الأحد، يوليو 06، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاكْ .. ))






الفصل الثامن

اتفاق على الصفقة 





      في ذلك الطبق، الذي يجري بسرعة شديدة، تفوق مدى سرعته خيال العقل البشري .. كانت تشيريف تتذمر، وبطنها يغرغر بشدة:
-
افففف، الله يسامحج يا تشيمير! يعني شخسرانه لو انج دلّيتيني وين ذيج ام اللحم!! امبييييه لو القاها بس!!! والله لآكلها بروحي .. اما تشيميروه هذي لو اشوفها تسعبل لين يصير بحر من سعابيلها .. ماراح احذف لها حتى اصبع ! أراويج يا ام قرون.

    ثم نظرت إلى من بجانبها، واردفت:
-
انزين وهذي شسوي فيها؟ المصيبة انها مو مال أكل! يعني شكلها ما يساعد حتى اسوي منها شاورما ! او بشر فيليه.

     عند ذاك، فاجأها صوت يأتي من جهاز الاتصال، المزود في المركبة، يقول:
-
ياللهول ... وينج يا جليلة الحيا؟ 
-
شدعوة تشي .. تعلمتي هالكلمة امس من اهل البلد .. وجاينة تسولفين معاي بلهجتهم! شعندج شتبين؟
-ياللهول .. وليش ما تبدأين كلامج بكلمتنا اللي تميزنا كوكبنا عن باجي الكواكب؟

-اوه نسيت .. ياللهول .. !
-
قوليلي ويج الحين يا الثّولة؟
- شنو معنى ثولة؟
- ما تعرفين؟ معناها حمقاء. المفروض تتعلمين لهجة المكان اللي رايحة له عشان تعرفين تتواصلين معاهم.
-ابشري. عالعموم دوق تشي، انا في مهمّة على كوكب الارض.

صاحت تشي:
-
وشنو مهمتج هذي بعد؟ أدري فيج راح توَدْرينا !

    سألت تشيريف باستغراب:
-
توَدْرينا!!!! كلمة جديدة علي!
-
يعني تضعيننا في ورطة. ولمتى اقعد افهم فيج! تعلمي من نفسج .... 

   قاطعتها تشيريف:
-
تشي حبيبتي ... معاي آدمية انقذتها من الموت ... شسوي فيها؟

    ردّت تشي بتعجّب شديد:
-
انقذتيها؟ ياللهول!!! شلون؟
- بعدين اقولج كل شي .. بس قوليلي شسوي فيها الحين؟

     فكرت تشي ، ثم قالت:
-
خلاص جيبيها ، وبعدين نتفاهم !

بعد لحظات، وصلت تشيريف إلى الفندق، وكان في استقبالها تشي وتشيمير وتشيكيل، فضائي حارس شخصي، له ثلاث قرون فوق رأسه.


نزلت المركبة على الأرض، وخرجت منها تشيريف، حاملة بين يديها الفتاة. فقالت تشي:
-
ياللهول .. انها جميلة.

    قالت تشيمير، وهي تتفحص البشرية:
-
لحظه!! خل اجيك عليها .. عشان اطلع برينت كامل عنها.

     فتحت الفضائية عيني البشرية، ودقّقت بنظرها ناحية مقلتها، وبعد برهة، ظهرت النتيجة على شاشة شفافة أمام عيني تشيمير، فقالت:
-
اوه ياللهول! تشي .. شوفي بياناتها.

     ألقت تشي نظرة، وقالت:
-
هممم ياللهول! شنو هذا!  

ثم وجهت سؤالًا إلى تشيريف:
-
وين لقيتيها؟

     أجابت مترددة:
-
لما كنت في مهمتي ... مريت صوب مكان كله ألعاب! جان اشوف هالبنت حذفت نفسها من لعبة عالية، فزدت سرعة المركبة .. وانقذتها.

قاطعهما تشيكيل بضجر:
-
ولمتى يعني بتأخروني عن شغلي؟ بروح اكمل رسم لوحتي!! 

نظرت اليه تشيريف بسخرية، وقالت له:
-
شنو؟ حتى هني ترسم؟ انت ما تمل من الرسم؟

حرّك تشيكيل قرون استشعاره الثلاثة، وردّ بغضب:
-
شوفي .. إن ما سكتي ترى والله احط حرتي فيج! انا بروحي لايعه جبدي من هالبحر اللون لونه اخضر! بعرف يا مريخيين .. أكو بحر جذي لونه؟

     ردت تشي:
-
هذا بسبب مخلفات البشر اللي ما يهتمون بالبحر حقهم!

   ثم قالت الدوق لتشيريف:
-
انزين قوليلي .. ليش طلعتي من غير اذني؟
- شسوي يا تشي! لو بستئذنج ... بالله يعني راح تسمحين لي اطلع؟
- ياللهول! ان عرفت المكان .. أقرر.

قالت تشيريف مترددة:
-
المكان .. همممم

    أجابت عنها تشيريف:
-
تبي تدور على حرمة سمينة .. وجتني تبي اساعدها بس رفضت.

حملقت تشي النظر ناحية تشيريف، وسألتها بدهشة:
-
من صج؟ شتبين فيها؟

    ثم تحرك قرن الدّوق الكبير، الذي يقع في منتصف رأسها، والذي يعبّر عن غضبها الشديد، وتغيّر لونها وجهها إلى الأخضر. فخافت تشيريف، وقالت راجية:
-
والله آخر مره يا تشي .. اقسم بالله ما قصدت بس الجوع ذبحني.

قام تشيكيل بتهدئة تشي، ولما هدأت، رجعت تشي خطوتان إلى الخلف فأسرعت تشيمير لإحضار كرسيٍّ تجلس عليه. فجلست، وأخفضت رأسها لثوان، ثم رفعته، وقالت:
-
تشيريف .. لا تخليني اهوّل فيج التهويله القاضيه! تدري فيني اذا عصبت .. شنو اسوي! فلا تنرفزيني.

أطرقت تشيريف عينيها، وقالت بخوف:
-
ابشري طال عمرج.

قال تشيكيل، قبل أنْ يعود إلى غرفته:
-
يلا انا بروح اكمل رسمة البحر الاخضر، عن إذنكم.

     قامت تشي، وأكملت مع حرسها طريقهم إلى جناحهم. فلاحظت تشيمير من بعيد .. شابتان غريبتا الأطوار في الفندق، كأنّهما يبحثان عن شيء ما! لباسهما متشابه، لكن الالوان تختلف! يرتديان تنورة وقميص! الاولى لون ثيابها فُستقيًّا، والأخرى كلون البندق.

     حدقت الفضائية إلى عينيهما، ثم ظهرت بياناتهما، فقالت، وهي تقرأها:
-
اللي لابسه فستقي اسمها تغريد، عمرها 24، موظفة في وزارة الطّاقة. واللي لابسه بندقي اسمها فدوى، بنفس عمر صاحبتها، وموظفة في القطاع الخاص. هذا بس اللي طلع معاي !

علقت تشيريف:
-
تغريد؟ جني سامعه بهالاسم !

أجابت تشي:
-
اتوقعج تقصدين موقع تويتر الأرضي المعروف؟!؟
- ايوووواه هذا هو !

    تساءلت تشي:
-
ما من معلومات جديدة يا تشيمير؟

أومأت تشيمير برأسها نافية.

     أرسلت تشي إشارات من قرون إستشعارها إلى تشيكيل، الذي تذمر قائلًا، بعدما فهم إشاراتها:
-
افففف، وهذيل شكلهم ما يخلوني ارسم هالبحر!!! خل اقوم قبل لا تهوّل علي تهويلتها.

     جاء تشيكيل، فقالت له تشي، وهي تشير بعينيها ناحية فدوى وتغريد:
-
بسرعه استخدم قوى سمعك الخارقه ... اسمعهم شقاعدين يتحجون عنه.
-
ابشري.

      عصر نفسه حتى تغير لونه إلى البرتقالي، ودار قرنه الذي في المنتصف، وأغمض عينيه، وقال:
-ياللهول ... قاعد اسمعهم.

    اقتربت منه المريخيات، وقلن في صوت واحد بفضول:
-
شقاعدين يقولون؟
-لحظة خل أنقل أصواتهم.

    ظهرت أصواتهم خلال ثوان .. حيث قالت فدوى لصديقتها:
-
الزعيمة قالت لازم نجيب الفضائية اللي تعرف الناس .. من نظرة بعيونهم.
-
صحيح يا بندقه .. بس وين بنلاقيهم؟
- الجواسيس قالوا انهم بهالفندق! خل ندور عليهم.

    علقت تشيمير ببرود:
-
يدورون علي؟ شعرفهم فيني!


أجابتها تشي:

-         يمكن قرأوا عنج.

-         همم، مساكين! عشم ابليس بالجنة إذا لقوني. بختفي لين نرجع لكوكبنا.

    علّقت الدوق على كلام الشّابتين:
-
يا لهولهم ! قالوا "زعيمة" وهذا يدل على أنهم عصابة خطيرة! وبعد انهم ينادون بعضهم بالألقاب! لازم نتدبر أمرهم.


***

 
      في اليوم التالي ... خرج مشعل من المستشفى، فذهب متأخّرًا إلى مقر عمله، مؤسسة الموانئ، في منطقة الشّويخ. فاستقبله الموظفين بحفاوة، وابتسامة. ثم بدأ عمله. وكعادته، لم ينتهي من توقيع كُلّ الأوراق، والمسندات المطلوبة. ثم ذهب إلى مكتب ريينا، الكاتبة المشهورة، والموظفة النجيبة المجتهدة. وجدها تنظر إلى شاشة جهازها الحاسوب، وقد أخذها التفكير إلى مكان آخر.

      ضرب مشعل الباب بقوة، ودخل عليها. فخافت، وقالت:
-
ياخي ما تعرف تطق الباب شوي شوي قبل لا تدخل؟ شهالدفاشه اللي عليك يا مشعل؟

     ضحك مشعل، وأجابها:
-
ماكو، والله فاضي .. قلت اجي اعرف شنو اخر اخبار مقالاتج اللي الكل منبهر فيها.

ابتسمت بخجل:
-
الحمدلله .. توافيق من ربك يا مشعل. والحين قاعده افكر شنو اكتب حق مقال باجر.
-
اكتبي عني.

     نظرت إليه بذهول، وقالت ممازحة:
-
بالله عليك شكتب عنك؟ موظف كسول مثلا؟ ولا شنو ...عشان اشجع الناس؟

جلس على المقعد، أمام مكتبها، وأجابها:
- اذكري اخطائي اللي ما تنعد ولا تحصى ... ثم اكتبي حلول لها!!؟ شرايج؟

     فكرت بكلامه، وقالت:
-
والله زين يطلع منك شي مفيد !

      حينذاك جاء مدير الموانئ، جواد، ضخم الجسد، وكان عصبيًّا، يرتدي شماغًا أحمر اللون. وقف عند باب مكتب ريينا، والنيران تخرج من أنفه من شدة غضبه. أحست ريينا بالارتباك، وقالت لزميلها:
-مشعل شرايك تروح لمكتبك .. مو أحسن؟
-ليش؟ شغلي وخلصته!
-
لا مشعل بس يعني عندي شغل، ولازم اخلصه!!
-
يبه عادي .. شفيج؟ بساعدج على كتابة المقالات .. أبي اصير مشهور مثلج.
-
انزين يمكن المدير يبيك !
-
المدير؟ خليه يولي ,, فاضي له انا. كل يوم يخليني اشتغل شغله! وفوق هذا ما يعطيني حتى خمسين فلس زياده. وبعدين ترى انا توني جاي من اجازة مرضية! .لازم تراعوني

    تقدم المدير ناحيته غاضبًا، فسحبه من طرف ثوبه من الخلف، وقال له بغيظ:
-
مو جنك قلت " خليه يولي "؟؟

اضطرب مشعل، والتفت برأسه ناحية المدير، وحاول تبرير قوله:
-
لااا يا قلبي .. ما قصدتها بالمعنى الأرضي! قصدتها بالمعنى المريخي، هالكلمة أمس تعلمتها.
- صج والله؟ عبالك انا عمري ست سنوات؟ حتى اللي بهالعمر ما يصدق سخافاتك. امش للمكتب جدامي!

     نظر مشعل إلى ريينا وكأنه يطلب منها مساعدته لكنّها أشغلت نفسها بالنظر إلى شاشة جهازها. فأخذه المدير إلى مكتبه، فتنفست ريينا الصعداء، وقالت:
-
اففف إنسان مهمل مثله .. ما شفت !

***

     عند الظهيرة، اتصل عبدالرحمن بنبراس ليدعوه لتناول الغداء في مطعم (مغل محل) الهندي المعروف.

     غادر نبراس منزله، وفي طريقه .. واجهته زحمة شديدة، فقال في نفسه:
-
إنا لله وإنا إليه راجعون! شهالزحمة يا ناس. أنا متأكد ان سببها يا انه بسبب مشروع  صارله عشرين سنة ما خلص، او ان في حادث بالسايد الثاني مسوي زحمة بهالسايد! شعب فضولي استغفر الله! 

      مشى السير قليلًا، فشده ان الناس مجتمعين حول شيء ما، ويتضاحكون بصوت عالٍ، ورأى ان الكثير من الناس ينزلون من سيارتهم .. ويركضون ناحية التجمع الغفير!

      استغرب نبراس من ذلك، فأوقف سيارته في حارة الأمان، وذهب ليرى ماذا حصل! فحاول ان ينظر من بين الناس ما سبب هذه القهقهات! فلما تنحى أحد الذين امامه .. استطاع ان يشاهد سبب هذه الزحمة، فصعق حينها، وعلق بذهول شديد :
-
يالله!!! معقولة؟؟؟؟؟ هذا الخبل شقاعد يسوي؟!

   دفع الناس الذين أمامه، وهو يقول لهم:
-
يا جماعة الخير .. الله يخليكم درب !

فسح الناس له طريقه .. حتى وصل الى صديقه ... فصاح بغضب ممزوج بدهشة:
-
أبي اعرف انت خبل؟؟؟؟ شقاعد تسوي بالله عليك؟

     رد عليه صديقه الذي كان مستلقيا على بطنه، وممسكًا هاتفه الآيفون بوضعية التصوير، قائلًا بصوت خفيض:
-
اششش خلني اصور هالنّملة.

    صاح نبراس:
-
مشعل أنت من صجك؟ تبي تجنني؟ الناس يضحكون عليك! لا تصير مضحاكة.

     رد عليه، وهو مازال على وضعيته الغريبة:
-
نبراس بعد قلبي ... النملة منسدحة على ظهرها، وحاطه رجل فوق رجل، وتشرب  عصير كوكتيل، ولابسة كاب (قبعه) أسود ... بتصير خوش صورة .. لو أنزلها بالانستقرام.

      ضرب نبراس بكفيه معبرًا عن خيبة أمله، وعلق قائلًا:
-
وربي مو صاحي .. أقسم بالله خبل! لازم اوديك مستشفى المجانين.
-
اششششششششش نيبو.

     قال نبراس قبل ان ينصرف:
-
براحتك يا أثول .. بروح لمغل محل احسن لي.

    لما سمع مشعل اسم المطعم، قام سريعًا، ونفض التراب عن جسده، وقال له:
-
مع منو بتروح؟
-عبدالرحمن عازمني بروحي، وما قالي جيب أحد وياك! بختصرها عليك من الآخر.
-
انزين بالله .. أبيك توديني بطريجك حق بكر بمجمع المهلب. انت بتروح مغل محل اللي بحولي صح؟

     ضرب نبراس جبهته بباطن كفه، وقال مستدركًا:
-ياويلي! تصدّق نسيت لا أسئله! خل اركب سيارتي .. واتصل فيه عشان يقولي  في اي فرع القاه!

ركض نبراس إلى سيارته، ولحقه مشعل، بعدما قال للجموع:

 - ما عليه يا جماعه .. ضحكناكم شوي اليوم، وإن شاءالله نلتقي بالايام الجايه.

     مضى مشعل إلى سيارة صديقه، فأقفل نبراس قفل الابواب. فطرق مشعل على النافذة يرتجيه فتحها لكنه رفض، فقذف بنفسه على السيارة، وتشبث بها بقوة. فنزل نيبو من سيارته مستشاطًا، وقال غاضبًا:
-
ياخي انت ليش غثيث؟ ليش لزقه؟ غصب اخذك يعني؟

     نزل مشعل، ورد عليه:
-
ابيك تقطني بطريجك للمهلب!
-
ياخي انا رايح لفرع الديره مو حولي.
-
خلاص قطني سوق الديره يمكن القى بكر.

     تذمر نبراس، وهمهم قائلا:
-
يالله !! شهالانسان اللي مو راضي يتصرف. خلاص تعال اركب .. وامري لله.

     ركب مشعل سيارته، واتصل نبراس بعبدالرحمن ليستفسر عن مكان فرع المطعم، فأخبره انه في حولي، فانطلق إلى هناك. وحين وصلا الى المطعم .. نزل مشعل قبل نبراس، وانطلق كالرّيح، يسبقه. فعلق نيبو بحنق:
-
اقسم بالله .. كلمة مشفوح شوي عليه!

      دخل نبراس المطعم، فاتصل بعبدالرحمن ليخبره بمجيئه، فرد عليه على الفور، وأرشده على مكان الكبينة.

دخل نبراس الكبينة، وبدت الدهشة على وجهه، قائلا:
-
ها! مشعل وين؟

     رد عبدالرحمن بامتعاض:
-
لا يكون جبته معاك؟ لا يرحم امك اللي جابتك! ياخي انا قلت لك تعال بروحك.
-
اقسم بالله يا عبدالرحمن اني ما ابي اجيبه بس هو لزقه .. باتكس! حتى الباتكس ارحم منه .. عالاقل تقدر تفك نفسك منه.
-
اففف، خلاص خلك هني، ولا تطلع! خله يدورك لين يمل، ويرجع لسيارتك ينطرك.
-
اوك مو مشكلة. تفضل.

      أخرج عبدالرحمن له ورقة عرضها عليه، وقال له:
-
ابيك تخترع لي مثل هالشي.

     حملق نبراس ناحية التصميم المخطط في الورقة، وقال باستغراب:
-
بس ليش؟ انت من صجك تسولف؟ والله ما توقعتك جذي! وبعدين انا لا يمكن اسوي مثل هالامور!

     قال عبدالرحمن بهدوء:
-
وقفت علي يا نيبو؟ انت سويت ابلى من جذي مع ناس غيري.

       حينها رن هاتف عبدالرحمن، فألقى نظرة على الشاشة، فاستغرب من الرقم الغريب، ووضع سبابته على فمه، قائلا لنبراس:
-
اش .. لا تتنفس!

   فأجاب عبدالرحمن:
-
اهلاً منو وياي؟ اهلًا وسهلًا. حاليًا قاعد اسوي شغلي، ما نسيته. شنو؟ مهمة ثانية؟ اوف!! هذا المبلغ؟ ممتاز. موافق، باي.

    أغلق الهاتف، وواصل حديثه مع صديقه، مستئنفًا بابتسامة واسعة:
-
شقلت يا نيبو؟ وهذي مهمة جديده جتني، باخذ عليها ملايين الدنانير! راح أدفع لك  منها اللي تبيه! شقلت؟

    ابتلع نبراس ريقه، وفكّر بحجم المبلغ الذي يريده، ويريد إنشاء معملًا ضخمًا، ويريد دعمًا لمشروعاته العلمية، وغيرها الكثير.

    أجاب بعد تفكير متردّدًا:
-
أوك بس بشرط! ماراح احط عليه ماركتي! ولا تقول حق أحد اني صنعته لك .. اتفقنا؟

ابتسم عبدالرحمن بمكر، وهز رأسه مؤيدًا:
-
خلاص اتفقنا! 

بعد نصف ساعة تقريبًا .. أتى النادل بطعام الغداء، فأكلا منه حتى شبعا، ولما خرجا من الكبينة، قال نبراس، وهو يجول ببصره حول المكان:
-
تتوقع مشعل نزل للسيارة؟
- أتوقع جذي .. وبنفس الوقت احسه حذف نفسه مع الناس يشاركهم غداهم.

    ضحك نبراس معلقا:
-
معقولة! تصدق ما استبعد ..!! بنزل للسيارة .. شكلي الحين القاه قاعد على الكبّوت وزعلان.
- يستاهل .. من قاله يجي معاي غصب؟

عند ذاك .. سمعا صوت شخص ليس بغريب عليهما! كان يضحك بملئ فيه، ويقول بصوتٍ عالٍ:
-
اقسم بالله يا د.يعقوب ان الناس ماتوا ضحك! طبعا انا صج كنت بصور النملة بس قمت استعبط عليهم اقولهم انها منسدحه وجذي .. ياخي والله كركره.

تبادل عبدالرحمن ونبراس النظر فيما بينهما، فعلق نيبو مذهولًا:
-
سواها والله ! فشلة! هذا وجهه مغسول بتيزاب مو بس بمرق! 

      رد عبدالرحمن بانزعاج شديد:
-
ياخي خل نمشي ... لا تلتفت له .. روح انطره تحت بالسيارة. تراه بالكبينة اللي جنب كبينتنا بالضبط، وممكن يشوفنا، واحنا نمشي بالممر!

     حينذاك، رآهما مشعل من خلال الفتحه المكشوفه، في تلك الكبينة، فصاح ينادي صديقاه:
-
 عبدالرحمن .. نيبووو، تعالوا .. هذا الدكتور يعقوب اللي عالجني.

    توقف الاثنان، والتفتا ببطئ ناحيته. فقال نبراس لعبدالرحمن:
-
هذا اللي ما تمنيته يصير!
-
ولا أنا !

      ابتسم نبراس ابتسامة مصطنعة، قائلًا:
-
هلا مشيعل حبيبي .. كنت ادورك بس الله يهداك ما لقيتك !

     وضع مشعل قطعة لحمة كبيرة جدًّا في فمه، وأجابه:
-
همم حمم مممم مممممم.
-شنو تقول؟ ياخي ابلع اللحمة اللي بحلجك! شكبرها .. ياخي ارحم نفسك يا البطيني.

      ابتلع اللحمة دون ان يمضغها، وأجابه:
-
لما شفت الدكتور يعقوب .. جيت سلمت عليه، فحلف علي إلّا يعزمني. 

     همهم نبراس:
-
اقص ايدي اذا هو عزمك .. شكلك انت اللي قطيك وجهك عليه.

    ضحك الدكتور، وعقب قائلًا:
-
مشعل حبيبنا يستاهل. حياكم معانا .. تفضلوا .. الخير واجد.

رد نبراس متحرّجًا:
-
ما عليه دكتور .. والله شبعنا الحمدلله، والحين بنروح باسكن روبنز نحلّي.

     اتسعت عينا مشعل حين سماعه (باسكن روبنز)، فوثب من مكانه وسط استغراب الدكتور، الذي عبر بدهشة:
-
اوله ... شنو هذا! لهالدرجه طاري الاكل يخليه جذي يناقز !!!

     هز نبراس يده وقال:
-
هذا شوي يا دكتور، ولو مشيت معاه .. بتشوف هوايل! خلها على الله بس.

     قال مشعل حين وصل الى صديقيه ممازحًا:
-
الحمدلله شبعت ... خل نرجع للبيت.

    أجابه نبراس ضاحكًا بسخرية:
-
البيت ها ؟ شفت شلون .. عرفت شلون اسحبك من الدكتور. فشّلتنا الله ياخذ بليسك .

     مشى الثلاثة عبر الممر إلى الباب الخارجي، فابتسم الدكتور وهو يحد نظره ناحيتهم. وبعد دقائق دخلت عليه فتاة شابّة، تحمل بيديها حقيبة سوداء، فأغلقت الكبينة، وجلست في المقعد الذي أمامه، وسلّمته ورقة. فارتدى يعقوب نظارته الطّبية، وقرأها بتأنٍّ! وبعدما انتهى من قرآءتها .. أومأ برأسه، وقال:
-
هممم بعد أسبوع! خلاص عيل .. تمّت الصّفقة، وماراح أخيّب ظنّونكم.




هناك 6 تعليقات:

  1. يالللهول مضحك جدا" و احداث كثيره ف٦

    ردحذف
  2. جميييل احس بروايتك كل الناس عصابات ، بس بجد ابدععت ي اخي

    ردحذف
    الردود
    1. خخخخخ لا مو لهالدرجه :p
      شكرًا من القلب

      حذف
  3. مو طبيعي البارت لدرجة قمت اضحك صوتياً .. جميل استاذي \سراري

    ردحذف

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )