الثلاثاء، يوليو 08، 2014

(( .. رواية: قبضة الهَلاكْ .. ))





      الفصل  العاشر

حصان ليلى








        ذهبت ليلى بحصانها إلى السوق المركزي، وكانت هذه هي المرة التي تخرج بالحصان إلى الشارع. لم تسلم من تعليقات الماره، حيث قال أملهم ساخرًا، كان مختبئًا خلف إحدى سيارات الشارع:
-
كااااااك شوفوا هذي وين عايشه؟ الناس تطوروا يمشون بسياييرهم .. وهذي لحد الحين عايشه بالزمان القديم.

    أوقفت ليلى حصانها، وألقت بنظرها تجاه السيارة التي يختبئ خلفها، قائلة:
-
عبالك ما اشوفك!! وربي لو ما سكت عني ... أخليك تندم يا اللي ما تستحي على وجهك، أصلا هالحصان يسوى كل سيارات شارعكم الخايسة.

      سكت ذلك الفتى خوفًا منها، ثم مضت ليلى في طريقها إلى السوق. وحين وصلت، عقدت حصانها على أحد أعمدة الإنارة، ثم دخلت، واشترت خبزًا، وطبق بيض، ثم خرجت، فوجدت مجموعة من الأطفال والمراهقين حول حصانها، يحملقون إليه باعجاب شديد، فعلق أحدهم:
-
ألعن خيره .... خوش حصااااان.

     قال اخر:
-
معقوله لحد الحين في ناس بهالزمن ... يستخدمون الاحصنه؟ غريبه! هذا يا انه بخيل او انه متأثر بالعصور القديمة.

     فاجأتهم ليلى، بقولها مزمجرةً:
-
وانتو شحاركم يعني؟ سواء بخيلة او عايشه بعصور قديمة؟ ما يهمني نظرة أحد دامني عايشه باللي اشوفه صح ! والحين .. امشوا من هني لا ألعب عليكم تايكواندو والله !

رد أحدهم فزعًا:
-
لا يحوشك! يا جماعة هذي مو جنها ليلى .. اللي اخذت المركز الاول في العالم في كل الفنون القتالية! عندها يمكن مليون حزام اسود .. يعني غسلتنا بفلس!!! نحشة يا شباب!

     هرب الجميع خوفًا من ضرباتها القاضية، فضحكت بزهو، وقالت:
-
ما ينفع مع هالهيلق غير جذي !!! جبح وجيه.

     امتطت حصانها، وانطلقت إلى المطار عبر الشارع الذي يفصل بين منطقتي خيطان والفروانية. وهناك، مرّ الكثير من الناس بجانبها .. ينظرون إليها بدهشة شديدة. فبعضهم يعلق عليها ساخرًا، ثم ينطلق مسرعًا. وآخرون يتعجبون منها .. إذ كيف بفتاة تمتطي حصانًا في زمن التكنولوجيا!! لكنّ ليلى كعادتها لم تبالِ بهم.

     وبعد لحظات، وقبل وصولها إلى المطار ... كانت هنالك سيارة تمشي خلفها ببطيء .. وفيها اربعة شباب ضائع ! فقام سائق السيارة بإزعاجها عبر صوت البوق المتكرر. فالتفتت إليه بعينين غاضبتين، فرأتهم يضحكون ساخرين منها. ولاحظ الشباب
من خلال شفتيها أنّها تتمتم بالشتم والوعيد. فزادهم ذلك ضحكًا.

      استدارت ليلى من جديد ناحية الطريق لتمضي إلى هدفها. فتمادى أولئك الشباب، وحاولوا إخافتها، فكادوا أن يصطدموا حصانها بسيارتهم !فثار ذلك غيظها، فأمرت حصانها بالقفز فوق سيارتهم، فانطلق سريعا الى الامام، وسبقهم، ثم توقف أمامهم، واستدار ناحية السيارة، فقفز عاليا حتى استقر فوقها، مما سبّب أثرًا شديدا بها.

      غضب صاحب السيارة، فتوقّف، ونزل منها! وقال بحنق:
-
انتي هي! شعندج تخلين حصانج الغبي يخرب قمارة السيارة؟ والله لأخليج تصلحينها على حسابج !

     ابتسمت ليلى بثقة، وقفزت من حصانها على الأرض أمامه، فدهش الشاب، وقال في نفسه:
-
شكلها بنادي جمباز او شي!!! الله يستر .. شكلي بروح وطي !

     أمسكته ليلى من قميصه، مهدّدةً:
-
شوف .. انا اول شي سكت لك ... فلما تماديت علي .. ما تحملت! فقلت اسوي خراب بسيارتك ! لانك قليل ادب .. ومو كفو احترام!!! فياليت تتركني انا وحصاني! وابعد عن الشر .. وغنّي له.

    نادت ليلى على حصانها، فنزل، وامتطته، ومشت قليلًا إلى الأمام.

      كانت كلماتها تلك قد اشعلت في قلب الشاب نارًا، فقال بغيظ في نفسه:
-
اهانتني!!! تهددني وتقول عني " قليل ادب " ؟؟!؟ لا والله .. هذي حيل شايفه نفسها.

ثم التفت إلى اصحابه في السياره، فوجدهم يشيرون إليه ضاحكين، فقال أحدهم:
- كااااااااااااااك مصخرته البنيه.

    لم يتمالك نفسه، فتوجّه بوجهه ناحية ليلى، وصاح عليها غاضبًا:
-
اقول انتي هي ... شنو شايفه نفسج عشان تتحجين معاي بقلة ادب؟

     أوقفت حصانها، والتفتت ناحيته تجيبه:
-
عفوًا ... قلت "هي"؟ تحاجيني؟
-لا ... أحاجي حصانج يالغبيه! أكيد انتي .. عيل منو غيرج؟

   ضحكت ليلى بسخرية، وقالت لنفسها:
-
هذا الظاهر يبيله درس .. عشان يتأدب !

     نزلت من الحصان، وعادت إليه، وقالت بنبرة تهديد:
-
شكلك يبيلك خوش درس تتعلمه !!!

     تجرّأ الشاب، وأمسكها من قميصها، فثارت هذه الحركة جنونها، وصاحت في وجهه:
-
انت تمسك شي مني؟ عفوا انت تدري ان ابوي ما مسكني جذي؟؟ انت الحين تمسكني ؟!؟ أوك عيل تحمل ما يجيك.

أمسكت بيديه، وبحركة خاطفة، ألقت به بقوة على الأرض! ووضعت قدمها على خده قائلة:
-
شوف ... انت يمكن ما عرفت منو اكون! بس بذكرك! أنا ليلى اللي ما خليت نادي قتالي ما اشتركت فيه. وانا الحائزة على أكثر من خمسين حزام اسود، وبطلة الفنون القتالية العالمية.

      كان كلامها كالصاعقة على قلب الشاب، وقلوب أصدقائه، الذين نزلوا ليشاهدوا المعركة. فقال أحدهم بذهول:
-
اوله!! هذي ليلى اللي سمعنا عنها اللي قتلت دب بضربة وحده! واكلت اذن الاسد! وكسرت فك تمساح !

     صاح آخر لقائد المركبة:
-
اقول حبيبي ... احنا مو عايفين ارواحنا! بنمشي وانت دبر نفسك .. في امان الله.

    صاح المسكين:
-
تعالوا يا جبناء! 

     ثم اردف راجيا :
-
ليلى اقسم بالله ما كنت ادري انج ذيج البنت الحديدية! خلاص والله آخر مره !!!!

     ابعدت ليلى قدمها عن وجهه، وقالت له:
-
قوم لحق على ربعك ... قبل لا يتركونك!!! أمحق ربع والله.

      ركبت ليلى حصانها، وانطلقت به تجري إلى المطار، فلما وصلت إلى مواقف السيارات .. وضعت حصانها في أحد المواقف، مما أثار ذلك غضب إمرأة كادت أنْ توقف سيارتها في ذلك الموقف، فصاحت المرأة:
-
اقول .. يلا مناك انتي وحصانج يالهمجيه ... الناس وصلت القمر وانتي للحين حصان. وعلى فكرة ترى هذا مو اسطبل !!هذا موقف للسيارات. فلو سمحتي خلي النفس طيبة عليج، وشيلي حصانج.

       حدقت ليلى في وجه المرأة بحده، فتقدمت إليها، ولما رأت تلك المرأة ملامحها عن قرب .. دهشت! وقالت بنبرة خوف:
-
اووه ليلى حبيبتنا ... السموحه بس انا كنت اقصد يعني ... ان الحصان مو حلوه تخلينه هني ... لان في ناس بواقه ما تخاف الله !فكنت ابي مصلحتج صدقيني !

ردت ليلى:
-
انزين ... وشقصدج بالهمجيه؟

    حاولت تبرير الموقف قائلة بنبرة مضطربة:
-
اقصد يعني ...... هممم اصلا كنت بقول ان في همجيه هني بس بالغلط .. قلت "يالهمجيه" ..انا على فكرة من معجبينج، ودايمًا اقرأ أخبارج ... ياليت الحريم كلهم مثلج جان ما شفنا ريال يطق زوجته.

ردت ليلى، باقتضاب شديد:
-
اوك! 

      شعرت تلك المرأة بالحرج، وأنّ جبتها قد طارت بعيدًا. فعلقت على رد ليلى قائلة في نفسها:
-
شهالنفسية! يعني عشان ان محد قدر عليج .. صايره تنفسين! كش عليج .. مالت بس. 

     دخلت ليلى إلى قاعة القادمين، فسمعت الناس يتمتمون، وكان بعضهم يقول:
-
هذي ليلى اللي غسلت جاكي شان قبل سنوات !

    وقال آخر:
-
اي حتى مره جت لي كان ينافسها بس ما قدر عليها ... ياخوك هذي حديدة ما تنكسر.

   علق آخر على كلام الاخير:
-
هذي أصلًا فولاذيه. اول مره اشوف بنت جذي تخوف.

    قالت فتاة شابه باعجاب:
-
ياااااااي ليلى! قاهرة الرجال، وقاتلة المفترسين .. من حقج تمشين بغرور! لحد الحين محد قدر عليها.

     لم تكترث ليلى بتعليقاتهم، فأكملت السّير إلى حيث انتظار القادمين.

        بعد ساعة من الانتظار ... رأت ليلى فتاة شابة .. ترتدي تنورة فوشية، وقميصًا أبيض اللون، وحجابًا ورديًّا، ومعها فتاة بعمر الزهور .. ترتدي الجينز والقميص، وشعر قصير، يصل إلى كتفيها. فلوحت لهما ليلى قائلة:
-
ميمووووو .. سارونه ... تعالوا كاني .. انا هني.

     نظرتا ناحية الصوت، فابتسمت ميمو، وقالت:
-
واو ليلى الحديدية ... فديتج حبيبتي.

قالت ساره:
-
الله يستر! عزالله جبهتي راحت! بظل ساكته طول الطريج ابرك لي.

     انطلقت ميمو إلى ليلى، فسلمت عليها، وتحمدت لها على سلامتها، وسلامة ابنتها، وقالت لهما:
-
يالله .. تعالوا ردو معاي.

    ردت ميمو:
-
يايه بشنو؟

    أجابتها ليلى بابتسامة:
-
حصااااااااني ... اليوم تجرّأت وطلعت فيه.

   ارتسمت الدهشة على وجهي ميمو وابنتها، فقالت ساره، وهي تضع يديها على فمها:
-
امبيه مو صج!!!! مستحيل.

   نظرت إليها ليلى، وقالت:
-
شنو المستحيل؟
-لا لا .. ولا شي بس تذكرت سالفة .. فقلت مستحيل تصير.

   أردفت ساره تحدث نفسها:
-
هذي من صجها؟ ياي! شنو عقليتها؟

     قالت ميمو بابتسامة مضطربة:
-
حبيبتي ليلى شرايج نرجع بتاكسي؟ والله إني أقدّر وقفتج معاي بس انتي تدرين .. الجنط والهدايا وايد .. يعني صعبة حصانج يتحمل !

     حينها، سمعت ساره صوتًا يناديها من بعيد:
-
سارووووووووووووووووووووووونتي حبيبتي.

نظرت سارة ناحية الصوت، فابتسمت مجيبة:
-
هلا قلبي سارووووونتي .. سميِّتي.

جاءت سارة، فاحتضنت صديقتها، وقبلتها بشوق، فقالت ابنة ميمو:
-
فديتج حياتي .. يايه مع منو؟
- ييت مع سايقنا .. امبيه ليش تولتوا؟

علقت ليلى على حديثها:
-
تولتوا؟ اقول تحجي عدل .. وبلا تصنع للدلع!! قالت " تولتوا " !! ياااع مالت على جيلكم المايع.

     استغربت سارة من كلامها، فقالت سارة ابنة ميمو هامسة في اذنها:
-
لا تردين عليها ... هذي ليلى المعروفة! شايفه نفسها ومغرورة، وامر طبيعي انها تقصف جبهة اي بنت سواء تعرفها او لا !

     ردت سارة الأخرى، بغيظ: 
-
انا عرفتها .. بس ما توقعتها مغروره جذي! والله لو اقدر اتقها جان تقيتها بس المسيبة مو قادره، وااي قتع.
-ما عليه حبيبتي ... المهم سايقكم وين؟

-دريولنا برى ... تيين معاي اردج.
- اي والله ياليت .. بس بقول حق امي اني برجع معاج.

سارت ناحية امها تستئذنها بالعودة مع سارة صديقتها، فأجابتها بالرّفض.

    قالت ساره بإلحاح:

-يمه الله يخليج .. أبيها بسالفة صراحه !
-
كلميها بعدين! ماني فاضية لسوالفكم هذي! أكيد بتسولفين عن سخافاتج بالسفره!!!
-
يممممممه الله يخليييييييييييج.

تدخّلت ليلى:
-
يرحم امج ميمو خل تنقلع مع رفيجتها ... لاني هم ابيج بسالفة.

   تنهدت ميمو، وقالت:
-
اوك! بس شوفي يا ساره .. ان رحتي مني ولا مناك .. والله ياويلج مني!!! سامعه؟

     أومأت ساره برأسها موافقة، ثم عادت مع صديقتها.

***


        في منزل مشعل ... كان نبراس جالسًا في مجلس الرجال (الديوانيه)، وكان التفكير قد شغله كثيرًا. قال له مشعل:
-
نيبو يا بعدي ... انت من جيت عندي، وطايحله تفكير ... شفيك؟ عسى ماشر؟ بيعنا بالسوق !!!

نظر إليه نبراس .. وقال له:
-
لو ببيعك .. جم يجيني؟

أجابه مشعل ضاحكًا:
-
تجيب ثروة .. ما حلم فيها بيل غيتس !

علق نبراس بدهشة:
-
الله أكبر!! بيل غيتس عاد. المهم حبيبي بصارحك بموضوع! بس خلنا جادين بالله.
-
اوك .. تفضل !

قال نبراس متردّدًا:
-
شرايك نؤجل سفرة البوسنة !
-
ليش؟
-بصراحة صار عندي ظرف طارئ، ومن ذاك اليوم وانا بالي مشغول !

علق مشعل ساخرًا:
-
إذا مشغول .. سكره ههه.
- مشعل يرحم امك! مو وقته ،، الدنيا ضايقه فيني ..! موافق على التأجيل؟
-بس شلون على سعود ..! أخاف يزعل !
-
ارسل له عالوتس اب انك أجلت السفره بسبب ظروف.

    قال مشعل بعد صمت:
-
انزين شوف ... ترى الليلة عرس صاحبنا أحمد، مرني عشان نروح مع بعض.

- ابشر من عيوني .. لانه هم ارسل لي كرت دعوة لعرسه.
-
الله وعيونك عاد هههه عاد هذا عازم مشاهير ... يعني البوفيه بيكون شي خيالي.

علق نبراس ممازحًا:
-
اي .. مو هذا اللي هامك !!! البوفيه! ياخي ارحم بطنك يالبطيني.
-
نبراس .. لازم اعطي بطني حقها! اما أحمد، فهذا حبيبنا .. لازم نوجبه. 

     ثم واصل مشعل مستدركا:
-
عاد نظام البوفيه حقه نظام حضر .. يعني بعدما تسلم عليه مباشرة .. تروح تاكل اللي تبي! يعني مو مثل عروسنا يخليك تقعد لين يحطون العشا .. واذا رحت للبوفيه تبي ورق عنب .. ما تلقاه!

ضحك نبراس:
-
الله يهديك بس..! المهم خلنا على موضوعي اللي شاغلني.

- اوك .. قول.

- مشعل ......


سكت متردّدًا، ثم أكمل:

-         خلاص شوف .. بروح البيت اتجهز حق العرس .. وإن شاءالله أكلمك فيه بعدين.
- براحتك نيبو ... وانا بدخل اخلي اختي تغسل دشداشتي وتكويها .. وتسويلي بخور ... اشوفك بعد شوي. والحين اطلع برى، نلتقي بعد شوي بعد جبدي.
-اطلع برى؟؟؟ طرده هذي .. ما عليه متعودها منك يا مشيعل ... في امان الله.

       حمل مشعل ثيابه، ووضعها أمام أخته المسكينة التي كانت تحادث معالي على الوتس اب، وقال لها:
-
اغسليهم بسرعه واكويهم الحين .. اليوم بروح عرس! وهم سوي البخور. اليوم لازم ازقرتها.

     تأففت وردت :
-
ياخي جيب خدامة! ترى مليت من طلباتك اللي ما تخلص. 
-
وانتي على شنو بنت عيل؟
-والبنت لازم تنكرف يعني؟ خلني اريح شوي! من جيت من المدرسة وانت بس شاخلني طلبات، ارحمني عسى يرحمك ربي.
- اقول خلي النفس طيبة عليج .. وقومي سوي اللي قلت لج عليه .. ولا ترى اسحب منج الايفون !

    ضاق صدر حور، ثم همهمت:
-
زين زين قمنا ... افففففففففف.

      جلس مشعل على أريكة في صالة المنزل، وأمسك الصحيفة، وبدأ يقلب صفحاتها، فاستقرت عيناه على مقال كتبته زميلته الموظفة النشيطة ريينا، فابتسم لذلك. ولما قرأ المقال ... اتسعت ابتسامته حينما وجدها قد كتبت عن ذات الموضوع، الذي اقترحه عليها. وقد ذكرت في المقال قصة الموظف الكسول مشعل، ثم اختتمته بوضع حلول جذرية لتلك المشكلة، التي يعاني منها الكثير من الموظفين، لاسيما فئة الشباب.

    انفجر مشعل ضاحكًا بعدما قرأ المقال، وعلق قائلًا:
-
الله يقطع بليسج يا ريينا! اسلوبج رهيب بالكتابة، ووصفج لمشكلتي ضحكني صراحة .. الله يوفقج، وما ألوم الناس بكل العالم لما يعجبون باسلوبج الفريد!! تستاهلين الخمسة مليون متابع في تويتر.

  أغلق الصحيفة، وأردف:
-
أنا لازم أصير صحافي مثلها .. عشان يزيدون متابعيني بتويتر! مليت من هالجم متابع، ينعدون عالاصابع! لا وأكثرهم ما يدخلون.

   
ثم أشغل جهاز التلفاز، وراح يقلّب بالقنوات، حتى استقرّ على قناة تعرض برنامجًا مميّزًا يحمل إسم (مواهب شباب)، وكانت مقدّمة البرنامج، المذيعة المتألّقة لولوة، النشطة، ودائمة الابتسامة، ومحفزّة لأصحاب المواهب. وكان لقاؤها هذا اليوم، مع صاحب الموهبة البارع طلال، المعروف في مجال الالكترونيات، وبرامج العالم الرّقمي ككُل.


علّق مشعل:

-         هذا طلال، اخو ليلى المعروفه بالبطولات القتالية! سبحان الله، فرق بين ميوله وميول اخته! بس كلامه عجبني، ويحفزني اكون مميز، ومختلف عن غيري.


ثم تساءل في نفسه مستغربًا:

-         هل يعقل أكون بيوم من الأيام إنسان مبدع، وغير تقليدي! أويلاه لو أصير جذي! هذا حلمي، اللي راح أحققه بيوم من الأيام بإذن الله.


       بعد ساعه .. انتهت حور من غسل ملابس أخيها، وبعد ذلك أخذتهم إلى طاولة الكوي، وبدأت تكوي ثوبه، وكانت تتذمر قائلة:
-
اقسم بالله الشباب يغثون .. ما يحسون فينا احنا البنات! عبالهم اننا مخلوقات عشان بس نشتغل!! شدعوه؟ شهالتفكير؟ اذا يبونّا نفكر مثل ما يفكرون ... فلازم عيل يتحملونا لما نقولهم "ودونا للسوق" او اي مكان! لأنهم مخلوقين عشان يخدمونا. مو يتحججون، ويتهربون! بس اففف يا غثتي فيهم .. وااااي منهم.

     صاح مشعل حينها:
-
حور خلصتي ولا لا؟
-زين الحين اخلص قاعده اكوي الدشداشة.

     رد عليها غاضبًا:
-
خلصي بسرعه يا شقول!!! شنو هذا؟ شهالكسل اللي عليج؟

     تمتمت المسكينة بضيق:
-
بعرف نبراس هذا ما يعرف يسوي اختراع يريحنا من هالغثا؟ آه لو يسوي اختراع يغسل الملابس ثم ينشّفها ثم يكويها ويطلعها جاهزة!!! والله بيكسب أجر بنات العالم كلهم. الله كريم، وعسى يصبرني على هذا الاخو الغثيث .. اللي يرفع الضغط.

    وعندما انتهت .. نادت على اخيها:
-
مشعل يالله .. ترى خلصت.
-
اوك .. جيبيها.

     سألت مستغربة:
-
أجيبها؟ انزين دامك بتطلع .. ليش ما تجي تلبسها وتكمل طريجك؟

     رد عليها بنبرة تهديد:
-
انتي تآمرين اخوج الكبير؟ أقول جيبيها .. لان ما ودي اخربها معاج قبل لا اروح العرس.

   تنهدت، وقالت وهي تهم بحمل ثوبه:
-
اوك خلاص، جبتها، جبتها، جبتهاااااا.

      جاءت بثوبه إليه، فأخذه منها، وارتداه، ثم أتت بالبخور، فتبخر. ثم انتظر نبراس يأتي إليه. وحين جاء نيبو ... اتصل بصديقه، يخبره بأنه واقف أمام باب المنزل، فخرج مشعل وركب السيارة، ثم انطلقا إلى عرس صاحبهما.

       وصلا إلى مكان العرس في فندق الراية، فركن نبراس سيارته بمواقف الفندق، وكعادة مشعل .. لم يستطع الصبر !فانطلق مسرعًا قبل نبراس إلى قاعة الأفراح! 

سلم مشعل على المعرس، وقبل أن يقول له أحمد " تفضل عالبوفيه " .. تفاجأ بأنّه قد ذهب إليه قبل أن يقولها له !فتعجب المعرس! وحين ذاك قال له نبراس، الذي وصل للتو:
-
لا تتعجب يا أحمد ... ترى مشعل جذي حياته! ما يفكّر إلا في بطنه.

أيده أحمد بابتسامة، قائلًا:
-
تصدق كنت اسمع هالشي .. بس الحين تيقنت صراحة. المهم اشكرك حبيبي على حضورك، وتفضل عالبوفيه.

    ذهب نبراس إلى البوفيه ... فدهش حينما رأى مشعل يحمل خمسة صحون! فقال له:
-
مشعل يخرب بيت بليسك .. خمس صحون يالظالم؟ ارحم نفسك !!!!!!
-
يا حبيبي .. باجر بطني راح ياكلها الدود! فخلني آكل اللي ابي .. دام الأكل بلاش.

    - بس يا مشعل انت قاعد تضر نفسك!!! ياخي النبي عليه الصلاة والسلام قال بمعنى الحديث " ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك " ارحم حالك.
-
عارف بس شسوي .؟! يمعود أحمد غني .. وهالاكل عمري ما شفته بحياتي! فخلني ابلعه تكفى !!!! حس فيني يابوكرش.

نظر نبراس إليه، وبعد صمت لثوان .. قال له:
-
براحتك! المهم احجز اي طاولة على ما اجيب أكلي.

ضحك مشعل، وقال له:
-
قصدك انت اللي تحجز .. لاني ما خلصت! يالله عن إذنك بشوف رزقتي.

لما انتهى نبراس .. حجز طاولة قريبة من رجل، كان جالسًا لوحده، يشرب عصير الفراولة، ومستغرقًا في تفكيره، شارد الوجه.


     وكان مشعل، في ذلك الوقت، كلما انتهى من صحن .. وضعه على الطاولة التي حجزها نيبو. ولما فرغ من جمع رزقته ... جلس بجانب صديقه، وشمّر عن ساعديه، وبدأ يأكل بيديه. فقال له نبراس:
-
ليش ما تاكل بقفشه وشوكه؟
- لا يمعود ... خلني اكل بيدي، ولا تنسى ان الاكل باليد بركة.

     سكت نبراس، وبدأ مشعل بالأكل. وبعدما فرغ من الطبق الأول، أسند ظهره على الكرسي، وقال بعدما تنفس الصعداء:
-
برتاح شوي! ثم راح اكمل على الصحن الثاني.

    حينها، لفت الرجل الذي يجلس على الطاولة القريبة منهما انتباه مشعل، فهمس لنبراس:
-
شفت هالرجال اللي قاعد بروحه؟

نظر نبراس ناحية الرجل بطرف عينيه، وقال:
-
اي شفيه؟
-
هذا حاليا مستشار كبير في إحدى الشركات الكبيرة، وكان زوج وزيرة التنمية أشواق، قبل لا يتزوجها رئيس الوزراء.

   نظر نبراس إليه، وسأله باستغراب:
-
وانت شعرفك بهالامور؟
-سر يا نبراس. المهم هو هالايام صار يلتقي فيها في مكتبها مع انها رافضه تشوفه.
- وليش انفصلوا؟

-راح أقولك بعدين!


***

     في ذات اللحظة ... كانت الوزيرة أشواق، جالسة في قصرها الكبير المطلّ على البحر، فجاءتها إحدى الخادمات، تخبرها بوجود وزيرة الشباب خارج المنزل، فاستغربت من حضورها، ثم أمرتها بإدخالها.

     دخلت وزيرة الشباب إلى غرفة الضيوف، وبعد لحظات جاءتها وزيرة التنمية، فسلمت عليها، وجلست بجانبها، فبدأت أشواق حوارها قائلة:
-
هلا بالوزيرة نوف ... تو ما نور البيت.
-
النور نورج. مشكورة على ترحيبج .. من طيب اصلج.
-
زارتنا البركة ... آمري تدللي .. أقدر اخدمج بشي؟
-
وهل اذا أحد زارج، فهذا يعني انه يبي منج شي؟

اجابتها أشواق بارتباك:
-
لا مو عن .. بس تدرين يعني كوزيرة .. اكون مشغولة طول وقتي .. وما عندي وقت حتى احك شعر راسي !فعشان جذي ما احب افتتح ديوان رسمي ...

قاطعتها نوف:
-
حتى آنا وزيرة .. والأمر طبيعي! هم لحياتنا حق، ولضيوفنا حق.

      عم الصمت أرجاء المكان، وبعد برهة كسرت نوف ذلك الصمت، قائلة:
-
بصراحة، أنا يايه عشان موضوع مهم! يعني اتمنى ما ترديني.

    سألتها أشواق بتردّد:
-
شنو هو بالضبط؟

أخرجت وزيرة الشباب من جيبها ورقة، ومدتها إليها قائلة:
-
اقريها، وبتعرفين شالمطلوب.

     مدت وزيرة التنمية يدها إلى الورقة ببطئ، وعيناها الحائرتان تحدقان في عيني نوف، فأمسكت الورقة، وفتحتها، وراحت تقرأها بإمعان! وبينما هي كذلك .. تغيرت ملامحها إلى الامتعاض! وقالت قبل أن تكملها للنهاية، رافضة:
-
مستحيل اسوي جذي! الشعب هم أساس مجتمعنا، ولا يمكن اني افرط فيهم لاجل حفنة دنانير!

ابتسمت نوف بمكر، وسألتها بهدوء:
-
يعني رافضه؟

    ردت أشواق بحزم:


-
اي نعم رافضة! للاسف اني وثقت فيج  من البداية، ومع الوقت بديت أحس انج
تخالفين اوامر رئيس الوزراء .. بس كنت أستر عليج، وأقول ممكن تتغير! بس ما توقعتج توصلين لهالدرجة!!!!

قامت نوف، وقالت:
-
اوك يا أشواق ... لكن بقول لج شغله قبل ما امشي!! يمكن يكون لغز .. بس حاولي تفكين شيفرته قبل لا يفوت الاوان !(الأركة ستهشّم رأس الحوت بأسنانها).
-شقصدج؟

    انحنت هدى إليها حتى كاد أن يلتصق وجهها بوجه أشواق، وهمست:
-
للحوت هيبة في البحر! والآركة شرسة، تفتك بفريستها! واعتقد انج تدركين مدى شراسة هالحيوان البحري. ما اقدر اوضح اكثر من جذي .. لكن اعتقد اننا ماراح نتلاقى بعد اليوم !

    اعتدلت نوف من وقفتها، وقالت قبل أن تخرج:
-
والأيام بينا. عن إذنج.

    ثم مضت إلى الباب الخارجي، فصاحت أشواق قائلة:
-
يعني تهددين؟ مو مشكلة ... انا اللي اقولج ان الايام بيننا.

ارتسمت على شفتي نوف ابتسامة ساخرة، وتمتمت:
-
مسكينة! بنتج إيمان .. راح تصير يتيمة بعد أيّام.


هناك 4 تعليقات:

  1. احس انك تبالغ شوي بروايتك ، مثل جاكي شان و خيل وكذا يعني ، اعانك الله بطرحك ووفقك اخي ، دمت بخير

    ردحذف
    الردود
    1. مجرّد خيال كوميدي .. والرّواية خياليه ليست حقيقية ..
      وجاكي شان وجت لي .. مجرّد أبطال في أفلام خياليه أكثر من أن لديهم بطولات في فنون قتاليه ..

      شكرًا لتواصلك : )

      حذف
  2. رااااااااائع حد الغرابة استاذي \سراري

    ردحذف

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )