السبت، يوليو 05، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاكْ .. ))



الفصل السّابع

الأركة









      حين بدأ الطابور، كعادة العصابة الخماسيّة، لم يحضرنه، وكان هروبهنّ هذه المرّة في فصلهنّ، للقيام بعملية خطّطت لها أسماء سريعًا، فنالت الفكرة على استحسان باقي أفراد العصابة.


        وعندما ذهب كل الطالبات لفصولهنّ، ذهبت الأستاذة مزنة إلى فصل العصابة، وبعدما سلّمت عليهنّ، جلست على مقعدها، لتقوم بتحضير كشف الغياب، وحين قامت، لمحت خلود شيئًا على ثوب الأستاذه، فقالت لها:

-         أبله، أكو علج على ثوبج من تحت!


استغربت مزنة، ونظرت على ثوبها من الخلف، فدققت النظر عليه:

-         امبييييييييه!!!


غضبت، وصاحت على الطالبات:

-         منو اللي مو متربية اللي سوت جذي؟


همست خلود:

-         أبلة .. الشلّة اللي ورى ما حضروا الطّابور، فأكيد اهم اللي سووها.

أشارت الأستاذه للعصابة الخماسية بأنْ يتوقفن، ثم سألتهن عمّن فعل هذا الشيء! ففي البداية أنكرن، لكنّ الأدلّة كلّها تثبت أنّهن المتّهمات، فالعلك جديد، وواضحٌ أنّه وُضع منذُ لحظات، وهنّ لم يحضرن طابور الصّباح!


حينها، أشارت معالي على أسماء منْ خلفها، قائلة:

-         بصراحة أبله .. أسماء هي اللي يابت العلج وحطته تحتج.


صُعقت أسماء! وسألتها صديقتها:

-         معالي!! ليش؟


هزّت معالي كتفيْها:

-         ما أحب أجذّب.


زفرت أسماء، وكأنّها تتوعّدها. فقالت لها أستاذه مزنة:

-         أسماء!!!! انتي؟

-         إي أبلة .. أنا.


صاحت عليها مزنة غاضبة:

-         ذلفي برى .. انطريني عند النّاظرة، أنا أوريج! إن ما علمتج الشغل، ما أطلع مزنة.

قبل أنْ تخرج أسماء من الفصل، رمقت معالي نظرة حقد، ثم أسقطت طاولتها بعنف، ومضت خارجًا. وصلت عند مكتب النّاظرة، وبعد دقيقة، أتت مزنة، فأمسكتها من يدها بشدّة، ودخلت بها على ناظرة المدرسة.


كانت النّاظرة جالسة في مكتبها بوقار، تقرأ إحدى الكتب المُرسلة من وزارة التّربية. ولما شعرت بوجود شخص ما ينتظر، ألقت ببصره نحو الأستاذه، ثم نحو أسماء، وسألت:

-         عسى ماشر أبلة مزنة، شفيها هالطالبة؟

-         هلا أستاذه آمال، هالطالبة يبيلها تأديب!


عرضت على الناظرة ثوبها والعلك الملتصق بها، وأكملت:

-         حاطه العلج على الكرسي حقي .. ولما قعدت عليها .. شوفي شصار!!


دقّقت الناظر نظرها ناحية العلك، ثم زفرت، وعلّقت:

-         إنّا لله وإنّا إليه راجعون.


حينها دخلت الوكيلة، وقالت:

-         أستاذه آمال، مشغولة؟


ردّت النّاظرة:

-         إي والله شوي، آمريني يا أم أحمد؟

-         لا أبد، بس كنت بحاجيج بخصوص الكتاب اللي وصل من الوزارة.

-         مو مشكلة، بس إن شاالله أنهي موضوع هالطالبة، وأتصل فيج.

-         حاضر، عن إذنج.


اتكئكت الناظرة بمرفقيْها على طاولة مكتبها، وشبكت أصابعها ببعضهما، ووضعت فمها بين يديها، وبقيت صامتة للحظات، ثم قالت بهدوء:

-         والحين شلون؟ تبين فصل نهائي يا ... شسمج؟


ردّت الطالبة:

-         أسماء.

-         يا أسماء، تبين فصل نهائي؟


سكتت، وأخفضت رأسها.


أكملت الناظرة:

-         شوفي، هالمرّة بعطيج استدعاء ولي أمر، بس مرّة ثانية، ما يردني غير الفصل النهائي!


قالت مزنة:

-         إي والله ياليت .. يمكن أبوها ما يدري عن اللي تسويه بالمدرسة.

-         وهم راح نخليها توقّع على تعّهد .. عشان ما تكرّر غلطتها.


رجعت الأستاذه، والطالبة للفصل. أخذت أسماء مقعدها وطاولتها، وقبل أنْ تأخذهما بعيدًا عن مكان العصاب، قالت لها معالي ساخرة:

-         ها فصلوج؟


ردّت عليها ناهرة:

-         انقلعي، مالج شغل يا حقيرة!


قالت بسمة بخبث:

-         اوه اوه معالي .. تطول لسانها عليج، وتقولج "حقيرة"؟


قالت أستاذة مزنة لهن:

-         صوت يا بنات ... يالله بشرح الدرس.


جلست أسما في المقدمة بجانب خلود.


امتلئ الحقد في قلب معالي، وكانت طوال الحصّة في حالة صمت رهيب، وتتوعّد أسماء. ومنْ فرط الحقد، كسرت قلمها، الذي اشترته من مكتبة الجمعية بسعر زهيد.


 وحين رن جرس الفرصة الأولى، خرجت الفتيات من الفصول.


قالت فاطمة:

-         شرايكم نطق خلود، لانها اهي اللي حرشت الأبلة علينا.


ردت بسمة:

-         صعبه! خلود دائمًا تطلع من الأبلات .. تقعد معاهم بالمكتب، فما يمدي أصلًا! الحين لازم نروح نطق أسماء، لانها تجرّأت على الزعيمة.


زفرت معالي نار الحقد من أنفها، وقالت:

-         أنا أوريها والله! أعلمها منو معالي.


كانت احلام تستمع لما يقولونه، فتدخّلت قائلة:

-         شرايكم تتركون مهمّة أسماء لي؟


رفضت معالي، لكنّ أحلام ألحّت عليها أنْ تضربها، وأنْ تحلّ مكانها في العصابة.

قالت معالي بنظرات ماكرة:

-         موافقة.





كانت أسماء وحدها في كافتريا المدرسة، فذهبت العصابة إلى هناك، ومعهن العضوة الجديد. وفي طريقهنّ، قالت معالي:
-
شوفي حلّومه .. عشان نضمن انج انضميتي لنا، لازم تطقين أسماء بدون رحمة! لازم نشوف الدم يطلع منها .. زين؟

ردت بحماس:
-
ابشري يا معالي، والله لأخليها تندم انها تجرّأت عليج.

علّقت فاطمه في نفسها على كلام أحلام:
-
مالت عليها .. شاده حيلها الأخت. حبيبتي يا أسماء، كلهم عليج! عسى الله يحفظج. ليتني اقدر اسوي شي عشانج!


كانت حور تمشي في المؤخرة متردّدة، فلما رأت أنّ العصابة قد دخلت إلى الكافتريا، وقفت، ورجعت إلى الخلف، وفي طريقها إلى ساحة المدرسة لتجلس هناك. وجدت حور طالبة في الصف الثاني عشر علمي، جالسة وحدها في إحدى زوايا الساحة، تُدعى شُروق، فتاة هادئة الطباع، تفكّر كثيرًا، وتتحدّث قليلًا، فتاة غامضة، تحاول كل الطالبات أن يسبرن أغوار نفسها لكنّهنّ لم يستطع ذلك.فذهبت إليها، وسلمت عليها، وقالت لها:
-
السموحه حبيبتي.. قطعت تفكيرج وتأملاتج! بس قلت بقعد معاج شوي .. ممكن؟

ردت بابتسامة:
-
افا عليج حبيبتي .. قعدي يمي، بس غريبة ! وين عصابتج؟

جلست حور، واجابتها:
-
راحوا المقصف، وانا مو جوعانه ابد، فقلت بتمشى بالساحة جان اشوفج، فقلت اقعد معاج نسولف.


اكتفت شروق بابتسامة، ثم عادت تغوص في تأملّها، وصمتها.


كسرت حور حاجز الصمت، قائلة:
-
سمعت ان قبل امس مكرمينج الابلات!
-
اي والله الحمدلله .. هذي نتيجة جهودي يا حور.
-
عالبركة تستاهلين والله.
-
الله يبارك فيج حبيبتي .. مشكورة وايد.

     ثم عادا إلى الصمت! وبعد لحظات سمعوا صوت صراخ الفتيات! فالتفتا ناحية الصراخ المنبعث من ناحية الطريق، المؤدي إلى الكافتريا. عَلت الدهشة وجوه الطالبات بالساحة من عنف أحلام، وهي تضرب  أسماء المسكينة، التي حاولت الهرب منْها، لكنّها لم تتمكن من ذلك. فالعصابة يحيطون حولهما ليمنعوا الطالبات من التدخل، أما فاطمة، فقد حاولت جاهدة أنْ تجعلها تهرب، لكنّ محاولاتها باءت بالفشل!

علّقت حور قائلة على ذلك المنظر:
-
امبيه!!! طقها طق صبيان!


نظرت شُروق ناحيتهن، وابتسمت ساخرة، ولم تتحرّك لفض الضرب، وعلّقت قائلة:
- بنات آخر زمن!


    جاءت الاستاذه حوراء تحمل بيدها الشوزن، وتصيح مهددة:
-
قسما بالله إن ما وقفتوا هوشتكم .. لأرميكم !

  خرجت الناظرة من مكتبها، وقالت غاضبة، موبخة الاستاذه حوراء:
-
 موصج!! انتي شنو شايله بيدج!!؟ ردي سلاحج .. لا ابلغ عليج.

ردت الاستاذه، وهي تحد نظرها ناحية آمال:
-
فيج خير سويها ! تدرين فيني .. عندي كرت احمر، وارمي اللي ارميه، 
وما ارد على أحد.

     ردت الناظرة بانزعاج:
-
يبه والله مو وقته يا حورا.


عندها، جاءت الوكيلة، وقالت للناظره:

-         من صجج راده على هالخبله؟ خلي البنات علي.


 صاحت الوكيلة عليهنّ، فهربت العصابة، وأمسكت الطرفان المتخاصمان، وأخذتهما إلى مكتب الناظرة، وتبعتها الاستاذه حوراء، لكن الوكيلة أمرتها بعدم المجيء، وكانت الاستاذه مزنه واقفة خلف الحائط خائفة .. تراقب ما يحصل من بعيد.

 جلست الناظرة في مكتبها، ووضعت يدها على جبهتها، وبعد صمت، رفعت رأسها، وقالت غاضبة:
-
وبعدين معاج يا أسماء؟ انتي كل يوم مسوية لنا مشكلة! يعني تبينا نفصلج فصل نهائي؟

ردت عليها، والدمعة في عينها:
-
اقسم بالله انها هي اللي جتني وقالتلي " شفيج تحرشين الابلات علينا؟" .. وقبل لا اجاوبها طقتني بعيني، فما قدرت اسكت، فرديت عليها بس هي كان طقها طق عنيف.

التفتت الناظرة ناحية أحلام، التي كانت واقفة بكبرياء، فقالت لها:
-
صحيح هالحجي؟
-
إي صحيح، لاننا ما سوينا شي .. وهي رايحه تحرش الابلات.

    ابتسمت الناظره بتعجب من ردها، وقالت لها:
-
وتعترفين انج اللي بديتي بالهوشة!! مو خايفه يعني؟

أجابتها بجرأة:
-
وليش اخاف؟ هذا الحق، والحق ينقال.

    قامت الناظرة، ومشت حتى وقفت امام الطالبة العنيفة، فانحنت بوجهها عليها، وقالت:
-
عبالج ان هذا سبب يصوغ لج مثل هالامور الصبيانية الشيطانية؟

   نظرت أحلام إلى عيني الناظرة المخيفة، التي يتطاير منهما الشرر، واجابت بقليل من الخوف:
-
ما يصوغ .. بس لازم تتأدب.

    أطالت الناظره النظر في وجهها، ثم اعتدلت من وقفتها، واستدارت ناحية أسماء، وقالت ساخرة:
-
تتأدب! تقول عنج "لازم تتأدب"! يا حليلها، وتعرف الأدب.

ردت أحلام، وكأنها تصر بعنادها:
-
اي اعرف الادب!

    ابتسمت الناظرة بتهكم، ثم، أعطت للوكيلة إشارة بعينها، ففهمتها، فقامت فورًا، بصفع أحلام بعنف على وجهها، فسقطت الطالبة الجريئة على الأرض، وأشعرتها تلك الصفعة بدوار شديد. فقالت الناظرة:
-
تحسين بدوخه ها؟ هذا اللي انا أبيه .. أوريج يا أحلام! كنت حاسه من قبل انج شيطانة بس الحين تأكدت! الحين بفصلج ثلاث ايام مع استدعاء. واقسم بالله ماراح تدخلين المدرسة إلّا لما يجي أُبوج .. فاهمتني؟

استدارت آمال من جديد ناحية أسماء، التي بدا عليها الارتباك، وقالت لها:
-
لا تخافين .. ماراح أخلي أم احمد تطقج .. لانج دافعتي عن نفسج، بس بعطيج تعهد، وتروحين صفّج.

ثم نادت الناظرة على إحدى الفرّاشات، فلما جاءت .. قالت لها، وهي تشير نحو أحلام:
-
اقلعي هذي لممرضات المدرسة .. خل يعالجون دوختها، ثم جيبيها لي.
-
جين ماما.

***

      في تلك الليلة .. كانت القطة السوداء جالسة فوق أحد العمارات الشاهقة مع الأفعى الحمراء، وزعيمة العصابة، التي تطلق على نفسها لقب (الأركة)، وهو حيوان بحريٌّ شرس، يأخذ شبهًا من الدلافين لكن حجمه أضخم، ولونه أسود من الظهر، وأبيض من البطن. ومعهم شابٌّ يلقّب بأفعى الأناكوندا، بسبب طوله، وجسده المعضّل المخيف، وبشرته الصفراء.

     كانت تلك الأركة أقصر من أفراد عصابتها، ولكنها ذو سلطة، وشخصية يهابها جميع أفراد العصابة من الرجال والنساء !ولم تكن على ذات الجمال الفاتن، وإنما مقبولة.

   قالت الأركة للقطة:
-
بلّو حبيبتي راح أكلفج بمهمة جديدة .. لازم تنفذينها.
-
شنو هي؟
- بعد أسبوعين بيمر موكب الوزيرة أشواق، زوجة رئيس مجلس الوزراء، فلازم تغتالينها عشان نرتاح من تصريحاتها الإصلاحية.
-
بس يا الأركة .. انتي تدرين اني ضعيفة بالقنص! فليش ما تكلفين فيها أحد اتباعنا؟ يكون افضل.
.والله فكرت بهالشي، بس ما لقيت أحد!

    تدخلت الأفعى قائلة:
-
الاركة .. أنا أعرف واحد قناص .. نغريه بجم فلس يسويها! ومتأكده انه ماراح يرفض الطلب.

نظرت الاركة إليها، وقالت:
-
متأكده؟  قصدج ذاك اللي وافقت عليه ...  وتعاون معانا قبل هالمرّة؟ 

هزّت رأسها مؤكدة. فقالت لها الزعيمة:
-
انزين هو ثقة بهالأمور؟ يعرف للقناصة؟

أجابت بحزم:
-
ثقة ومليون بالإمية. وقنّاص بارع. ثقي فيني يا زعيمتنا، وعلى فكرة ترى مكان عمله ما يبين انه قاتل مأجور.
-
خلاص عيل .. اعتمدناه، بس هاا ... لا تقولين له شي عننا! خليه ينفذ هالمهمة مقابل مبلغ ضخم، وعقبها لا نعرفه ولا يعرفنا.
-
بس شرايج .. يكون بيني وبينه تواصل ... عشان نستخدمه في عمليات الاغتيال الصعبة مثل هذي؟

فكرت الاركة بكلامها، ثم قالت:
-
والله فكرة جميلة، خلاص عيل، اكلّف هالمهمة لج تنسقين معاه، ولا تخلينه يعرف حتى اسمج! وإذا شفته عجبني بهالمهمه، فراح نخليه ينضم لنا، وتكون مهمته الاغتيالات. اتفقنا؟
.اتفقنا-
حينها مرّ من فوقهم ضوء يجري بسرعة .. أسرع من سرعة الصوت، فنظروا للأعلى، وقالت القطة بذهول، وهي تشير ناحية المركبة:
-
وربي هذا هو الضوء اللي شفته بيوم مقتل جوري.

ردت الافعى:
-
من صجج؟ بس شنو هو؟

اجابت الاركة بتعجب شديد:
-
امبيه ! لا يكون هذا طبق طائر!!!

قالت القطة والافعى بوقت واحد:
-
طبق طائر؟؟؟

اجابتهما الزعيمة:
-
اي .. شنو؟ ما تقرون جرايد؟ قبل امس يايين عندنا بكوكب الارض، والظاهر هذا مضيع او منحاش !

علقت بلو:
-
امبيه .. اول مره بحياتي اخاف من شي جذي.

أيدتها الافعى:
-
وحتى انا !

ضحك الأناكوندا، قائلًا:

-         راح تزداد الأحداث إثارة في الأيام الياية.




هناك 8 تعليقات:

  1. حمااااااااس جدا جدا جدا

    ابدعت مبدعنا ابداع المبدعين <><>

    All the best

    ردحذف
  2. مضحك جدا" ياللهول ف٥

    ردحذف
  3. ليش يا أحلام تطقينها .. خربتي بريستيجي
    Ahlam wael ..

    ردحذف
    الردود
    1. هههه هذي مو انتي ... خصصت لج دور غيره

      حذف
    2. اممم قهرتني معالي هي الاي حرشت على اسماء ليش كذا

      حذف
  4. تحمست ، بس مو الافعى شاب ليش تكلمه على انه بنت ؟
    لكن ابدعت

    ردحذف

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )