاع عن نفسها بشراسة، وبقوة، وتحاول قدر ما تستطيع حماية الزعيمة بالفنون القتاليه. أما سلوى فقد كانت تحاول حمايتها .. لكن ليس بقوة الذخيرة الرماديه، بينما فرّ الرّاكون بعيدًا، حتّى توارى بين المباني، القريبة.

    وكلما حاولت إحدى الزهريات ضرب نوف .. تقوم سلوى بركلها، أو تحميها بجسدها لتحتمل الطعنات، والضربات. فبقيت هكذا .. حتى سقطت مغشيًا عليها، وسط بركة من الدم. وظلّت مريم وحيدة، فغضبت، وقالت في نفسها، وهي تتنفس بتعب:
-
انا شلون .. نسيت سلاحي ...... بالسياره!!! آخ لو أقدر ....... أجيبه، بس .. ما أعتقد ... ينفع ! لأن عددهم كثير .... ومسدّساتهم .... واضحة بجيوبهم ....!

    هجمت فاطمة بسيفها على مريم، فاستطاعت الأخرى، بحركة خاطفة أنْ تأخذ السيف من يدها، ثم امسكته بكلتا يدها، مهدّدةً:
-
تعالوا الحين .. واللي فيها خير تقرب.

    تقدمت نوره بحماس، فوجهت لمريم ضربة ساحقة بسلسلتها، لكنها صدتها بالسيف، ثم رفست نوره على بطنها.

   حاولت مريم الجري إلى سيارتها ... لكن ليان حالت دون ذلك بخناجرها.

   قامت مريم بتسديد السيف ناحية خصمها، فتجنبت ليان تلك الضربة قبل أن تخدش خصرها، وأعادت إليها برمي خنجر، متوسط الحجم، فأبعدت مريم نفسها سريعًا، واستقر الخنجر على سيارة بالية، كانت واقفة خلفها.

    رفعت مريم السيف، وتقدمت مسرعة وهي تصرخ ناحية ليان، فتنحّت عنها، وأكملت إلى سيارتها لتشغلها، فحرّكتها مسرعة تجاه نوف، محاولة أخذها، لكن هاجر قامت بقذف صخرة كبيرة الحجم على الزجاج الأمامي، فتهشّم جزء كبير منه. فانحرفت بسيارتها، ثم حاولت الرجوع للزّعيمة من جديد. فأخرجت الزّهريات أسلحتهنّ، المزوّدة بكاتم للصوت. فخافت مريم، وتمتمت بخيبة أمل:
-
آآآخ يا نوف، وربي ما باليد حيلة .. مضطره أسحب نفسي !

ثم فرّت هاربة تاركة نوف، وسلوى بيد الزهريات.

    قالت ليان نادمة:
-
آآآآخ ... والله لو مو السيارة والسيف .. جان قتلناها.

    قالت جوري:
-
ما عليه ليان .. أهم شي ان نوف عندنا ... وإذا قتلناها، بيصيرون باجي العصابه ضحايا سهله .. لا تحاتين.

    ثم مضت زعيمة الزّهريات إلى نوف، فوجدت عينها اليمنى مفتوحة، ومازالت تتنفّس بصعوبة، فأمسكتها من شعرها بشدّة، وقالت لها في وجهها:
-
منو بيفكج اليوم مني يا الأركة؟ 

   رفعت نوف طرف شفتها الأيمن، مبتسمةً بألم، وأجابتها بسخرية:
-
عبالج ..... إني خايفه؟ سوي .. اللي براسج .. يا ... الثعلب الأصفر !!

  ثم بصقت في وجه جوري، وكان بصاقها يحمل الدم.

   مسحت جوري البصاق عن وجهها، وقالت بغيظ مكظوم:
-
أوك يا نوف .... راح تندمين على حركتج هذي !!!

    ردت نوف بانهماك شديد:
-
على فكرة .. ترى .... انتي هم ... راح .. تلحقيني ... لعالم البرزخ !

   سألتها جوري باستغراب:
-
شقصدج؟
-بالايام اليايه ....... راح تعرفين!

   لم تبالِ جوري كثيرًا بما قالته، فأمرت الزهريات بحملهما إلى صندوق السيارة، ثم انطلقنَ بهما إلى برّ منطقة جليعة.


  ***
 

  كان الرّاكون يمشي بين المباني العالية، لا يعرف أينَ يذهب، وكان ضميره يؤنّبه لأنّه ترك الزّعيمة، وهرب خوفًا. فعاتب نفسه:

-أنا ليش سويت جذي! شنو استفدت من نحشتي؟ ياخي جان مدافع عنها للموت!


   ثم كرّر كلماته الأخيرة بصرخة مزمجرة:

-جان مدافع عنها للموت!!


   انتبه لنفسه، فنظر حوله، ولم يجد أحدًا، فقد كان المكان خاويًا سوى من بضع قطط تمشي ناحية القمامات، وصوت صرصرة الصراصير الهادئة. فأخرج من فمه نفسًا طويلًا، ثم تذكّر رجال الدّاخلية، ورئيسهم المكلّف في هذه المهمّة، اللواء شهيد، فغمغم بحقد:

-شهيد! أنت سبب هذا كلّه، والله راح تندم. أمّا هذي جوري، فلي حساب ثاني معاها بعدين.




***



    حينما وصلت الزّهريات إلى البرّ ... أنزلن الزّعيمة وأختها، وقد كانتا في حالة إغماء شديده، وربما نوف على مشارف الموت .. بسبب الدم الكثير الذي افتقدته.

     وضعوهما بجانب بعضهما، فأخرجت جوري سلاحان من درج السيارة، ووقفت خلفهما. فنظرت إليهما، وتذكرت صديقتها لطيفة، وذكرياتها معها، وكيف قتلتها سلوى بدم بارد. فدمعت عيناها، ووجهت السلاحان إلى رأسيهما، فأطلقت أكثر من رصاصة على طول جسدهما، ورأسيهما .. حتى نفد الرّصاص.

    ثم تحسّست أمل نبضهما، فلم تشعر بشيء من ذلك، وقالت بابتسامة:
-
الحمدلله .. تم التصفية.

     تنفّست جوري الصعداء، ثم علّقت بنظرات شاحبة ناحية الجثّتان:
-
للأسف والله! تمنيت أواجهها وهي حيّه! على الأقل، استمتع بانتقامي لصديقة عمري.

     ثم استدارت نحو صديقاتها، وأكملت:
-على العموم، يكفي اني خلّصت النّاس من شر هالأركة، وللأبد.

    حين غادرت الزهريات ذلك المكان، جاءت فتاة، كانت تراقبهن من بعيد، فألقت نظرة على نوف وأختها، وهما يسبحان في دمائهما، فعلّقت بأسى:
- الله يرحمكم ويغفرلكم .. صدقوني راح آخذ ثاركم وأبرّد جبود أهلكم وأحبابكم .. وبالأخص انتي يالزعيمة .. راح اكون عند ثقتج .. وأخلّي جوري تلحقج لعالم الأموات.


***

    في ذلك الوقت، امتلأ مستشفى الأميري بالجرحى، والمصابين من قوات الداخلية، بعد حادثة العمارة. وكان مشعل يبحث عن الطبيب يعقوب الصّدّيقي، فلما شاهده يخرج من غرفة الممرضين، قال له:
- هلا دكتور يعقوب ... وينك من الصبح أدوّر عليك؟
- أهلين مشيعل .. والله ماكو بعد جبدي، بس مشغول شوي. آمرني؟
- ما يامر عليك ظالم. عندنا حالات حرجه نبيك تعالجهم.

    سكت الدكتور لثوانٍ، ثم رد عليه:
- والله يا مشيعل ودي .. بس أكو غيري دكاتره بالمستشفى، لأن أنا ما عندي وقت حاليًا.

    حاول مشعل اقناعه:
- شدعوه دكتور ... احنا نثق فيك أكثر من غيرك ... وأنا لو مو واثق بقدراتك المهنيه .. جان ما دورت عليك. وهم ما يخفى عليك اهمال الاطباء الثانيين اللي ما يخافون الله في مرضاهم .. وكل همهم الفلوس!! يلا بويعقه .. راح أعزمك على أحلى عشى 
الليلة بأحلى مطعم .. شقلت؟

    أجابه الدكتور ضاحكًا:
- تعزمني؟ أشكّ صراحة.

    ثم أردف سريعًا، بهمس:
- مشيعل بكون صريح معاك ... قبل أسبوع يتني وحده في مغل محل بعدما مشيتوا ... لانها اتصلت فيني قبل الظهر، وقلت لها بكون هناك. فلمّا يتني .. عرضت علي مبلغ كبير مقابل التفرغ لعلاج أمّها المريضه اللي مرقده عندنا بالمستشفى .. فأنا وافقت عشان حسيت بحجم معاناة هالعائلة من مرض والدتهم أكثر من الفلوس.


غمز له مشعل، قائلًا بمزاح:
- علينا!! قول ان الفلوس أغرتك! صدقني بيكون سر بينا.


ضحك يعقوب:
- يوز عني مشيعل.



عدّل الدكتور نظارته، وأردف:
-خلاص، صدقني بس أجيّك على المريضه، ثم استئذنها وأييكم .. ماراح أطوّل.

    شكره مشعل، ثم أدار ظهره ليرجع إلى شهيد، فجاءه اتصال من خالته سلمى، فتغيّرت ملامحه إلى الضيق، وخاطب نفسه:
- بعرف هذي شتبي متصله الحين!!؟ أدري فيها تبي تعاتب أو تزفني عشان حور! استغفر الله ياربي.

     رد عليها، ووضع السماعه بعيدًا عن أذنه. فصرخت تقول له:
- وانت وينك من الصبح يا جليل الحيا؟ أختك بالمستشفى مرقده تعبانه، وانت هايت مادري وين؟ مو على أساس تزورها الصبح؟ وين اللي يبي يغيب عشان أخته؟؟؟ جاوبني شفيك ساكت؟ منو لأختك بعد الله؟؟؟ انت ما تحس؟ يا بليد المشاعر .. يا بارد .. حرام انك ولد اختي!! مادري طالع على منو بهالبراده .... قول لي وينك؟؟
- خاله ... انا حاليًا بالدوام .. المدير ما خلاني أغيب.


ردت بغيظ:
- تجذب علي انت؟ ترى على فكرة .. اتصلت برفيجتي اللي موظفة بقسم الإيجارات عندكم، وسألتها عنك .. فقالت لي ان مكتبك مقفل !!

     سكت مشعل يفكّر بما يجيبها، وبعد برهة، قال لها:
- اي خاله .. كان عندي اجتماع ... والحين أنا صوب المصلّى بقرأ قرآن. صدقيني راح أزور حور بعد ما يخلص دوامي ... وشسمه .....

     حينها سمع مشعل صوت خط الهاتف، وكأنّها أغلقته في وجهه، فأدرك ذلك، وضحك، قائلا:
- والله مشكلة هالخاله ... صعب الواحد يقنعها أو يجذب عليها بسهوله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )