الاثنين، يوليو 07، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاكْ .. ))



الفصل التّاسع

بداية الخيط لمعرفة مرتكب الجريمة








      في ثانوية البنات، كانت حور مازالت تنتظر أخيها، وبجانبها صديقتها معالي، وكانت أيضًا تنتظر سائق منزلها.


قالت معالي بوجه شاحب:

-         حسافه!


سألتها حور باستغراب:

-         حسافه؟ على شنو؟

-         على أسماء! تمنّيت أحلام مطلعه الدم منها .. بس للاسف! ولا قطرة دم نزلت منها. والله محظوظه هالبنت! حتّى بالهدّة ما قدرنا نطقها لانها ظلّت ناطره اخوها بغرفة الوكيلة العصبيّة.


لم تعلق حور بكلمة واحدة. وساد بينهما سكون مطبق. ثم سألت معالي صديقتها:

-         بيي أخوج ولا تردين معانا؟


تأفّفت حور:

-         ما اعتقد بيجي .. هالانسان علّه. شكلي برجع معاج.

-         الله يعينج عليه صراحه.




***


     كان اللواء شهيد جالسًا في مكتبه، يتابع مجريات قضية انفجار المسلّة. فقال لضباط المباحث، الذين معه في مكتبه:
-
ها بشروا؟ ما من اخبار عن اللي فجرت اللعبة؟

ردّ أحدهم:
-
والله يا سيدي .. ما قدرنا نتوصل لشيء جديد.

تأفّف شهيد، وقال:
-
استغفر الله! احنا لازم نبحث عن خيط يدلنا عليها. انزين وجثة البنت .. ما لقيتوها؟
-لا والله أبدًا ... اصلا مستغربين من اختفائها!

علق اللواء مستغربًا:
-
غريبة! اخاف انهم أنقذوها بدون ما يدرون!!!

أومأ الضابط برأسه نافيًا:
-
لا والله يا سيدي .. متأكدين انهم ما أنقذوها.
-
عيل دام جذي ... لازم تمشطون المنطقة اللي حول المدينة عدل .. لان يمكن من قوة الانفجار .. طيّرتها بعيد !
-
حاضر سيدي.

      انصرف الضباط، وتركوا اللواء في حيرته. وبعد مرور ربع ساعة، طرق أحدهم الباب، فأمره اللواء بالدخول، فكان ذلك الطارق، هو أحد المخبرين، دخل على اللواء بوجه يحمل البشارة! قائلًا:
-
شهيد .. أبشرك ! لقيت لك خوش خيط يدليك على البنت الغامضة.

رد شهيد بدهشة:
-
من صجك؟ شنو هو؟

     تقدم المخبر، وجلس على المقعد، أمام مكتب شهيد مباشرة، وأجاب:
-
كثفت تحرياتي عنها .. وبالصدفة لقيت واحد اعرفه من ربعي .. كان بيوم الحادثة رايح يجيب أهله من المدينة .. فقالي انه شاف البنت اللي قلت لي مواصفاتها .. تركب سيارة أستون مارتن لونها احمر يميل للأسود.
-
والله؟ انزين ما عرفت رقم اللوحة؟

     ضرب المخبر الطاولة معبّرًا عن خيبة أمله:
-
والله للأسف الشديد انه ما اخذه! بس قالي ان حركاتها ولبسها الغريب شدوا انتباهه.
-
اوك عيل ... كثّر تحرياتك، ومثل ما قلت لك ... خل هالشي بيني وبينك! وبصراحه انت تعجبني لانك تعرف شلون تصرف أنظار الناس عنك بتمثيلك العجيب بحيث يعتقدونك شخص لا مبالي.
- افا عليك .. خل هالشي علي، وبإذن الله اجيب كل شي عنها. تصدّق! اتوقع انها تعمل لصالح منظمة خطيرة .. لأن ما يسوي جذي غير هالاشكال اللي تسعى للشر.

      ثم قام المخبر، وقال مودّعًا:
-
يلا حبيبي ... اشوفك على خير، في أمان الله.
-
بالتوفيج يا بعدي.

       أعطى اللواء ضباط المرور أمرًا .. بعمل تفاتيش في كل الطرق للبحث عن السيارة، واحتجاز اصحابها، لاسيما من الجنس الناعم.

***

      كانت فاطمة مازالت تبكي لفراق جوري، وكانت صديقتيها أحلام وأمل يحاولان تخفيف ألمها بتذكيرها بأنّ هذا قدر وقضاء، وانها تحتاج الدعاء. فردّت عليهما، وهي تبكي:
-
لو انكم تدرون من متى واحنا مع بعض وشكثر احبها .. جان ما قلتوا هالحجي! جوري هي حبيبتي ودنيتي .. اللي ما اتحمل اعيش يوم من دونها.

     ردت أحلام:
-
يا حياتي فطوم .. صدقيني كلنا نحب جوري .. بس صابرين، وبإذن الله راح ننتقم لها وناخذ حقها. 

     قالت أمل:
-
يالله حبيبتي فطوم .. مسحي دموعج، ترى قاعدين نضيع الوقت صراحه! صارلنا من يوم الحادث واحنا ما سوينا شي! كله قاعدين هني بهالشقة .. ونتذكرها ونبجي. وذيج القاتلة الحين قاعده تتمضحك ومستانسة. لازم نلقاها عشان نقضي عليها، ونرتاح.

       مسحت فاطمة دموعها، وقالت:
-
اقسم بالله ذيج البنت ام الاسود ماراح اخليها ... بس خل اشوفها! وربي لاقطع جسمها تقطع، ثم اقطه حق القطاوه. مصدقه روحها .. لا ومسميه نفهها القطوه السودا. مالت!

     قالت أحلام:
-
خل نروح لمكتب اللواء شهيد ونسأله شسوى ما سوى! وهل لقى جثتها او لا !

ردت أمل:
-
اوك يالله مشينا.

     وعندما وصلوا مكتبه، جلسوا على المقعد الطويل، المحاذي لمكتبه، وسألوه عن اخر المستجدات.

     أجابهن بسؤال:
-
تعرفون بنت عندها آستون مارتن حمرا مايله للسواد؟

    قطبن جبينهن، وأجابت فاطمة:
-
بصراحة ... مو غريبه علي هالسياره !

     قالت أحلام لفاطمة:
- لحظة .. مو جنها السيارة اللي كانت تلحقنا وين ما نروح؟

     ردت فاطمة بدهشة:
-
لا يكون اللي دايما تتشكى منها جوري، وكانت متوجسة منها؟ أمبييه تذكرتها !
-
ايوه هي.

    قالت أمل:
-
اها تذكرتها ذيج ام نظرات تخوف وكله تلبس احمر، واكو رسمه على قميصها جنها صورة حيّة حمرا بعد.

ردت فاطمة:
-
اي هي جبح ويه .. يا كرهي لها .. أصلا كل ما اشوفها يضيق صدري.

-         إي مالت عليها .. لبسها يدل على انها هيلقيه.


قال شهيد في نفسه:
-
ولّيييه!!  قلبوها حش! يالله ما عليه .. إن شاءالله الوصف ينفع بالتحريات.

ثم قاطعهنّ سائلًا:
-
تعرفونها؟

أجبنه بصوت واحد:
-
للأسف ما نعرفها.

أصيب شهيد بخيبة أمل شديدة، وعلق في نفسه قائلًا:
-
عقب هالقرقه .. آخرتها ما يعرفونها !

    ثم قال لهن:
-
مو مشكلة اخواتي ... احنا مازلنا نتحرى عنها، والحين هم راح نتحرى عن راعية الاستون مارتن ... لان الظاهر هم عصابة كبيرة. الله يستر صراحة من هالناس اللي ما تخاف ربها.

       قامت أحلام، وقالت:
-
نقدر نمشي حضرة اللواء؟

     أشار بيده ناحية الباب، وقال:
-
حياكم الله، وإن شاءالله راح نبلغكم بالمستجدات .. أول بأول.
-
مشكورين ما قصرتوا، وقوّاكم الله.

   ثم قمن، وغادرن المكتب.

وفي الطريق قالت أحلام، التي كانت تقود سيارتها من نوع بيجو، أحمر اللون، لصديقتيها بعد تفكير:
-
مادري ليش اشك في بنت في بالي صراحة !

نظرت فاطمة الجالسة بجانبها إليها:
-
 اي بنت تقصدين؟
-مو متأكده صراحه .. بس إذا تأكدت .. راح اقولكم.

     مدت أمل رأسها من الخلف، وسألتها بفضول:
-
منو؟ انتي عارفه فضول البنات، فيا تقولين منو .. أو راح نزعجج وما نخليج تسوقين عدل.

     ضحكت أحلام ، وأجابتها:
-
أشك بأنّها أختها شُروق !

اتسعت عينيْ فاطمة وأمل بذهول شديد، وقالا بذات الوقت:
-
من صجج؟

أردفت فاطمة معترضة:
-
لا مو معقولة شُروق تسويها! هذي إنسانة في غاية الاحترام والوقار !

وافقتها أمل:
-
اي والله .. شُروق بعيدة عن هالأمور ... خصوصا انها أخت جوري من ابوها، فما اعتقد انها ترتكب حماقة .. وتساعد على قتل اختها.

    ردت أحلام بهدوء:
-
الله يهديكم شفيكم!! قلت لكم مجرد شك! وبعدين لا تنسون ان ام شُروق تكره جوري! لان امها احلى منها ... فيمكن الام عبّت راس بنتها .. وامرتها بقتلها. وحتى اذكر مره شُروق كانت تتمتم بالانتقام منها بس جوري طنشتها .. ولا اهتمت فيها! ترى كل شي جايز بهالزّمن.

علقت فاطمة على هذا السبب قائلة:
-
لا مستحيل .. أصلًا السبب ما يقنع يا أحلام أبدًا.

قالت أمل:
-
صحيح ... السبب ما يسوغ لها الاعانة على قتل أختها.

ردّت عليهما أحلام بدليل يدعم شكوكها:
-
اللي خلاني اشك اكثر هو ان سيارة شروق استون مارتن ... نفس السياره اللي قال عنها اللواء!!!

سكتت صديقتيها، ولم يردّا، ولكن مازالتا تستبعدان فكرة أنّ شروق هي المجرمة.

أردفت احلام قائلة:
- المهم ترى امس اتصلت علي هاجر المغربية، وقالت انها بتجي هاليومين تزورنا.

    قالت فاطمة بسرور:
-
يااااي هجّورتي بتيي! فديتها من زمااااااااااااااان عنها الخايسة.

    قالت أمل ضاحكة:
-
اي حبيبتنا الشنتيتة .. والله توحشتنا بزاف.

     تساءلت أحلام:
-
الله يا الحجي المغربي .. بزاف عرفت انها يعني (وايد) بس شنتيتة شنو؟ بالله ذكريني شنو معنى هالكلمة؟ أذكر هاجر علمتنا مغربي بس نسيتها صراحة.
-
شنتيته يعني انيقه وجميلة .. مثل جذي.

     قالت فاطمة:
-
عيل لازم نروح لها للمطار نستقبلها .... ياااااي والله مشتاقة لها وايد وايد وايد .. او بزاف على قولتها.

علقت أمل قائلة:
-
فديت حجيتهم اهل المغرب .. صحيح انه سريع وغصب تفهم .. بس شحلات لهجتهم .. مزيانا بزاف.



ثم سألت فاطمة صديقتها أحلام:

-         صج حلّومه بسألج .. دامج تحبين الكيمياء .. ليش ما تسوين قنبلة؟ يعني تخلطين مواد كيماويه وجذي .. ثم إذا عرفنا مكان ذيج القطوه السودا .. نحطها بسيارتها وتنفجر .. ونفتك منها.


نالت فكرتها استحسان عاشقة الكيمياء، وردّت عليها:

-         خوش فكرة صراحه ... مادري شلون ما فكرت فيها! راح اخطط لها من اليوم.


***

       قبل منتصف الليل، وفي منزل أم رفعه... تجهّزت ليلى للذهاب إلى السوق المركزي، القريب من المنزل. وقبل خروجها، جاءتها معالي تطلب منها أن تصطحبها معها، فردت ليلى غاضبة:
-
انقلعي، فاضية اخذج .. روحي كتبي واجباتج يالكسولة.

     أحست معالي بالانكسار، وردت عليها:
-
خلاص زين .. لا تعصبين! ترى ما قلنا شي يخليج نفسية.

     ثم ولّت ظهرها لتعود إلى غرفتها، فقامت ليلى بركلها بقوّة من الخلف، فسقطت معالي تصرخ متألمة، وتبكي.

قالت ليلى:
-
هالرفسه .. عشان تعرفين شلون تتحجين بأدب .. مع اللي اكبر منج يا جليلة الحيا.

حينها جاءت رفعة على وقع صرخة أختها الصغرى، فنظرت إلى معالي، وسألت ليلى:
-
شمسويه هذي بعد؟

 ردت بنبرة قاسية:
-
خليها تولي ... صوتها يلعلع علي .. آنا أراويها ام لسانين.

تقدمت رفعه نحو أختها الصغيرة، فوضعت قدمها على بطنها، وضغطت عليه .. حتى شعرت معالي بوجع شديد. فقالت وهي ترتجي اختها:
-
آي، خلاص .. وربي بطني تعورني!!!


ردت رفعه:
-  لو تموتين احسن! نفتك منج ومن وجهج!! انا راح أعلمج الادب .. ياللي ما تستحين على وجهج.

     قالت ليلى:
-
اي زين تسوين فيها ... خليها لين تبجي .. عشان مره ثانيه ما تغلط بحق خواتها الكبار.

      حين بكت معالي من الألم، وازداد صراخها ... رفعت الاخت الكبرى قدمها عن بطنها، ثم التفتت نحو ليلى، وقالت لها:
-
اقول ليلى ... ترى ميمو  جايه بطريجها للكويت مع بنتها سارة.

     تبسّمت ليلى قائلة:
-
وااي صج؟ يعني الليلة بنقضيها حش بخلق الله؟

      هزّت رفعه رأسها نافية:
-
استغفر الله! البنت اعتمرت قبل اسبوع عشان تكفر عن خطاياها .. وانتي تبين تدمرين كل شي؟

ترددت ليلى:
- لا ماراح نحش بس راح نتكلم عن همومنا وجذي. صج بسألج ليش جت الحين؟ مو على اساس تجي بعد شهر؟
- ما ادري صراحة! ما علينا .. المهم اننا اشتقنا لها. عاد من زمان عن سوالفها فديتها، ولا بنتها ساره، حبيبتي هذي .. على كثر ما اقصف جبتها إلّا اني احبها حيل.
- عاد هي مسكينة، اسمها سارة .. ومالها من اسمها نصيب بسبب امها اللي دوم تقصفها وتحبطها.


علقت معالي، التي كانت واقفة بمسافة بعيدة قليلًا عنهما:
- تتحجون عن ميمو وما تشوفون نفسكم .. اللي بسببكم راحت جبهتي من كثر ما قصفتوها.

    ثم هربت خائفة إلى غرفتها، وأقفلت على نفسها الباب.

    ضحكت أختيها بملئ أفواههما، ثم قالت ليلى:
-  مسكينة معاليوه، بس تستاهل. عالعموما انا بروح الجمعية بحصاني ثم اروح المطار اجيبها.
- عاد يكفّي حصانج يشيل جنطتها واغراضها؟ تراها اشترت هدايا، وجنه قالت انها جابت لنا كاميرا مكة القديمة.
- يااي شخبااااري هالكامره .. بس ليش بخيلة لهالدرجه! هذي ما تيوز عن سوالفها. يالله ما علينا. بمشي الحين والليلة بتقزر للفجر.

هناك تعليقان (2):

  1. جميل .. بانتظار البارت القادم بشغف /سراري

    ردحذف
  2. ياللهول جميييل الاحداث مشوقه ف٦

    ردحذف

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )